رئيس التحرير
عصام كامل

عادل عصمت لـ«فيتو».. «الوصايا» حققت كل أحلامي في الكتابة.. ووصولها للقائمة القصيرة للبوكر أسعدني.. أعيش كروح هائمة وقت الكتابة.. ولن أحزن لو لم أنشر أي قصص أخرى في المستقبل

 الروائى الكبير عادل
الروائى الكبير عادل عصمت

ظلت "تناغشه" سنوات عمره، عصية تأبى الخضوع لقلمه، تأتيه بهمساتها وصورها بين الحين والآخر، ذكريات محملة بروائح الأحباب وما فيها من حلاوة أيام المرح واللهو والانطلاق، لم يدرك صاحب «حكايات يوسف تادرس» و«حالات ريم» و«صوت الغراب» آنذاك أن قلبه سيضنيه دلالها، وعقله سيهيم بأغوار تفاصيلها.


عاش الروائى الكبير عادل عصمت مجذوبا بها ولها، حاول أن يهدهدها مرارا دون يأس، حتى افترشت بين كفيه، معلنة التحرر من أخيلة العقل إلى أحبار المطبعة.. تلك هي حكاية رواية «الوصايا» الصادرة عن دار الكتب خانة، آخر أعمال الروائى الكبير عادل عصمت، والتي حلقت مؤخرا بالقائمة القصيرة للجائزة العالمية العربية البوكر.

الخفة
الروائى عادل عصمت، كشف عن سر شعوره بـ«الخفة» بعد كتابته لروايته الأخيرة «الوصايا»، والتي وصلت مؤخرا -للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية- بأنها حكايته في الحياة، قائلا: «إن كل كاتب في الدنيا له قصة أساسية في حياته، فالكاتب ليس خط إنتاج للروايات، ولكن لديه قلق وقصة إذا لم يكتبها تظل حياته وأعماله ناقصة، فـ«الوصايا» حكاية عائلة مصرية، حفرت في قلبي وأنا طفل بسبب حكايات جدى لعوالم لم أشاهدها، ففيها حكايات من الثلاثينيات لم أعشها، لأني من مواليد 1959، وتدور أحداثها بكارثة تقتحم حياة أحد الأسر المصرية في سنة 1933 وقت الأزمة الاقتصادية الكبرى في القرن العشرين، والتي أطلق عليها «الكساد الكبير أو الانهيار الكبير» بعدما انهار سوق الأسهم الأمريكية، ودمرت كل الدول تقريبا الفقيرة والغنية أيضا، وهذه الأسرة المصرية فقدت أرضها بالكامل تبعا للأزمة الاقتصادية، وتبدأ المشكلات وتتسارع الأحداث وتتغير ظروف تلك الأسرة الريفية، أيضا هناك صراع بين محاولات ترميم الجراح والانفصال عن العائلة».

التحدي الأكبر
وأوضح عصمت، أن كتابة «الوصايا» كانت بالنسبة له التحدى الأكبر، بعدما عجز عن كتابتها، قائلا: «فشلت طوال سنين كتاباتى أن أفرغها على الورق بالشكل الذي يرضينى، على الرغم من أننى كتبت قبلها روايات حصلت على جوائز وروايات أحبها الناس، ولكن ظل يرافقنى إحساس بأن هناك شيئا مفقودا، وبعدما كتبتها شعرت بالأريحية، وبالتحرر من عبء ومسئولية كانت تثقل كأهلي، وقلت «أصبحت أكثر خفة بعد كتابة الوصايا» لأني بكتابتها شعرت بالحرية، وأنجزت مسئوليتى تجاهها، وكنت أريد تجسيد هذا العالم بكامل مذاقه وحيويته ورغبته في تخطي الأزمة وتحقيق الإنجازات وليس مجرد سرد لحياة عائلة، وبذلت أقصى جهدى ولا أعلم إذا كنت نجحت أم لا».

روح هائمة
«كل كاتب لديه حكاية لا يعرف غيره أن يحكيها، وإذا لم يكتبها تظل روحه حائرة هائمة إلى أن تتجسد على الورق، بعد أن يفرغها من عقله وقلبه».. هكذا يعيش عادل عصمت مع حكايات أبطاله بذكرياتها وأسرارها وأفراحها وأحزانها..قائلا: «بصراحة أثناء الكتابة وبطريقتى أنا بكون طول الوقت أمام مشكلات فنية أحاول حلها، فأصبح مثل الروح الهائمة وقت الكتابة وعندما أنجزها أشعر بفرح عظيم».

«الرضا هو ما يلتحف قلب صاحب رواية «الوصايا».. فيقول: «أنا راض عن حياتي، وإذا حدث ولم أنشر قصصا فيما بعد فلن أحزن كثيرا، وإحساسى بالرضا ينبع من سببين، الأول أنى حصلت على جائزة نجيب محفوظ عن رواية «حكايات يوسف تادرس» في 2016، والثانى لأنى كتبت «الوصايا»، وليس لأنها دخلت القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية –البوكر- ولو فازت الرواية بالبوكر سأقول نفس الكلام».

«الحياة مذاهب، والفن دنيا، والكتابة نور».. يرى عادل عصمت أن فعل الكتابة له بعد أعمق في حياته من مجرد سرد القصص، وإنما كما يقول: «تعلمت من زمان أن أحب الفن والكتابة، لأنها تنير لى حياتى وتساعدنى في الفهم والمعيشة والإحساس بالحياة مثلها مثل فعل التأمل والقراءة، والجوائز مهمة للكاتب، ولكن الأهم منها محبة القراء له، وارتباطهم به من خلال أعماله الأدبية، وهذا هو معنى الفرح الحقيقي بالنسبة إليّ»، أما «الوصايا» فمن الممكن أن تكون ليست قوية دراميا بالنسبة لأعمال لأخرى، ولكن أنا أتحدث عني شخصيا، فكل كاتب له حكاية أساسية ينجزها، وأنا الآن أعمل على رواية جديدة، كما سأنشر قريبا مجموعة قصصية جديدة، و«الوصايا» عبارة عن فصل مقدمة تاريخية، وفصل خاتمة تاريخية، وعشر وصايا بعشرة فصول، كل فصل منها يقول الجد وصيته فيها.
الجريدة الرسمية