رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

انتهى وقت «إغواء النساء»


أشرت في مقال "بيت دعارة كبير" نهاية أكتوبر الماضي، إلى تعبير ذكرته نجمة الإغراء "مارلين مونرو" في مذكراتها، حين اعتبرت أن التحرش والاغتصاب جزء من أجواء وتقاليد السينما، ووصفت هوليوود بـ"بيت الدعارة المكتظ". وقلت إن فضائح التحرش والاعتداءات الجنسية، التي هزت "هوليوود" كشفت المسكوت عنه منذ عشرات السنين، وأنه لا مكان لشرف أو أخلاق في عاصمة السينما "الأيقونية"، ومن أرادت دخول "جنة الشهرة" فعليها دفع الثمن، ومن تمتنع فعليها الانزواء حتى يطويها النسيان!.


لكن الحقيقة أن نسوة هوليوود ضربن المثل في التضامن والعمل الجمعي وتحدي سلطة الرجال خلال الأسابيع الماضية، عبر حملات إعلامية واجتماعية وتصريحات متلفزة بكثافة، وإطلاق "هاشتاجات" في التواصل الاجتماعي لحث النساء على فضح من تحرش بهن أو تعدى عليهن في أي مكان، وتوج مجهودهن الرائع بنجاح مذهل في حفل جوائز "جولدن جلوب" الذي انحاز كليا لأفلام ومسلسلات تناقش قضايا النساء توارت أمامها أعمال الرجال على تميزها.

نجاح حملتي "أنا أيضا" و"انتهى الوقت" لفضح المتحرشين والمطالبة بالمساواة على التوالي، وانتقالهما من "هوليوود" إلى أوروبا خصوصا فرنسا، يبدو أنه استفز "أيقونة" السينما الفرنسية كاترين دينوف و99 من الممثلات والكاتبات والأكاديميات، حيث نشرن رسالة مضادة في صحيفة "لوموند"، دافعن فيها عن حق الرجال في "مغازلة وإغواء النساء وإظهار الانجذاب الجنسي لهن"!!.

أبدت "دينوف" ورفيقاتها استياء من "حالة جديدة من التزمّت أو ما يشبه النزعة التطهرية تنتشر على قدم وساق في العالم". وقلن في الرسالة "كنساء لا نعد أنفسنا ضمن هذه الحركة النسوية، التي تتعدى إدانة إساءة استخدام السلطة إلى تبني كراهية الرجال والحياة الجنسية.. لقد عوقب رجال بدون محاكمة، وأجبروا على ترك وظائفهم ولم يفعلوا شيئا سوى لمس ركبة امرأة أو محاولة اختلاس قبلة".

واعتبرت "كاترين" ومجموعتها أن "الاغتصاب جريمة، لكن محاولة إغواء امرأة حتى لو بشكل مستمر أو علني، ليس جريمة، ولا يجب أن يتعرض الرجال لهجوم شوفيني متعصب".. وأجمعن على أن هذا "يخلق شعورا بأن النساء قليلات حيلة وعاجزات وضحايا دائمات"!!.

لم تكتف "دينوف" بالرسالة المفتوحة، بل نددت علنا بحملات مواقع التواصل الاجتماعي، التي تفضح الرجال المتهمين بالتحرش بالنساء.. لكن رد عليها بطريق غير مباشر البريطاني أيدي ريدمين الحائز جائزة "أوسكار" بقوله إن "هوليوود بحاجة لكم هائل من التغيير"، موضحا أن تغييرا تحقق في سبيل المساواة بين الجنسين لكن حملة مناصرة هذه القضية "تأخرت كثيرا".

وفي فرنسا انزعجت وزيرة الدولة للمساواة بين الجنسين "مارلين شيابا" من رسالة "دينوف"، وصرحت "أنه لأمر خطير أن يصاغ الموضوع بهذا الشكل.. أن الحكومة تكافح لإقناع النساء بأنهن لا يتحملن اللوم عندما يتحسس شخص أجسادهن، وبأن عليهن التوجه للشرطة لتقديم شكوى".

واعتبرت رائدات الحركة النسوية في فرنسا أن "دينوف" وغيرها "يبدون مثل العم المزعج على طاولة عشاء الأسرة ولا يدركن أن العالم يتغير".

في هوليوود أبرزت النجمة "ميريل ستريب" خطة نسائية تتعلق بكيفية تحقيق تمثيل متساو بين أعضاء مجالس إدارة شركات الإنتاج الفني العملاقة وقالت: "أتعاون مع مجموعة رائعة من الممثلات لطرح مطالبنا غير القابلة للتفاوض بشأنها، إذ نطمح أن يكون التمثيل في الإدارة العليا مناصفة بحلول عام 2020.. المساواة تعني المساواة، وإذا تحققت في المراكز العليا، لن تتكرر أساليب التحايل ولن يحدث أي تساهل بشأن التحرش الجنسي في هوليوود لو كان هناك مزيد من النساء في مجالس إدارة شركات الإنتاج الفني".

ولم يفت "ستريب" التي تروج لفيلم "the post" أن تنتقد الصحافة قائلة "صحافة هوليوود عادة سخيفة وتتمتع بالسلطة" وأصحاب هذه السلطة يسعون إلى قمع الحقيقة، ومنع الصحفيين من كتابة أخبار سلبية.

ودعت "ستريب" إلى المساواة في الأجور بين الجنسين، لأن التفاوت المبالغ فيه لصالح الرجال لم يعد مقبولا، وإذا كان المبرر أن أفلام الرجال تحقق مئات ملايين الدولارات في شباك التذاكر، فإن الوضع تغير، في 2017 الذي كان عام نسائي بامتياز، فأكثر ثلاثة أفلام حققت نجاحا وإيرادات كانت بطولة نسائية، وهي Beauty and the Beast بطولة إيما واتسون، Star Wars: The Last Jedi بطولة ديزي ريدلي، وWonder Woman بطولة جال جادوت وإخراج امرأة أيضا باتي جنكنز.

حملة "انتهى الوقت" مستمرة ضد التحرش وتطور نفسها لمزيد من تمكين وتعاضد النساء، ونتمنى أن تبادر قيادات المرأة العربية لتبني حملة مشابهة.
Advertisements
الجريدة الرسمية