رئيس التحرير
عصام كامل

حلمي النمنم وزير الثقافة السابق: لن أصدر كتابا عن تجربتى كوزير حاليا حتى لا أجرح بعض الأسماء

فيتو

  • لن تنمو الديمقراطية في مصر إلا بـ«رفع الدعم»
  • يوسف والي كان يكره المرأة وضدها وفي انتخابات 1990 لم يرشح الحزب الوطني أي امرأة
  • الدستور الحالي لا يمنع أن يكون هناك وزارة للإعلام.. وجزء كبير من مشكلة الإعلام يتعلق بالكفاءة المهنية
  • دمج المؤسسات الصحفية القومية لن ينهي المشكلة.. ولا بد من توافق بين رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
  • وزارة الثقافة صفحة وطويت وأعتبرها فترة مهمة في حياتي
  • المنصب لن يعرض عليّ مرة أخرى وفقا للتقاليد في مصر
  • «الإسلام السياسي» يقف ضد تجديد الخطاب الديني ويعتبر الإسلام سلطة أو مشروعا سياسيا
  • بريطانيا لن تعلن الإخوان جماعة إرهابية
  • الاستبداد ليس وصفة عربية والعنصر الاقتصادى والمادى سبب التحركات في السودان
  • الجيش رمانة الميزان في دول العالم الثالث
  • رفع الدعم سيعطي المواطن حرية أكثر وسيعمق المسألة الديمقراطية ويحمى السوق
  • مدبولى وشريف إسماعيل شكرونى بعد خروجى من الوزارة
  • انتظرت قرار خروجي من الوزارة بعد واقعة دخولي المستشفى


أن تكون مثقفًا في إحدى دول العالم الثالث فهذا يعني أنك دائما ستكون على موعد مع القلق والأرق، فما بالك بـ«المثقف المسئول»، هذا ما أصبح عليه الكاتب الصحفي حلمي النمنم، بعدما تولى وزارة الثقافة لما يقرب من ثلاثة أعوام، وهي أعوام لم تكن «سمان»، وإن كان «النمنم» لا يزال يتمسك بأن الوزارة «صفحة وطويت».

خروج «النمنم» من الوزارة لم يمنعه من البقاء في دائرة الضوء، لا سيما أن إسهاماته الثقافية تجعله واحدًا من الأصوات العاقلة في المجتمع المصري، فهو لا يقف إلا على «خط الوطنية».. الوطن ومن بعده تأتي بقية الأشياء، هكذا يعمل وهكذا يكمل مسيرته. 

وزير الثقافة السابق، استضافته «فيتو» في صالونها (الثقافي – السياسي) بحثًا عن إجابات واقعية لأسئلة كثيرة، تنوعت ما بين الثقافة والسياسة والاقتصاد في بعض الأماكن، وجاءت إجابات «النمنم» لتضع نقاطا كثيرة في مواضعها الصحيحة على أحرف كانت بلا هوية، سواء تلك الخاصة بالتعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها خلال الأيام الماضية، أو رؤيته لما يحدث داخل مجلس النواب ومحاولات القيادة السياسية الدائمة لتجديد الخطاب الديني، إلى جانب الأزمات التي تعاني منها الصحافة المصرية عمومًا والمؤسسات الصحفية القومية، والتي كان «النمنم» رئيسًا لإحداها في وقت ما. 

«فيتو» وضعت على طاولة الحوار مع وزير الثقافة الأسبق أسئلة أخرى، لم يكن من الواجب تجاهلها، سواء تلك الأسئلة المتعلقة بقرار رفع الدعم المقرر تطبيقه خلال الأشهر القليلة الماضية، أو ما يحدث في الوطن العربي (الجزائر والسودان نموذجًا) ويصفه البعض بـ«الموجة الثانية للربيع العربي». 

