رئيس التحرير
عصام كامل

"بنيات الحمام" لقمة عيش الغلابة وضيف مائدة كبار عائلات الصعيد (صور)

فيتو

"يا بت يا اللي حمامك طار... قومي اعمليله بنية.. عملتهاله سبع تدوار.. شبابيكها كلها بحرية.. رفرف ولا حط عليا.. عملت له قصر بعمدان.. عمود دهب وعمود مرجان.. وحناني كان جنة وبستان.. والدنيا وردية.. واهو راح وفاتني لوحدية" كلمات غنائية يرددها الكثير من مربي الحمام الذين يعشقون تربيته فالناس فيما يعشقون مذاهب، وتربوا على القواديس والبلاص التي كانت تضعها نساؤنا الكبار أعلى البنايات حتى يطير الحمام ويعود ليسكن بداخلها، واضعين له الغلال في تلك القواديس.


جلسات الإطعام
تقول حسناء الخلد محمد عباس، سبعينية العمر، إنها كانت تجلس مع نساء المنزل أعلى سطح المنزل، حيث يوجد بنية الحمام، موضحة "كانت بالنسبة لي نزهة صغيرة أرى فيها النور أعلى السطح وأشاهد الطير يحلق في السماء ويعود، وكنا دائما نشبه ذلك بالطير المسافر الذي سيعود إلى عشه فبنايات الحمام كانت تبنى من البلاص بشكل القباب والبعض كان يفضل بنايات الخشب، وكل شخص كان يعشق التفنن في البناء بحسب ما يحلو له".

وتروي شفيقة سالم محمود، ستينية العمر، ذكرياتها مع بنايات الحمام: "كان عشقا بالنسبة لي، وكنت أقوم بتربيته وبيعه بعد ذلك، وبالطبع الأسعار اختلفت كثيرًا عن الماضي، فزوج الحمام كان بقرشين ودلوقتي وصل 100 جنيه على ما سمعت آخر مرة اشتروه فيه في البيت أحفادي، وهناك أنواع متعددة للحمام ولكن الكثير من المواطنين يفضل الصغير الذي يتلذذ بأكل عظامه".

لقمة الغلابة
وفي بنابات قرى ونجوع قنا نجد الكثير من البنيات التي تعلو أسطح المنازل والتي تعتبر الحمام لقمة عيشهم فالتربية للبيع، وكسب لقمة العيش والتجارة.

يقول حسن عامر محمود، مربي الحمام، إنه يعشق تربية الحمام ويبيعه منذ عشرات السنين، وبالطبع من أكثر الأشياء التي تعكر صفو العمل هو غلاء الأسعار، وارتفاع أسعار الغلال، بالإضافة إلى أن الإقبال ضعيف جدا عن الماضي، ففي الأفراح يعد الوجبة الأساسية للعروسين، ففي العرس أسبوع كامل يتناولون الحمام، أما في الوقت الحاضر فالوضع اختلف كثيرًا ولم يعد الإقبال كما كان في الماضي.

وأشار يسر العوضي، أحد مربي الحمام، أن تناول لحوم الحمام كانت في المقام الأول على طاولة كبار العائلات، ومن أشهى الوجبات التي يحرصون على تقديمها وخاصة في الأفراح والمناسبات الأخرى، ولكن مع ارتفاع أسعاره تبدل الحال وأصبح غير ذلك، ولكن يظل بالطبع هو الوجبة الأولى والرئيسية لكل البيوت الصعيدية، وأغلب هدايا الصعيد تكون الحمام الصعيدي المعروف لكافة المحافظات فمربو الحمام معروفون وبخاصة في قرى الوقف المشهورة بأبراج الحمام.

اربطي رجله
تلك العلامة التي كانت تميز بها مربو ومربيات الحمام بينهم، حتى لا يختلط، وخاصة أن كثيرا من بيوت الصعيد يفضل تربية الحمام أعلى الأسطح وآخرون يضعونه في حظائر سلك.

قالت سلوى محمد حامد، بائعة حمام، إنها تضع رباطا ملونا في قدمه حتى تستطيع التعرف عليه عندما يطير ويختلط مع حمام الجيران وخاصة أنه في الفترة الأولى من تربيته قد يضع في أي مكان موجود به حمام أو أعلى أي سطح أو بنية.

وأشار صابر محمود، مربي حمام، إلى أن الحمام في الماضي يستخدم في إرسال الرسائل، إلى بلدان العالم، فمعروف أنه يجوب ويطير وقد لا يعود، حتى إن البعض كان يشبه البيوت التي يهجرها أصحابها بالطير المسافر، وكانت النساء تستخدم كلمات الرثاء مستشهدين بالحمام الذي طار إلى السماء السبع ولن يعود مرة أخرى إلى الأرض.
الجريدة الرسمية