رئيس التحرير
عصام كامل

شيماء رءوف تكتب: سلام طيب وفرع ريحان

شيماء رؤوف
شيماء رؤوف

غائبي الحاضر..
سلامًا طيبًا.. وبعد
أكتبُ اليكَ طويلًا
أسترسلُ في الحديثِ
أحكي لكَ عن كلِّ شيءٍ في يومي
وقفَتي صباحًا في شرفتي التي تملؤها رائحةُ الريحانِ

لأسقي نبتتي التي زرعتُها..
وإناءُ فخارٍ متآكلة أطرافهُ أملأُهُ ماءً
لتشرَبَ منه حمَاماتُ أمّي، أراقبهُ عن كثبٍ يوميًًا.. سعادةٌ غامرة تحيط بقلبي عندما أفعلُ ذلك..
لكنّي لطالما سألتُ نفسي ما الذي يبقيهِ هنا لدينا؟!
لماذا لم يهرب؟!
لو أنّي لديَّ جناحين قوييّن جميلين على طولِ ظهري!
ما ينقص من العالمِ لو مُنِحْت ذلك؟!
سأفارقُ حتمًا كل الأشياءِ الموجعةِ حينها..
القفص
الإناء الفخّار
ونبتة الريحان اللعينة آسرتي..
أستندُ إلى الشرفةِ
أرمقُ المارّة وعابري السبيل..
هل تعلم؟ أسمّيها ردهتي التي تأخذني إلى السماءِ
تصبحُ جميلة جدًا في الليلِ..
لوحةٌ زرقاء منثور على سطحها قطع من الزجاجِ المكسورِ الذي يلمعُ بشدة، أسرحُ فيه.. أرتّب النجوم وأرسُمَك
آهٍ.. لو ثمّة ردهة أخرى هنا في هذا السجن تأخذني إليك..
أتساءلُ دائمًا إذا ما كنتُ أرغب في أن أكونَ معك أم أنّك ستكون مثل كل آنيةِ الريحان التي لم أعد أطيقها هنا؟!..
حسنًا
لربما أنا من اشتريتُ الآنية وقمتُ بزراعتها، لكنّه شقَّ عليّ جدًا أن تطلبَ عنايتي كُل يومٍ..
أشعرُ أنّها تستعبدني يا رجُل!
تُخْرِجُ لِسانها لي كُل صباحٍ.. إنها قد أيقظَتني من نومي وأتت بي منكبّة على وجهي لأسقيها رغمًا عنّي، لربما ليس رغمًا عنّي تمامًا
.......
شيء ما فيّ يشعرُ بالانتماءِ لتلكَ الآنية
يومًا أسقيها مجبرةً كارهةً
أستيقظُ في صباح اليومِ التالي فأغنّي لها بينما أغمُر جذورها بالماءِ
ويومًا آخر أقرر أن أتركَها بلا ماء فأشتاقها!
أكتبُ طويلًا لكنّي لمْ أرسلُ يومًا شيئًا إليكَ.. أكتبُ الرّسائِلَ وأمزّقها.. لا أعلمُ لربّما خشيتُ أن تأخذني إليكَ كأوراقِ الريحان، ولا أستطيعُ أن أتركك أبدًا..
قد أرسلُ إليكَ يومًا كُل ما يجولُ بخاطري..
وقد أبقى أكتبُ لكَ فقط (كيف حالك) كما أفعلُ الآن..
إلى أن يحينَ الوقتُ
سلامًا طيّبًا وفرعَ ريحان
الجريدة الرسمية