رئيس التحرير
عصام كامل

أشهر خطباء قنا : عادة الثأر الدميمة نتاج الحديث المغلوط «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»

فيتو


  • لا أصلي الجمعة إلا بعد الاستخارة ولا أصعد المنبر إلا بعد أن أستأذن حضرة النبي

تجديد الخطاب الديني، معايدة المسيحيين في الأعياد، التطرف والإرهاب، الثأر وميراث المرأة وغيرها من القضايا، اختلاف نزول آيات القرآن في المدينة ومكة وغيرها من القضايا الأخرى التي وضعت على مائدة الشيخ أحمد الكلحي، أحد أهم الخطباء الذين يعملون بالدعوة منذ أكثر من 37 عامًا في مساجد محافظة قنا، وهو أحد أبرز لجنة المصالحات، ومدير إدارة الأوقاف بمركز أبوتشت شمال محافظة قنا، وقد تناولنا خلال حوار "فيتو" معه العديد من القضايا المهمة التي تخص قطاعا كبيرا من المجتمع المصري عموما والقنائي خاصة.

*هل اختلفت خطبة الجمعة عن السابق ؟
نعم اختلفت عن الأيام السابقة، ففي الماضي كان الخطيب هو الذي يختار موضوع الخطبة كما يحلو له، وللأسف البعض منهم كان يفضل موضوعات التكفير والهجوم على بعض الشخصيات وخاصة عندما يكون على خلاف مع شخص يصب الخطبة على رأس هذا الشخص يوم الجمعة ولا أحد ينكر أن وزارة الأوقاف أحسنت صنعًا بهذا القرار الذي أصبحت هي من تختار موضوعات تتناسب مع متطلبات العصر، والظروف الدولية والظروف التي تحيا بها البلاد فضلًا عن أوجه استفادة المواطن من تلك الخطبة، فهي التي تجدد العقيدة والطاقة الإيمانية والترويح المباح عن النفس حتى يجد فسحته في اليوم الذي يمثل عيدا بالنسبة للمسلم، ويفيد عائلته بعد الصلاة ويروي لهم ما في الخطبة والدروس والعظات منها، وقد تكون الخطبة علاجا لبعض القضايا مثل الثأر والتعصب القبلي والتكفير والطائفي والمذهبي وغيرها من القضايا الأخرى".

* أهم أنواع الخطب خلال هذه الأيام التي تجذب المصلين ويتفاعلون معها؟
للناس فيما يعشقون مذاهب، بعضهم يستهوي الحديث في السيرة المحمدية، أو قصص الصحابة، والمواقف الخاصة بالرسول "صلى الله عليه وسلم"، وآخرون يفضلون خطب تحث على نشر الفضيلة والانتماء وحب الوطن، والتعامل مع الآخر وكرامة الإنسان، والمبادرات التي تطلقها الدولة من أجل صحة الإنسان، والحفاظ عليها، والتوبة وعن الإعجاز العلمي في القرآن، والشباب دائمًا يفضلون الاستماع إلى الأمل وفتح آفاق الفكر وخاصة مع انتشار وسائل التواصل فلابد من التعامل مع وسائل العصر الحديث، فالقرآن متجدد كما ذكر الله سبحانه وتعالي "ويخلق ما لاتعلمون"، فالزمن اختلف عن الماضي كثيرًا فالشباب في سنوات سابقة كان يكتفي بنشرة الأخبار المحلية أما الآن يستمع إلى العالم بأثره، ولذا لابد أن يكون الخطيب حاضر الذهن ولديه استعداد نفسي وعلي قدر المسئولية لانصرف عنه الناس، "يجلسون بأجسادهم وأرواحهم تهجر المساجد"، فالخطيب يجب أن يجمع القلوب حوله بإشارة منه يتجمعون خلفه، ولديه فن الإلقاء ومتحدث إعلامي لبق واختيار الألفاظ التي تتناسب مع المصلين.

*ما هو رأي فضيلتكم في تجديد الخطاب الديني؟
ضرورة كونية، فالإسلام يؤمن بالتطور والرقي، وعندما كان الناس في مكه اختلف عن المدينة،حتى الآيات التي نزلت في مكة تختلف عن المدينة، كانت في مكة تقتصر على العقيدة والوحدانية ولكن عندما وجدنا الدولة أقيمت في المدينة وجدنا آيات التشريع وتفاصيل أدق الأمور في القرآن، وهو ما يعني أن الناس تتقبل التجديد لما يتواكب مع العصر، فقد قرأت بعض فتاوى منذ فترة عن متأخرات الشافعية عن تحريم بعض الأمور منها "ليس من المروءة أن يترك الرجل الرأس بدون غطاء.. فيقولون لا نصلي وراء رجل لا يغطي رأسه" وهذه آراء ضعيفة وهناك صعوبة أن تذكر مثلًا لبعض الشخصيات العامة والسياسية ورجال الدولة والحكام بضرورة غطاء الرأس، قد تكون تلك الفتاوي في عهد سابق تواكبه أما الآن لا تواكبه.

