رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية افتئات "السياحة" على الحج والعمرة


القرار التنظيمي الذي أصدرته وزارة السياحة بشأن اعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة جاءت عباراته واضحة الدلالة، ومحددة بما أجازته لوزير السياحة من وضع شروط لمباشرة بعض الأنشطة المرخص بها، دون أي ذكر أو تحديد أو تنظيم لفرض أي مبالغ مالية على متكرري العمرة خلال ثلاث سنوات.


واستحداث وزارة السياحة هذا الفرض المالي وفقًا للقرار التنظيمي مهدرًا ما أوجبته المواد 33 و35 و38 من الدستور الحالي، بشأن صون الملكية الخاصة وحماية الدولة لها، والذي يمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية الأمر الذي يكون معه القرار انتفي الأساس القانوني له، مغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية.

ويعلم رجال القانون أن ذلك القرار التنظيمي متعلق بالحق في الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وأن المشرع الدستوري بالمادة 64 من الدستور أقر في إفصاح جهير بأن حرية ممارسة الشعائر الدينية حق وقصر تنظيم هذا الحق على القانون وحده، ولم يترك تنظيمه لأي أداة تشريعية أدنى، كما لم يجز الدستور للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاع هذا الحق، ومن ثم يكون القرار التنظيمي مغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية.

كما أن الحق في ممارسة شعيرة العمرة وما يرتبط به من حرية التنقل والحرية الشخصية، يعد من الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن، والتي أوردها الدستور الحالي في باب الحقوق والحريات العامة، بأنها لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها، فضلًا عن أن القرار التنظيمي الصادر من "السياحة" لم يتم نشره بالجريدة الرسمية لإخطار المخاطبين بمضمونه حتى يمتنع الإعذار بالجهل به.

ويأتي ذلك رغم أن نشر القاعدة القانونية يعد من ضمانات الحقوق والحريات التي كفلها الدستور لتنظيم الحقوق والحريات، وأن تطبيق أي تشريع قانوني أو لائحي قبل نشره يزيل عن القواعد التي تضمنها صفتها الإلزامية التي تميزها عن القواعد الأخلاقية، فلا يكون له قانونا من وجود، وإذا ثبت عدم نشر القرار التنظيمي فإنها يكون قد صدر مفتقدا لما أوجبه الدستور من ضمانة شكلية جوهرية، حيث لا يكون له قانونا من وجود على نحو ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع الأمر الذي يهوي به إلى درجة القرار المنعدم.

وفي النهاية نؤكد أن قرار "السياحة" فيما تضمنته الفقرة 3 من الضوابط العامة من تحديد الحد الأقصى لإجمالي عدد التأشيرات المستهدف تنفيذها، بعدد 500 ألف تأشيرة منها عدد 400 ألف تأشيرة بنسبة 80 في المائة من بداية الموسم وحتى نهاية شهر شعبان وعدد 100 ألف تأشيرة نسبة 20 في المائة خلال شهر رمضان وعدم السماح بترحيل التأشيرات غير المنفذة من حصة كل شركة إلى شهر رمضان.

وكذا ما تضمنته الفقرة المذكورة من أنه وفي حالة وجود سابقة عمره خلال الثلاث سنوات الماضية يتم تحصيل "ألفي ريـال سعودي" وتضاف نسبة 50 في المائة من هذا المبلغ في حالة تكرار العمرة في ذات الموسم، مخالفا للقانون والدستور، ومغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية، الأمر الذي يصمه بعيب عدم الاختصاص الجسيم، كما أنه صدر دون نشره في الجريدة الرسمية بالمخالفة الجسيمة لما أوجبه الدستور لهذه الضمانة الشكلية الجوهرية، الأمر الذي يهوى به إلى درجة الانعدام.. وللـحـديـث بـقـيـة. 
الجريدة الرسمية