رئيس التحرير
عصام كامل

موساد وإخوان.. تونس تستنفر أمنيا لإنجاح القمة العربية

 الدورة العادية الثلاثين
الدورة العادية الثلاثين للقمة العربية

تستعد تونس لاحتضان الدورة العادية الثلاثين للقمة العربية، قمة سيحضرها عدد كبير من القيادات والمسئولين الكبار على مستوى الوطن العربى، واستنفرت وزارة الداخلية هناك كل فروعها لتأمين فعاليات القمة العربية، حيث وضعت مخططات أمنية محكمة، ورفعت درجة الأهبة الاستثنائية ونشرت عناصرها في مختلف جهات الدولة.


وبحسب بيانات أمنية، تنتشر عناصر الشرطة بمختلف محاور طرق العاصمة تونس، لا سيما في منطقة انعقاد القمة، وذلك بهدف تيسير عبور المواطنين وتسهيل حركة المرور، إلى جانب إجراء عمليات الرقابة والتفتيش على وسائل النقل والأشخاص.


وتسعى الدولة التونسية جاهدة لإنجاح القمة العربية المقبلة، لكونها تأتى فى متزامنة مع قضايا إقليمية ملحة تفرض على الجميع التكاتف والتلاحم لمواجهة المؤامرة التى تستهدف الأمة.

 

جهاز النهضة السري

وبالرغم من جاهزية الأمن التونسي للمهمة الصعبة، تبقى هناك على الأرض معضلة حقيقية، حيث تعاني تونس من استهداف جماعة الإخوان التى تسعى للسيطرة على مفاصل الدولة وإجهاض خططها الرامية للاستقرار، وكشفت سلسلة أحداث متلاحقة مؤامرة حركة النهضة -الإخوان- على الأجهزة الأمنية والسيادية عقب ثورة 2011، وسقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن على.

ومؤخرا، أعلنت النيابة العامة في تونس فتح تحقيق واسع بعد نشر معلومات ووثائق تكشف عن وجود جهاز سري لحركة النهضة التونسية، كان على علاقة بالإخوان في مصر، وضلع في اغتيالات سياسية لرموز معارضة تونسية خلال الأعوام التالية للثورة إبان حكم هذه الجماعة الإسلامية.

وأثيرت قضية الجهاز السري لحركة النهضة، في شهر أكتوبر الماضي، عندما كشفت هيئة الدفاع عن السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عن وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك حركة النهضة لجهاز سرّي أمني مواز للدولة، متورط في اغتيال بلعيد والبراهمي عام 2013، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب.

وكانت هيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين ونائبي البرلمان، الذين قتلوا في عام 2013، قد عقدت مؤتمرا صحفيا فجر جدلا واسعا في تونس، إذ كشف عن معلومات جديدة، فيما اعتبرت الحلقة المفقودة وراء الاغتيالات السياسية التي جرت خلال الأعوام الأولى من الثورة، بحسب تقارير محلية.

وفى مارس الماضى، قال الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إن ملف جهاز الاغتيالات السري لحركة النهضة أصبح يهدّد الأمن القومي للبلاد، داعيا المجلس إلى ضرورة اتخاذ موقف بهذا الخصوص دون التدّخل في عمل القضاء.

وعبّر السبسي، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، عن امتعاضه من ملف الجهاز السري لحركة النهضة، بعد أن أصبح مطروحا بقوة في وسائل الإعلام ومحل نقاش لدى الرأي العام، وبات القضاء بسببه مستهدفا، قائلا: "لا يجب أن نتوقف عند هذه النقطة، هذا استهداف للأمن القومي، ويجب أن ننظر في الملف ونتخذ موقفا في ذلك، لكن هذا لا يعني أنّنا قضاء موازٍ

اختراق الموساد

الفوضى التي تسببت فيها عناصر الجماعة والتيار السلفي عقب الثورة، ساعدت بشكل ما أو بآخر على تنفيذ عملية اغتيال قامت بها عناصر الموساد الإسرائيلى، نهاية عام 2016، حيث نفذت عناصر الجهاز عملية تصفية بحق المهندس محمد الزواري، صانع طائرة أبابيل.