«كنت وزيرًا».. مشروع كتاب أكد الوزير السابق، حلمي النمنم أنه سيخرج إلى النور في وقت ما، وإن كان قد قرر تأجيله «إلى حين»، وعن تفاصيل هذا المشروع ورؤيته للواقع المصري -سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا- كان الحوار التالي:

* دائما بعد الخروج من المنصب تمر على الذاكرة ذكريات ما حدث.. من ناحيتك وبعد خروجك من وزارة الثقافة هل تسترجع ما حدث أثناء توليك المنصب الوزاري وتتمنى ألا تكون قد اتخذت قرارات بعينها؟
علينا أن ندرك جميعًا أن الزمن لا يعود مرة أخرى إلى الوراء، وكل قوانين الطبيعة تجبرنا على أن نتقدم للأمام، أما فيما يتعلق بالمنصب الوزاري، فإن الفترة التي توليت خلالها وزارة الثقافة أعتبرها فترة مهمة في حياتي، وأتعامل مع الأمر برمته كونه مهمة كُلفتُ بها وانتهيت منها، وبشكل عام اعتبرها صفحة وطُويت وانتهى الأمر.

المناصب التي توليتها طوال مسيرتي أتعامل معها بالمنطق ذاته، فقد كنت قبل أن أصبح وزيرًا رئيسًا لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، ورئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، وبشكل عام إنني دائما أنظر إلى الأمام، لأنني ببساطة لو انشغلت بالماضي لن أستمر.

كما أنني أدرك جيدًا أن المنصب الوزاري لن يُعرض عليّ مرة ثانية لأن التقاليد في مصر أن المناصب لا تُعرض مرة ثانية، وأعتبر أن فترة الوزارة كنت مكلفا بمهمة وواجب وطنى وأديته وانتهى الأمر، قضيت 28 شهرا وزيرا للثقافة، الوزير في مصر يأتي بقرار سياسي ويذهب بقرار سياسي، وتفسير هذا الأمر عند صانع القرار السياسي.

*الأيام القليلة الماضية شهدت أحداثًا تاريخية لا يمكن تجاهلها ألا وهي «التعديلات الدستورية»، من وجهة نظر المواطن والمثقف كيف رأيت هذه التعديلات؟
أود أن أوجه التحية للدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، كونه استطاع إدارة حوار جاد وحقيقي في البرلمان حول التعديلات، لا سيما أنه منح مساحة وفرصة لكل الآراء أن تعبر عن نفسها، تحدث نواب من (25-30) وأبدوا اعتراضهم، وعبد العال أعطى مساحة لكل الآراء، وظهرت قيمته كأستاذ للقانون للدستوري، هذا إلى جانب أن دستور 2014، من صاغوه وضعوا فيه آلية التعديل، وآلية التعديل هي أن يطلب خمس نواب من البرلمان على الأقل بتعديل مادة أو أكثر، أو أن يطلب رئيس الجمهورية تعديل مادة أو أكثر، والحقيقة أن نواب البرلمان كثير منهم طلب التعديل أكثر قليلا من الربع، وهم نواب الأمة.

وأريد أن أشير هنا إلى أنه فيما يتعلق بنسبة المرأة في التعديلات الدستورية، فنحن اعتدنا لسنوات طويلة منذ أن دخلت المرأة البرلمان، كان وجودها في البرلمان حتى نهاية عهد السادات أشبه بالديكور، كانت تدخل نائبة أو اثنتين أو ثلاثة حتى نقول إننا منحنا المرأة حق الانتخاب، وفى وقت أن كان الدكتور يوسف والي أمينا للحزب الوطني، وكان يكره المرأة، وضدها، في إحدى المرات في انتخابات عام 1990، لم يرشح الحزب الوطنى أي امرأة على أي من المواقع وكان حزب الأغلبية واضح أن لديه موقف من المرأة، كنت في هذه الظاهرة وقتها، وكان الرد من أمين عام الحزب الوطنى حينها أن النساء لا يصلحن، ولهذا أن يكون ربع البرلمان من المرأة فهذه نقلة إيجابية في المجتمع المصرى، ونحن نتحدث عن نقلة حقيقية وتحقيق لمفهوم عدم التمييز.

