رئيس التحرير
عصام كامل

تقرير «الأهرام للدراسات»: احتمال نشوب حرب إيرانية إسرائيلية عام 2019

شعار مركز الأهرام
شعار مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية

كشف التقرير الإستراتيجي العربي الجديد، الذي أصدره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عددا من التوصيفات والتحليلات المهمة، التي تعتبر بمثابة «إنذارات مبكرة» على المستوى المحلي والعربي، وكيفية التعامل معها في عام 2019.


مصر والأزمات العربية
وثمن التقرير اشتباك السياسة المصرية مع الأزمات العربية، بدرجات متفاوتة وعبر آليات متعددة، استنادًا على عدد من الركائز منها الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية، ومراعاة اعتبارات الأمن القومي العربي والأمن المصري، ورفض الحلول العسكرية والتدخلات الخارجية، ودعم الجهود الأممية الساعية إلى تحقيق تسويات سياسية سلمية، وفقا للمرجعيات الدولية، والمشاركة قدر الإمكان في تقديم الدعم الإنساني للنازحين في مناطق الصراعات، وتقديم التسهيلات للقادمين من بلدان الأزمات للإقامة في مصر إلى حين انتهاء توافر ظروف العودة لبلدانهم مرة أخرى، ورفض مبدأ إقامة معسكرات خاصة بهم على الأراضي المصرية.

ويرى التقرير أن مصر تحرص على عدم الوقوع في استقطاب سياسي يفرض قيودا، أو يحول دون الالتزام بقدر من الحياد الإيجابي الداعم للتواصل مع الأطراف كافة ذات الصلة بالأزمة، وهو ما سوف تلتزم به مصر في تفاعلاتها الإقليمية والدولية لأعوام مقبلة وليس عام 2019 فقط.

أزمة ثقة
أما الأزمات الدولية وانعكاساتها على الأزمات العربية، وبصفة خاصة في سوريا واليمن وليبيا، في ظل الازدياد النسبي في الجهود المبذولة لتسويتها، فيري التقرير أن ما يحدث من تقلبات دولية يربك مسار الأزمات العربية، في ظل معاناة العالم من أزمة عدم ثقة عميقة، سواء في العلاقات بين دوله، بما في ذلك الحلفاء القدامى، أو للتفاعلات الداخلية بين الحكومات والشعوب في مختلف أنحائه، وعلاقة هذه التحولات بتسارع التطور التكنولوجي من ثورة الاتصالات اللانهائية، إلى الثورة البيوتكنولوجية، وتحولات أنماط الحياة، والاقتصاد والمجتمع، عبر تداخل أنظمة السلع والخدمات والسكان، وتوسع الرقمنة ومن ثم الاقتصاد الجديد، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويشير التقرير إلى محدودية فرص تهدئة الأزمات العربية، وصعوبة تصور وجود فرصة لوضع الأزمة السورية على طريق حل سياسي، يقوم على درجة عالية من اللامركزية، ويحافظ على وحدة سوريا في الوقت نفسه، ويوضح التوصل إلى حل سياسي للأزمتين اليمنية والليبية أقل صعوبة نسبيا، ولكنه أشار في الوقت نفسه، إلى أن تأثير الصراع الإقليمي بين المحورين الإيراني والسعودي في الأزمة اليمنية أقوى منه في الأزمة السورية، بجانب انعدام الثقة بين الأطراف الداخلية الموالية لكل من المحورين.

ويكشف التقرير عن جملة من العقبات التي تعترض مهام مبعوثي الأمم المتحدة في بؤر الصراعات، الليبية والسورية واليمنية، الرامية لإجراء مفاوضات بين الأطراف المباشرة لتلك الصراعات، على رأسها سيولة الصراعات، وتبدل التحالفات المحلية والإقليمية، والانقسام داخل النخبة السياسية، والخلافات بين الرموز السياسية والعسكرية، ووجود قوات عسكرية لدول أخرى، وجماعات مسلحة غير نظامية، ومنظمات إرهابية عابرة للحدود، وهو ما يجعل الأفكار والمبادرات التي يطرحها كل مبعوث لا تسير على النحو المنشود، إلا في وجود ضغوط دولية على الأطراف العربية.

