رئيس التحرير
عصام كامل

"العفو عند المقدرة".. حكاية أسرة رفضت الثأر لنجلها لتغيير عادات القناوية

فيتو

يعد مركز فرشوط، شمال محافظة قنا، من أكبر مراكز المحافظة التجارية الذي تحول في فترة من الفترات إلى ساحات للحرب في الشوارع وتوقفت الحياة التجارية والاقتصادية التي كانت تعج بالأسواق الأسبوعية بالزبائن القادمين من كافة الأنحاء للبيع والشراء، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو الثأر والخصومات بين أبناء العائلات المختلفة والتي كان من أهمها خلاف السحالوة والمخالفة، الذي حصد أرواح ما يقرب من 20 شخصا من داخل وخارج العائلتين وخلف ما يقرب من 30 مصابا على مدى 4 سنوات تقريبًا.


ومن هنا كانت الجهود الحكومية بالمحافظة بالتنسيق مع مديرية الأمن ولجان المصالحات والقيادات الشعبية، لإنهاء تلك الخصومات التي كادت أن تعصف بكل شيء وتقتل الأخضر واليابس على الأرض، وتعاند قطار التنمية الذي بدأت الحكومة تطلقه في كافة قرى ونجوع المحافظة، وبدأت أولى تلك الجهود بالقضاء على أكبر تلك الخصومات بين السحالوة والمخالفة وبعدها توالت باقي المصالحات في قرى ونجوع فرشوط، بالإضافة إلى إنشاء العديد من المشروعات الخدمية الكبرى من صرف صحي ومحطات مياه شرب كبرى لخدمة القرى المحرومة.

من جانبه قال أحمد سعد جريو، عضو لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، إنه أسس مبادرة لوقف نزيف الدم والخصومات الثأرية في القرى، من خلال متخصصين وأصحاب فكر وفنانين وفرق فنية في الدواوين ومنازل كبار العائلات.

وأشار إلى أن هناك دورا كبيرا للأجهزة المعنية ووسائل الإعلام ودور الثقافة ومراكز الشباب ووزارة التربية والتعليم والجامعات ودور العبادة، حيال المصالحات وإنهاء خلافات الثأر.

جريمة وعقاب
وكانت المفاجأة والتحدي الأكبر عندما وقف النائب حمزة أبوسحلي وزوجته أماني أمام عائلتهما ورفضا الأخذ بالثأر، مطالبين بوقف نزيف الدم الذي اغتال زهرة شبابهم ابنهم الطفل صاحب الـ 15 سنة الذي راح ضحية رصاصات غادرة وهو في طريقه إلى مدرسته مرتديًا زيه ليعود غارقًا دمائه وكان عليهم وقتها التصدي أو الاستمرار في الثأر.

وقال النائب حمزة أبو سحلي، إنه تعرض إلى انتقادات شديدة من عائلته، ورفض البعض منهم أسلوبه في معالجة الأمر، وما كان منه هو وزوجته إلى أن اصطحبا أبناءهما إلى السعودية لعمل عمره والمكوث هناك قرابة الشهرين، وعاد بعدها ورفض الثأر قائلين "عفونا وربنا يوقف سلسال الدم".

وأكدت زوجته السيدة أماني أبوسحلي، أنها رفضت السلاح المقدم لها، واكتفت بالرحمة لنجلها ووقف نزيف الدم، منوهة بأنها أسست اليوم أول لجنة نسائية لمناقشة نساء قرى ونجوع الدم والنار في كافة أنحاء المحافظة، ليكون هذا افضل عمل لها تعطي منه صورة حية للقنائية التي رفضت الدم باعتبار أن المرأة الصعيدية المحرضة عليه والتي تسعي دائمًا اليه.

بلد القتيل حكايات خاصة جـدًا عن يوميات الدم في بر مصر

مشروعات خدمية
وأكد اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا، ضرورة تناول ظاهرة الثأر بدراسات متخصصة تشمل كل أبعادها ووضع الحلول لعلاجها ونشر الوعي بين مختلف فئات المجتمع لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة.

ولفت إلى أنه تم القضاء على 113 خصومة خلال 5 سنوات وقال: "نأمل في أن تصبح قنا خلال فترة قصيرة خالية من الثأر، وهو ما يعكس تغيير ثقافة المواطنين، إيمانا منهم بأن الأمن والمحبة بين الناس هي السبيل الوحيد للتنمية الشاملة في مختلف المجالات وهو ما بدأت تظهر ثماره في المحافظة بإنجاز مشروعات تنموية عديدة".

وأضاف محافظ قنا، أنه يجري حاليا إنشاء أكبر محطة مياه بفرشوط لتغذية القرى والنجوع المحرومة التي ظلت تعاني نقص المياه منذ سنوات بالإضافة إلى مشروعات الصرف الصحي والرصف والتجميل التي كلفت أكثر من 300 مليون جنيه، ودخول قرية الحاج سلام في مبادرة "حياة كريمة".
الجريدة الرسمية