«النمنم» التقط أنفاسه بينما طرحت عليه «فيتو» السؤال الأكثر إثارة للجدل، والمتعلق بـ«مدة الرئاسة» وموقفه منها، لا سيما وأنها كانت المدة الأكثر إثارة للجدل في الفترة الأخيرة، ليجيب قائلًا:
النقاش كشف عن وجهات نظر الجميع فيما يخص مدة رئيس الجمهورية، هناك من كان يتمسك بالأربع سنوات للرئيس على طريقة النظام الأمريكي، وهذا التيار لديه مخاوف من تكرار تجربة حسنى مبارك، وهناك وجهة نظر أخرى بـ6 سنوات، وفقا لما هو متبع في مصر منذ فترة، ومن جانبي لم أكن أقف في معسكر الأربع سنوات للرئيس ولم أكن أيضا مع فتحها، لا بد أن نضع عدة نقاط، الأولى أن نتحدث عن مدة الحاكم وطولها وتجربة مبارك وعلي صالح وغيرهما، أقول هل كان مبارك ديمقراطيا واكتشفنا فجأة أنه غير ديمقراطى، السلطان قابوس خلال عامين سيكون قضى نصف قرن في الحكم، ورغم ذلك حقق إنجازات وعلاقات جيدة، ومن يذهب إلى عمان سيعلم أنه محبوب للغاية في بلاده ولديه علاقات متميزة مع العالم.
محمد مرسي اتخذ قرارات في ستة أشهر لم يتخذها مبارك طوال الثلاثين عاما، فماذا لو كان استمر؟! المدة –بعيدًا عن طولها أو قصرها- تخضع أولا لوجود ضوابط تمنع الحاكم من الاستبداد وتواجه الفساد، إذا كان الشخص مستبدا سيستبد إذا حكم يوما أو عاما أو أكثر، الأهم أن يكون لدينا روادع ضد الاستبداد وضد الفساد، والتي تتمثل في الرأي العام ومؤسساته التي تعبر عنه والقوى السياسية ممثلة في الأحزاب، ولا يجب الاستسلام لمقولة إنها محسومة، الشعب كان يقول لو رشح سعد زغلول حجرا لانتخبناه، وهناك أشخاص حينها قرروا أن لا يستسلموا لهذه المقولة، وفي كل الأحوال فلنرجع للتاريخ المصرى، لدينا تجارب كثيرة، الاستبداد ليس عربيا لكنه إنساني، ولهذا أكرر قولي القضية ليست في الطول أو القصر لكن الأهم أن يكون لدينا مواد قانونية تحول دون الاستبداد والفساد.

عندما طلبنا من مبارك المغادرة رغم وجوده لثلاثين عاما تنحى، كان لدينا حكام في الماضي لا يستكمل أحدهم في الحكم أربع سنوات، كلنا نعلم أن أحد أسباب انهيار مصر العثمانية أن الحاكم يعلم أنه سيجلس من عام لثلاث سنوات فلم يفعل شيئا، وأيضا القضاء لم يكن تابعا لحاكم القاهرة، ولكنه كان تابعا لإسطنبول في عهد الدولة العثمانية.

*«مجلس النواب» كان هو الآخر مثارًا للجدل في الفترة الماضية، لا سيما فيما يتعلق بأدائه.. البعض طالبه بـ«تحركات قوية» والبعض الآخر تحدث عن غيابه الكامل عن ممارسة دوره الحقيقي.. برأيك كيف تقيم أداء البرلمان بأكبر حيادية ممكنة؟
لا يجب أن نغفل هنا أن نواب البرلمان يمرون بتجربة جديدة عليهم، قبل ذلك كان نائب البرلمان يحصل على امتيازات مادية (تخصيص أراضٍ، تعيين أشخاص في الوزارات)، كان النائب يدخل للوزير ويخرج معه موافقات على تعيين 15 شخصا أو أكثر، هذا لم يعد موجودًا، ومن الممكن أن يكون هذا الأمر خلق مشكلة للنواب مع أهالي دوائرهم، وهذا جزء، الأمر الثاني أن النائب دوره أن يراقب ويشرع فقط، وعلى كل الأحوال هذا البرلمان تنتهى مدته العام القادم، وسننتخب برلمانا جديدا.

*أزمة كفاءة أم ضرورة لإعادة وزارة الإعلام.. كونك واحدًا من أخلص أبناء الأسرة الصحفية المصرية أن يكمن الخلل في الإعلام المصري «الكفاءة أم الإدارة»؟
الدستور الحالى ودستور 2014، لا يمنع أن تكون هناك وزارة للإعلام، مشكلة الإعلام المصرى الآن جزء كبير منها يتعلق بالكفاءة المهنية في المقام الأول، إذا لم نمتلك الشجاعة والجرأة لمواجهة المشكلة والتي تتمثل في تراجع الكفاءة، وعدد الأخبار المغلوطة كثيرة حاليا، وأذكر هنا أنني طلبت من المهندس شريف إسماعيل أثناء وجودي في وزارة الثقافة أن نعلن عن جائزة للصحيفة التي يمر عليها شهر دون نشر خبر مغلوط، غير أنني اكتشفت أنه لم يكن يجوز عملها نظرا لأننا الحكومة.

