رئيس التحرير
عصام كامل

سكان السلام بالسويس: «المياه بتقطع باليومين وبيحاسوبنا بأسعار مضاعفة»

سكان السلام بالسويس
سكان السلام بالسويس

لم يكن يعلم أبناء السويس في الفترة الواقعة بين أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات أن من يغامر منهم يشتري قطعة أرض في المنطقة الصحراوية الواقعة على طريق السويس - القاهرة قبل وسط المدينة بما يقرب من عشرة كيلو مترات، أنه سيدفع ثمن مغامرته غاليًا.


لم يخطو أحدهم تلك الخطوة إلا لامتلاك أرض مقابل ثمن زهيد، بدأ من جنيه وجنيهين للمتر الواحد.

وعندما طرحت المحافظة تلك المنطقة من الأرض للبيع في أواخر الثمانينيات، سارعت عدد من جمعيات الإسكان وجمعيات الشركات والنقابات لامتلاك مساحات واسعة من الأراضي هناك، وإعادة تقسيمها وبيعها للعملاء بجمعيات الإسكان، ولموظفي الشركات بالنسبة لجمعيات الشركات.

تحقق بالفعل ما أراد المنتفعون وبدأ الأفراد في شراء الأراضي أوائل التسعينيات، لكنها كانت صحراء بعيدة عن العمران لدرجة كافية لإقناع الملاك أن يتريثوا قبل المخاطرة للانتقال للسكن في مثل هذه المنطقة التي تفتقر لجميع الخدمات من مياه وصرف وكهرباء وأمن ومواصلات.

بدأت الخدمات تكتمل تدريجيا، حتى بدأت أعداد السكان تتزايد مع عام 2005، إلا أن الخدمات ما زالت حتى الآن تسير بنفس البطء.

ويعاني سكان المنطقة انقطاع مياه الشرب لمدة لا تقل عن 6 ساعات يوميا، وقد تصل إلى 12 ساعة وأحيانًا إلى يوم كامل، والمثير للإعجاب أنهم يدفعون ثمن استهلاك المياه ما يقرب من ثلاثة أضعاف القيمة التي يدفعها أي مواطن آخر في السويس.

يبدو أن المسئولين اقتنعوا بنظرة باقي سكان المحافظة لسكان السلام على أنهم طبقة راقية، تلك النظرة التي عجز الجميع عن تفسيرها حتى الآن.

السبب المعلن هو أن حصة المياه المدفوعة من إدارة المرافق بهيئة قناة السويس، غير كافية فإن القائمين على محطة الرفع بمدينة السلام يعتمدون على وقف مواتير الرفع بضع ساعات يوميا لتغطية العجز.

وبحسب مصادر مسئولة بالشركة القابضة للمياه والصرف الصحي فإن الكمية التي ترد لمحطة السلام تصل إلى 15 ألف متر مكعب يوميًّا، وفي بعض الأحيان تصل إلى 18 ألف متر، وهي كمية عند وصولها للحد الأقصى تكاد تكفي احتياجات أهل المدينة، هؤلاء السكان الذين يقيمون في وحدات تمثل أقل من 50% من طاقة المدينة.

"تعبنا من انقطاع المياه المتكرر وكان الحل في الخزان وموتور" يروي محسن حماد، موظف بشركة بترول كيف يمكن حل الأزمة، بالاستعانة بخزان مياه كبير ووضعه أعلى منزل يقيم فيه وأبناءه الثلاثة المتزوجين، مع تركيب موتور مياه على الخط.

ويضيف "حماد" أن تكلفة الخزان والموتور ومواسير المياه تجاوزت 6 آلاف جنيه، لكنها لم تمثل الحل الجذري، فالخطوط الممتدة من محطة الرفع للمنازل تجف بين الحين والآخر عندما تنقطع المياه باليومين والثلاثة.

"الشركة القابضة عليها ديون لهيئة المرافق" بهذه الجملة يكشف عبد القوى حسين، موظف بالمعاش، سبب انقطاع المياه بالأيام، ويوضح الرجل المسن الذي كان يعمل بمديرية الإسكان قبل تقاعده، أن الهيئة تبيع المياه للشركة القابضة بسعر 30 قرشا للمتر، بينما تبيعه الشركة للمواطنين بسعر يزيد على 90 قرشا في أدنى شريحة، ويصل إلى 260 قرشا في الشرائح الأعلى.

وبالرغم من ذلك فالشركة القابضة عاجزة عن سداد قيمة المياه التي تحصل عليها بثمن زهيد، فيغلق مسئولو المرافق بالهيئة خط المياه المغذي للمحطة بين يومين إلى ثلاثة يتصارع فيهم المواطنون وموظفو المحطة، الطرف الأول يتجمهر أمامها طلبا للمياه، بينما يخرج الطرف الثاني ويؤكد: "المشكلة مش من عندنا".
الجريدة الرسمية