رئيس التحرير
عصام كامل

السراج يستعين بأمير الدهاء الإيطالي في قرارات عودة جنرالات القذافي

 فايز السراج
فايز السراج

"السياسة فن الممكن" وتغير الحلفاء لأعداء والأعداء إلى خصوم، فـ"الغاية تبرر الوسيلة" كما يقول أمير الدهاء الإيطالي "نيكولو ميكافيلي"، الذي احتلت بلاده ليبيا، حيث تعاني الأخيرة من صراع منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، وأصبحت بلاد عمر المختار ساحة صراع نفوذ دولي وإقليمي بأدوات محلية.


أوراق السراج:

وبمبدأ الإيطالي ميكافيلي، قرر فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الوطني، الحليف القوى لإيطاليا في ليبيا، اللعب بأوراق نظام القذافي والاستعانة بخبرة جنرالات جيش النظام البائد، من أجل تثبيت أركان دولته مع استمرار صراع الميليشيات في ليبيا، وشبهة الإرهاب التي تطول أغلب قيادات المؤسسة العسكرية الليبية التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس.

وعين السراج، فريق ركن محمد على محمد المهدي الشريف رئيسا للأركان العامة للجيش في حكومة الوفاق التي يترأسها السراج، اليوم بعد أن أقال عبد الرحمن الطويل أحد أهم حلفاء عبد الحكيم بلحاج، زعيم الجماعة الليبية المقاتلة المحظورة، ورئيس حزب الوطن الليبي وأحد أبرز الإسلاميين الموالين لقطر وتركيا في ليبيا.

كما عين السراج في قرار آخر، الفريق ركن سالم محمد أحمد جحا معاونا لرئيس أركان قوات الوفاق لشئون التدريب، كثالث جنرال يستعين به السراج بعد على سليمان كنه (تم تعيينه آمر منطقة سبها العسكرية) ومحمد المهدي الشريف.

رجال القذافي
تعيينات السراج تأتي مع ما شهدته الأيام الأخير صراع مكتوم بين السراج وقادة الميليشيات المتحكمة في طرابلس وهو ما يهدد مصير السراج السياسي، مما أدى إلى لجوئه إلى رجال نظام القذافي.

رئيس الأركان الجديد الفريق محمد الشريف المنتمي لمنطقة ودان التابعة لمدينة الجفرة وسط ليبيا، يعد من الشخصيات العسكرية التي تحظى بتقدير كبير في وسط ليبيا وجنوبها، سواء بين الضباط أو القبائل.

الأمر نفسه ينطبق على الفريق ركن سالم محمد أحمد جحا، معاون رئيس الأركان العامة لقوات الوفاق، وهو ما ينهي شبه الإرهاب المرتبطة بقيادات قوات الوفاق، مع إقالة عبد الرحمن الطويل أحد أهم حلفاء عبد الحكيم بلحاج، زعيم الجماعة الليبية المقاتلة المحظورة.

ومن رجال القذافي الذين استعان بهم السراج يأتي الفريق على سليمان كنّة، الذي عينه رئيس المجلس الرئاسي للوفاق، آمرًا لمنطقة سبها العسكرية، في جنوب ليبيا.

وكنة، يعد من أشد أنصار الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، واعتبره مراقبون قبول تعيينه آمرًا لمنطقة سبها العسكرية، انقلاب رجل الجنوب وجنرال الطوارق، على مبادئ زعيمه القذافي، حيث وافق أن يكون تحت قتلة القذافي والجماعات التي حاربها زعيمه لعقود طويلة، وحارب معه في 2011 ضد من أصدر قرار تعيينه في طرابلس.

لعبة السراج
يرى مراقبون أن لجوء السراج إلى جنرات القذافي لضرب عدة عصافير بحجر واحد، رئيس المجلس الرئاسي الليبي لجأ إلى رجال القذافي من أجل إنهاء سطوة الميليشيات المسلحة في طرابلس، والتي باتت صراعاتها المتكررة في العاصمة الليبية تضعه في موضع "شك" وعدم ثقة " مقبل الأطراف الإقليمية والدولية، في ظل استقرار الأوضاع في شرق ليبيا تحت سيطرة الجيش الليبي بقيادة خصمه الكبير المشير خليفة حفتر.

مواجهة حفتر بزملاء السلاح، حيث "لا يفل الحديد إلا الحديد" كان قرار السراج باللجوء إلى تعيين جنرالات القذافي من أجل وقف تمدد قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر.

كذلك تشكل خطوة تعيين السراج لجنرالات القذافي في مناصب العسكرية العليا، محاولة لسحب ورقة القبائل التي أصبحت تميل إلى الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر بعد تحقيقه نجاحات واسعة في بسط الأمن بالمناطق التي تخضع للجيش الليبي في يعاني الغرب والجنوب من زعزعة استقرار وصراع ميليشيات مستمرة.

من أهم أكبر الأسباب التي أدت إلى استعانة السراج بجنرالات القذافي هو سحب ورقة الإرهاب من حفتر، حيث استطاع الأخير أن يقدم نفسه للشعب الليبي والدول الإقليمية والمجتمع الدولي بأنه محارب شرس للإرهاب، واستطاع تطهير مساحات واسعة في الشرق الليبي والجنوب، وقدم نموذجا قويا لدى الشعب والمؤسسات الدولية بتسليمه حقول النفط إلى مؤسسة النفط الوطنية.

الأمر الآخر أن قادة أركان قوات الوفاق، هناك شبهات حول علاقته بالتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة الخارجة عن الدولة، مما يضع "السراج" في مأزق شعبي وإقليمي ودولي في تقديم صورة قوية لمحاربة الإرهاب وهو ما نجح فيه حفتر، لذلك جاء قرار تعيين جنرالات القذافي في قيادة أركان قوات الوفاق.

أخيرا يشكل مساعي الميليشيات المسلحة وجماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتهم جماعة الإخوان في تعطيل عملية إجراء انتخابات رئاسية وعامة في ليبيا، أزمة كبيرة لـ"السراج" حيث تعهد الأخير أمام قمتي باريس وباليرمو بالمضي قدما في إجراء انتخابات بليبيا وكذلك الضغوط المستمرة من قبل الدول اللاعب في ليبيا والاتحاد الأفريقي والأوروبي بأهمية إجراء انتخابات ليبية، واتهام الجيش الليبي على لسان متحدثه أحمد المسماري بأن الإخوان يعطلون إجراء الانتخابات الليبية.

نصيحة إيطالية:
ويبدو أن إيطاليا صاحبة التأثير الأكبر على طرابلس وحكومة فايز السراج، قدمت نصيحة " ميكافيلية" بأن يلجأ إلى جنرالات القذافي، وإسقاط قادة الميليشيا وجماعات الإسلام السياسي حيث اصبح الشعب الليبي والمجتمع الدولي أكثر اقتناعا بدفنهم وإلقائهم في سلة التاريخ.

النصيحة الإيطالية لرجلها في ليبيا، تشكل نوع من الصراع مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر والذي يحظي بدعم من فرنسا، وهو ما يلقي بظلاله على مستقبل الصراع القادم بليبيا والذي يتشكل بادوات قديمة في صورة جديدة.
الجريدة الرسمية