الإعلام في عهد السادات ومبارك وعبد الناصر، لم يكن لديه حرية أكثر، مشكلة الكفاءة المهنية في الإعلام زادت بعد 2011، باسم الثورة أسقطت المعايير المهنية، إذا كانت قضية لائحة جزاءات نستطيع الطعن عليها لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير، أنا أتحدث قبل أن نصل للجزاءات، إذا لم نحافظ على التقاليد المهنية في الصحافة والإعلام لن يكون لها وجود اجتماعي ولن تكون مؤثرة، هناك مستقبل للصحافة لكن لا بد أن نصلح، وبشكل عام مسألة الخلاف مع الحكومة والدولة والنظام كله قابل للحل وللحوار بطرق كثيرة للغاية.

لا نزال في منطقة الإعلام المصري، وبصفتك توليت إدارة إحدى المؤسسات الصحفية القومية (مؤسسة دار الهلال) ولمست عن قُرب الأوضاع هناك.. تُرى ما السيناريو الأفضل لخروجها من أزمتها.. الدمج أم التطوير؟
سيناريو الدمج وبقية السيناريوهات المشابهة له لن تُنهي المشكلة، فـ«الدمج» يعني أن ننقل أشخاصا من مكان إلى مكان ثانٍ، وببساطة نكون قد نقلنا المشكلة من مكان إلى مكان آخر، وهذه الأزمة موجودة في الأخبار حاليا، ومن جانبي أرى أن الحل الأمثل يتكون من عدة خطوات في مقدمتها عدم التوسع في العمالة لا سيما في غير الجوانب الصحفية، إلى ضرورة الالتزام بأعلى قدر من المعايير والكفاءة المهنية في الاختيارات حتى تستطيع جذب القراء وتحقيق النجاح، نظرا لأنه إذا اجتذب القراء سيضطر المعلن أن يأتى إليه، وأكرر دمج المؤسسات القومية لن يفيد شيئا لدينا مؤسسات ذات تاريخ كبير للغاية، لا يجوز دمجها ولا بد أن تحافظ على شخصيتها، والأفضل أيضا للصحف القومية عدم الدمج بين منصبي رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة، وعندما نختارهما نراعى أن يكون لديهما تعاون وليس بينهما صراع نظرا لأن أي فشل سينعكس على الأداء بشكل عام.

*محطة ثانية لا يمكن أن يتجاهلها قطار الحوار مع «النمنم» ألا وهي محطة «تجديد الخطاب الديني» والجهود التي تُبذل في هذا السياق.. ولهذا وجهنا له تساؤلًا عن تقييمه لهذه الجهود، وحاولنا التعرف منه عن كيفية وصولنا إلى تجديد حقيقي للخطاب الديني، فأجاب قائلًا:
تجديد الخطاب الدينى به شقان؛ الأول نظري والثاني عملي، نظرا لأن الدين مختلف عن أي شىء آخر، بمعنى أن الناس تمارسه على أرض الواقع، ويمارسون عبادتهم على أساسه، وأتصور أننا في السنوات الأخيرة قطعنا شوطا في التجديد والفضل يعود في ذلك للرئيس عبد الفتاح السيسي، فالمشكلات التي كانت قائمة حول ترميم الكنائس وغيرها تم حلها، تجربة وجود الإخوان في السلطة صنعت شيئا آخر في تصور الناس للدين، بدءوا ينتبهون إلى أنهم مرتدون قناع الدين، بالتالي بدأنا نعود إلى التدين المصرى العميق وهو «ربك رب قلوب»، والمستوى النظرى في التجديد ليس مهمة المؤسسات الدينية، المطلوب من المؤسسات الدينية ليس التجديد وفى تصورى المطلوب منها أنها فقط لا تقف ضد التجديد، من يقوم بالتجديد هم من يملكون توجيه الرأي العام، النهضة في الخطاب الديني في الثلاثينيات والأربعينيات كان يقوم بها المثقفون، التعامل مع الدين في التجديد يحتاج لنوع من الحساسية، نظرا لأنه من السهل الوقوع في مرمى المتشددين.