وفى نوفمبر 2017 أكدت حركة حماس، أن الموساد الإسرائيلي يقف وراء عملية اغتيال الطيار المهندس التونسي، أمام منزله بصفاقس، كما اتهمت الحركة الموساد الإسرائيلي، بالوقوف وراء عديد من الاغتيالات في تونس وفي أماكن أخرى من العالم.

وقالت حماس حينها: إن التحضير اللوجستي لاغتيال الزواري بدأ قبل 4 أشهر من الاغتيال، وتم استخدام شركة وتجنيد أشخاص وتأجير شقتين، وشراء هواتف واستئجار سيارات، وأنه كان هناك رصد للشهيد الزواري إلى أن تم إحكام كل المعلومات اللازمة، فجاءت مرحلة التحضير اللوجستي لعملية الاغتيال.

ولفتت إلى أن منفذين رئيسيين يحملان الجنسية البوسنية نفذا عملية الاغتيال المباشر للشهيد الزواري، وتم نقلهما بعد تنفيذ العملية من ميناء صفاقس بواسطة مركب يقوده بحاران أوروبيان.


كتيبة عقبة

بعيدا عن الموساد وجهاز النهضة السري، يطفو تنظيم أنصار الشريعة على سطح الشواغل الأمنية في البلاد، عند الحديث عن الجهادية، لا تركز التحليلات عادة أيضا على كتيبة عقبة بن نافع، واكتفى العديد من الباحثين بالإشارة إليها في مقالات حول تنظيم القاعدة رغم أن هذا الفرع المحلّي لتنظيم القاعدة هو الأكثر نشاطا في البلاد، حيث يقف وراء أغلب الهجمات الإرهابية الدموية التي استهدفت الدولة خلال السنوات الماضية.

كانت أولى العمليات الإرهابية التي تبنتها كتيبة عقبة بن نافع في ديسمبر 2012، عندما تم قتل الوكيل بالحرس أنيس الجلاصي في مدينة القصرين، ثم تلتها عدة عمليات بين 2013 و2015، ثم اختفت المجموعة لأكثر من عام، وعادت إلى الظهور في أغسطس 2016 عندها تبنت مقتل 3 عسكريين وإصابة 9 آخرين في جبل سمامة بمدينة القصرين على الحدود مع الجزائر.


الصراع السياسي

أيضا تشهد البلاد حالة خلاف سياسي بين السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، عقب استقواء الأخير بحركة النهضة أمام رأس الدولة.

دافع الشاهد عن تحالفه مع حركة النهضة، قال إنه وجدها في الحكم قبل وصوله إلى رئاسة الحكومة، وأن على من يريد استبعادها من السلطة، أن ينتصر عليها في الانتخابات، حسب تعبيره.

وخلال حديث له الشهر الجاري، وصف الرئيس التونسي الوضع في البلاد بأنه خطر، وأنه قد تم السطو على صلاحياته بصفته رئيسًا من قِبل الحكومة، مشيرًا إلى أنّ الكثيرين غير مرتاحين لوجوده في مؤسسة الرئاسة. ودعا السبسي إلى تعديل الدستور بما يحجم صلاحيات رئيس الحكومة، مشيرًا إلى خلاف وقع بين مؤسّسة الرئاسة والحكومة وبعض الكتل السياسية.

أضاف السبسي أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يستشره عندما قرّر إجراء التعديل الوزاري، وذهب إلى البرلمان قبل المرور بالرئاسة، ما يعد أمرًا مخالفًا للدستور، لافتًا إلى أنّ بعض الأحزاب انسحبت من وثيقة «قرطاج 2» التي حاول من خلالها توحيد التونسيين.


نجاح القمة

خلاصة ما سبق رغم صورته الضبابية، يرى مراقبون أن الدولة التونسية قادرة على إنجاح القمة في دورتها الثلاثين التي تحتضنها يوم 31 مارس المقبل، للعبور بسفينتها إلى بر الأمان وسط بحر هائج بأمواج الأزمات الإقليمية آخرها اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان السوري.



الجريدة الرسمية