رئيس التحرير
عصام كامل

الجهر بالجهل!


زمان كان البعض يخفون أو يغطون جهلهم حتى لا يفتضح أمرهم بين الناس.. لكن اليوم تغير الحال، وصار بعض من يجهلون يجاهرون بجهلهم وربما يتفاخرون به أحيانا!


انظروا للتحليلات التي تتناول ما تشهده كل من السودان والجزائر وليبيا الآن.. معظم هذه التحليلات تفتقد أساسا للحد الأدنى الضروري من المعلومات حول أحداث هذه البلاد وتطوراتها بكل تضاريسها السياسية والاجتماعية المتداخلة والمتشعبة.. وأسهل شيء يلجأ إليه بعض أصحاب هذه التحليلات هو استحضار الحالة المصرية في الذهن والقياس عليها أو ترتيب مواقفهم تجاه أحداث هذه البلاد العربية الثلاث على أساسها.

مثلا.. فمن لديه مشكلة تجاه القوات المسلحة وكل من له خلفية عسكرية في مصر يعادى الجيش الليبى ويرفض ما قام به مؤخرا في عملية تطهير طرابلس من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، دون التنبه إلى أن ما يقوم به حفتر الآن يَصْب في خانة حماية كيان الدولة الوطنية الليبية ووحدة أراضيها ويضعف الكيانات والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الدولى للإخوان.

وفى المقابل من يمنح تأييده الكامل والمطلق للقوات المسلحة يؤيد المجلس العسكري في السودان وينتقد مطالب الحراك السودانى الخاصة بالحكم المدنى، دون التنبه إلى أن البشير وحزبه الدينى المنتمى لتيار الإسلام السياسي والمتعاطف مع الإخوان كان يسيطر على الجيش السوداني وقيادته.

باختصار معظم من يفتون في أمور الجزائر وليبيا والسودان يجهلون أساسا ما مرت به هذه البلاد، خاصة في السنوات الأخيرة، ظروفها الحالية، ويقيسون أحوالها على ما مرت به مصر من قبل، ويستحضرون مواقفهم المسبقة تجاهها.. ومع ذلك هم يجاهرون بجهلهم دون خجل!

ربما يكون هناك ما تشترك فيه هذه البلاد الثلاثة مع بعضها البعض ومع مصر، وهو خروج المواطنين إلى الشوارع وأيضًا سعى العديد من القوى والأجهزة والدول للتدخل في شؤونها.. ولكن كل بلد له ظروفه الخاصة وأوضاعه الخاصة، ومن يريد أن يتصدى بالتحليل لما تشهده كل بلد منها يتعين أن يتخلص من جهله بهذه الظروف والأوضاع ويكون لديه معلومات حولها ليتسنى له الحديث عنها.. أما المجاهرة بالجهل على هذا النحو فهي أمر مخجل ومؤسف.
الجريدة الرسمية