*«أعداء تجديد الخطاب الديني».. تزامن ظهور المصطلح هذا مع المحاولات التي بدأت الدولة في اتخاذها لتطوير الخطاب الديني.. هل تؤمن فعليًا أنه هناك من لا يرغب في التجديد والتطوير؟
بالطبع هناك من يرفضون تجديد الخطاب الديني.. الإسلام السياسي هو من يقف ضد التجديد، لأنه يسعى إلى تحويل الإسلام إلى سلطة وإلى مشروع سياسي، الإسلام السنى ليس فيه ذلك الأمر، الفرق الجوهري بين السنة والشيعة، المسلم الشيعي يقول لا إله إلا الله والمسلم السني أيضا، الخلافات في أشياء تفصيلية في رؤيته للصحابة، والشيعة يعتبرون الإمامة جزءا أساسيا، في السنة لا مكان لذلك، أما الإسلام السياسي فهو قائم على فكرة أن تكون هناك فكرة الإمامة أو الخلافة، بالتالى ليس من مصلحة الإسلام السياسي أن يحدث أي تجديد للخطاب الديني نظرا لأنه سيكشف مشروعهم، ومن الواجب إدراك أن «الإخوان» لم يموتوا، هم ابتعدوا عن السلطة فقط، لكنهم موجودون خارج مصر، الإسلام السياسي في جوهرة تصنيع غربي ومحتضنه الغرب، والإخوان لن يعودوا مرة أخرى، والإسلام السياسي ظهر مع صعود الدولة العثمانية، وبريطانيا كانت منزعجة فتم تخليق مشروع الإخوان لمواجهة هذا الحركة، ومن يتصور أن بريطانيا ستعلن الإخوان جماعة إرهابية أقول إنه من المستحيل أن تعلنها لأنها توظفهم في المنطقة لأداء أغراض معينة.

*السودان.. الجزائر.. ما يحدث هناك يصفه البعض بـ«الموجة الثانية للربيع العربي» إلى أي مدى تتفق مع هذه الرؤية؟
بشكل عام وكما أشرت مسبقًا فإن «الاستبداد ليس وصفة عربية، ولكنه وصفة إنسانية وأيضا الفساد ليس وصفة عربية»، والثورات وطلب الحرية ليس وصفة عربية، ما يحدث في السودان والجزائر مثلما يحدث في فنزويلا، وأيضا ما يحدث في فرنسا مع ماكرون ماذا يسمى كل ذلك، وأيضا أوروبا الشرقية، أتصور أن العنصر الاقتصادي والمادي هو الأساس، الإخوة في السودان لم يضجوا من البشير عندما انفصل جنوب السودان، لكنهم ضجوا عندما ارتفع سعر الخبز 3 مرات، موضوع السودان اقتصادي، الجميع يعلم البدايات لكنهم لا يعلمون النهايات، لا أستطيع أن أقول إننا إزاء موجة جديدة لـ«الربيع العربي» لكننى أستطيع أن أقول إن هناك حالات معينة، الرئيس الجزائرى كان ينبغى أن يقول شكرا ويجنب الشعب ما حدث، ما يحسم الأمور في كل الدول هي المؤسسة العسكرية، ويؤكد لنا أن الجيش لعب دور رمانة الميزان داخل الدول، عماد الدولة الوطنية في دول العالم الثالث هو الجيش.

*نعود مرة أخرى إلى الداخل المصري، وفي ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته حكومة المهندس شريف إسماعيل، وتستكمله حاليًا حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، كيف ترى الاتجاه إلى قرار «رفع الدعم نهائيًا» المنتظر خروجه إلى النور خلال الفترة المقبلة؟
أتمنى أن يأتي وقت رفع الدعم، الدعم الذي بدأ في ستينيات القرن الماضي جاء بفلسفة «المقايضة» بمعنى أنني كنظام أو حكومة سأمنحك الأكل والشرب والسكن والدعم مقابل عدم مشاركتك في السياسة، وبالتالي أتصور أن رفع الدعم سيعطى المواطن حرية أكثر، وسيعمق المسألة الديمقراطية، النقطة الثانية أن رفع الدعم يحمى السوق، نظرا لأنه في وجوده تكون هناك تجارة جانبية وتعدد الأسعار، عندما يرفع الدعم ستستطيع الحكومة دفع مرتبات جيدة للموظف، وتعطى أجورا عادلة ويبقى الدعم في أشياء أساسية مثل مشروع التأمين الصحى، بأن يكون هناك تأمين صحي على المواطن، إذا توفر للمواطن تأمين صحي مناسب وسكن مناسب وأيضا راتب مناسب فما الذي يحتاجه بعد ذلك، سيبدأ في البحث عن الحقوق السياسية، ولهذا أقول دائما أن الدعم تسبب في تأخر العملية الديمقراطية في مصر كثيرا، لأنه يجعل العلاقة بين المواطن والدولة ليست علاقة سيد بسيد على الإطلاق، ولهذا أقولها: «لن تنمو الديمقراطية إلا مع رفع الدعم».