ويعتبر التقرير أن هناك احتمالين رئيسيين تجاه ما يجرى، إما أن تدخل الأزمات العربية الساخنة في مرحلة جمود تنطوي بطابعها على تهدئة نسبية، كما حدث في سوريا عام 2018. وإما أن يحدث تصعيد عسكري أو تزداد حدته، مستندا على مسار الصراع الإسرائيلي الإيراني في سوريا، الذي توسع منذ عام 2016، واستهدافها مواقع تقول إنها تمثل تهديدا إيرانيا لأمنها (مخازن أسلحة، ومصانع لتطويرها، وقوافل تحملها إلى لبنان).

التصعيد الإسرائيلي
ويرهن تقرير الأهرام للدراسات، شن هجوم عسكري إسرائيلي ضد المواقع الإيرانية في سوريا، بالتوصل إلى تفاهم روسي أمريكي، يعطي إسرائيل الضوء الأخضر لذلك، ولكنه يرجع حدوث مثل هذا التصعيد على حسم نخبة الحكم في إسرائيل، ويشير إلى أن احتمال نشوب حرب إيرانية إسرائيلية عام 2019 أكبر من أي وقت مضى، دون أن يعني هذا أنه مرجح، ولكن يظل، أكبر من احتمال شن حرب على غزة، في ضوء اتجاه حركة حماس إلى التزام الحذر، وعدم خوض مغامرة مكلفة جديدة، وإعطاء أولوية للسعي إلى تفاهمات غير مباشرة مع إسرائيل تتيح لها إحكام سيطرتها على القطاع، والتطلع إلى حلول جزئية لبعض مشاكله المتفاقمة.

ويرى التقرير أن احتمال إعلان إدارة ترامب، خلال عام 2019، مبادرتها المنتظرة بشأن حل الصراع الفلسطيني، والمعروفة إعلاميا باسم «صفقة القرن» قد يغري حركة حماس بتفضيل مواصلة السعي إلى التهدئة، وانتظار تفاقم مأزق السلطة وحركة فتح في حال تقديم واشنطن مبادرتها السلمية، ومن المرجح أن تسعى حماس إلى استثمار مأزق السلطة، بعد أن طغى الصراع الداخلي في الساحة الفلسطينية على الصراع ضد إسرائيل.

بقاء خطر التنظيمات الإرهابية
يحذر مركز الأهرام للدراسات السياسية، من بقاء خطر التنظيمات الإرهابية على الاستقرار الإقليمي، ويوضح أن تفاعلات 2018 تؤكد أن خطر الإرهاب لا يزال مهددا للأمن الدولي والاستقرار في الشرق الأوسط، على الرغم من الخسائر الميدانية التي تعرض لها أقوى التنظيمات في السنوات القليلة الماضية، وهو تنظيم داعش.

ويرى أن خطر إنشاء نموذج دولة الخلافة لم يعد قائما، غير أن التنظيم والفكرة ما زالا موجودين، لاسيما في المناطق المتاخمة للحدود بين العراق وسوريا، فضلا عن محاولة فروع التنظيم البحث عن مناطق استيطان جديدة، في الوقت الذي تظهر مؤشرات على ثقل جديد لتنظيم القاعدة في مناطق مختلفة، بخلاف ظهور أنماط للإرهاب بلا قيادة، والإرهاب العائلي.

ويعتبر تقرير الأهرام للدراسات، أن هناك مجموعة من التحديات التي تؤدي إلى ازدياد خطر التنظيمات الإرهابية في عام 2019، على رأسها ظهور التنظيمات الهجين، والتي تنشأ بفعل انتقال عناصر من أحد التنظيمات إلى تنظيم آخر، سواء لأسباب شخصية أو عقائدية أو اضطرارية، وكذلك صعوبة الحصول على معلومات استباقية، وتداخل الدوافع المحلية مع الأسباب العالمية، وتزايد وتضارب مصالح الدول في دعم التنظيمات الإرهابية.
الجريدة الرسمية