*ماذا عن تجديد الخطاب الديني والتطرف؟
الشباب لديه بعض الأفكار المغلوطة والمتطرفة، عندما تحاورنا معهم وجدناهم يحتاجون إلى الكثير من أجل تصحيح ما يفهموه، والكثير من هؤلاء الشباب أصبحوا يستمعون لنا وفهموا الكثير من تلك الأخطاء "، العقل هو المدبر الذي يقوم بتشغيل كل الجسد، ولذا فالتجديد ضرورة لابد منها ونحن نحتاج اليه بقوة خلال هذه الأيام فكما ذكرت أن الفتاوى السابقة لا تتناسب مع الوقت الحالي ولذا لابد من التجديد.


* أهم النقاط التي تحتاج إلى تجديد الخطاب الديني؟
لابد من تجديد الداعية أولًا، فلابد له أن ينظر إلى متطلبات المجتمع في قريته ومحافظته، والنظر إلى الحياة عمومًا، فمثلًا نحن في الصعيد ابتلينا بقضية الثأر، هذه العادة السيئة الدميمة التي توارثها الناس عندما تجد بعضهم يفهم الحديث مغلوطًا "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"والكثير للأسف يقفون عن استكمال الباقي، ويختار مايفضله ويأتي على أهوائه.

مثلا في قضية ميراث البنات، البعض يستحي أن يقول لشقيقته، أنت تمتلكي هذا الجزء في الدار أو الأرض الزراعية، فهو تربي على أن البنات لا ثورث وهذه ثورة على العادات والتقاليد الرافضة لتوريث البنات، زواج الفتيات دون أخذ آرائهن "أليس من التجديد عندما يعقد الأب القران أن يأخذ رأي الفتاة في الزواج"، هذه القضايا جميعها يحتاج إلى تجديد من الداعية الذي يعتلي المنبر ويخطب الناس والمصلين.

* أهم الخطب الدينية التي تناولتها وشهدت مناقشات عديدة من قبل المصلين بعد الانتهاء؟
منذ أن عينت خادمًا للدعوة، وأكرمني الله أن أكون داعية، في بداية عملي بها جنحت إلى المحاماة وعندما تركتها وجدت الكثير من يسألوني ويطالبون بالفهم قائلين "أتترك المحاماة من أجل الأوقاف" فإنني تخرجت من كلية الشريعة القانون، فسألتهم وقتها من هو نقيب المحامين قالوا "أحمد الخواجة" وسألتهم من نقيب الدعاة ردوا "رسول الله صلي الله عليه وسلم"، ووقتها قلت لهم "أفضل شيء أن أكون خادما لرسول الله صلى الله عليه وسلم"، ودعوني انطلق إلى الدعوة وأغناني المولي وأعطاني الكثير، ومن أشهر الخطب التي وجدت فيها تفاعلا من الأهالي هي التي تمسهم وعاداتهم وأخلاقياتهم وخاصة الشباب وحتى الفتيات التي كن يحضرن صلاة الجمعة، والقضايا التي تخص خدمة المرأة لزوجها وأبنائها، والعمل وخروج المرأة والذمة المالية لها وغيرها من تلك القضايا، تقسيم راتب الرجل، حكم الاقتراض من أجل الحج.

*هل حقا حكم معايدة المسيحيين هو أشهر موضوعات النقاش ؟
كان من ضمن الخطب التي وجدت فيها الكثير من الجدل وهي تهنئة المسيحيين في أعيادهم، وكيف أرسي الرسول قواعد المحبة والتآخي قائلا: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ودائما كنا نتحدث عن وثيقة المدينة وحرية العبادة "لكم دينكم ولي دين" والواجب أن تسعنا الأخلاق والمحبة والمودة والدين لله الواحد.

*ما سبب التطرف والإرهاب بجميع أشكاله ؟
هناك فترة زمنية في الثمانينات احتل أصحاب الفكر المنحرف المنابر وزرعوا في الشباب أفكارا مخربة، وللأسف كانت في هذه الفترة من يعتلي المنبر دون فكر أو ثقافة وهم من فرخوا لنا تلك الأفكار وتطرفًا وعقدًا، وأشيد بدور الأوقاف التي شددت على أن يكون من يعتلي المنبر هو صاحب الفكر المعتدل من أبناء الأوقاف، ولا يعتلي المنبر إلا الفكر الوسطي الذي جاء به الله والرسول الكريم الذي تعامل مع كل الأديان والطوائف وكان قائد المدينة وبها الوثنيون والمجوس واليهود والمسيحيون ورأينا عندما دخل وفد نصارى نجران واختلفوا مع الرسول.

*ما أول خطبة وكم كان عمر فضليتكم ؟ وأهم الطقوس التي تقوم بها قبل الصعود للمنبر؟ وأهم الأساليب التي تستخدمها؟
منذ 37 سنة، فقد صعدت المنبر وكنت وقتها في الصف الأول الثانوي وكانت أول خطبة عن ميلاد الحبيب المصطفى، وعن أهم الطقوس أستعد بالمذاكرة الجيدة لعناصر الخطبة وأعد النقاط، وأقوم بإلقائها على نفسي قبل الناس كما أنني لا أصلي الجمعة إلا بعد الاستخارة ولا أصعد المنبر إلا بعد أن أستأذن حضرة النبي، وأهم الأساليب هي القصصية، وأدعم الخطبة بآيات من القرآن وسنة الرسول ولابد أن يكون للشعر نصيب ولازالت أحتفظ بأدوات الإنسانية منذ بدايتي وحتى أختم عمري على المنبر.
الجريدة الرسمية