*هناك اتهام يوجه للوسط الثقافي بأنه أصبح عنصرًا خاملًا في المعادلة الوطنية المصرية.. برأيك ومن واقع خبرتك ما الذي تحتاجه الثقافة في مصر لكي تنشط؟
الأساس هو التعليم، وخاصة التعليم الأولى، والاهتمام بالمواد الثقافية أكثر، فعلى سبيل المثال يجب أن يكون منهج التربية قائمًا على الدين إلى مجموعة من القيم الإنسانية، وبشكل عام الثقافة أكثر شيئا ديمقراطي.

*لا نزال في مربع الثقافة والتعليم.. وماذا عن «جوائز الدولة» التي تطاردها اتهامات بعدم حياديتها وشفافيتها وأنها تذهب لشخصيات بعينها؟
جوائز الدولة بالترشيحات وليس التصويت، دور المجلس الأعلى للثقافة والوزارة التصويت على المرشحين، ولكن الأساس من الذي يرشح، وأريد أن أشير هنا إلى أنه من الوارد أن يحصل شخص على جائزة ويخرج من يقول إنه لا يستحق، نجيب محفوظ عندما حصل على جائزة نوبل خرج يوسف أدريس ليؤكد أنه أحق بها منه.

قبل أن يوشك قطار الحوار على الوصول إلى محطته الأخير.. بصراحة هل ندمت على قبولك منصب وزير الثقافة؟
بنبرة هادئة وواضحة: لا أحد يندم على واجب وطنى، أنا فخور أنى بدأت حياتى العملية بمجرد تخرجي من الجامعة جنديا في القوات المسلحة في شمال سيناء، ومشيت سيناء على قدمى خطوة خطوة وأعرف فيها كل شبر، وسعيد أنى قضيت حياتى كيفما أريد، ولا توجد أي غضاضة في نفسي تماما، وعندما تركت المنصب الوزاري تحدث معي رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى نصف ساعة ووجه لى الشكر، ثم حدثني المهندس شريف إسماعيل.

*كما جرت العادة.. هل من الممكن أن يصدر حلمى النمنم كتاب «كنت وزيرًا»؟
ليس حاليا، نظرا لأن هناك أمورا لو ذكرتها ستكون جارحة لبعض الأسماء، كنت أعلم أشياء قبل تولى منصب الوزير لكننى لم أكن أتصور أن الأمور ستكون بهذا الوضوح، عندما دخلت المستشفى لمرضى في سبتمبر قبل مغادرة منصب الوزير وخرجت علمت أنه في كل يوم كان من المفترض أن أغادر الوزارة، بالتالى كل يوم بعد سبتمبر بعد خروجى من المستشفى كنت أعتبر أنه يوم إضافي لى في الوزارة، أنا لا أعتبر أنى توليت منصبا لكنى كنت في واجب وطنى.

*أخيرًا.. فيما يتعلق بالكاتب حلمى النمنم بعد أن تخلص من المنصب التنفيذي هل سيعود إلى الكتابة من جديد؟
انتهيت بشكل شبه كامل من كتاب عن الدكتور طه حسين وتجربته وعلاقته بثورة يوليو، وبدأته من منتصف الأربعينيات، وهو كتاب يحتوى أفكار وحياة طه حسين ودوره منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى أن توفاه الله، وهناك كتاب ثانٍ تأخرت في إنجازه وهو عن 1517 وإسقاط الدولة المصرية، وأفسر فيه لماذا يحتضن أردوغان الإخوان ولماذا يتخذ هذا الموقف المعادي للمشروع الوطني المصري.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية