رئيس التحرير
عصام كامل

الكاتب محمد عبدالله يرصد طقوس وممارسات زيارة الأولياء والقديسين

فيتو

شغلت ظاهرة زيارة الأولياء والقديسين العديد من المستشرقين والرحالة وعلماء الاجتماع والتراث الشعبي، لما لها من طقوس وأدبيات تختلف باختلاف ديانة الممارسين، وتتشابه بعضها في الطقوس والممارسات.


وفي كتابه "قبة سيدنا الولي.. ميراث التسامح في وجدان المصريين" يحاول المؤلف الكاتب الصحفي محمد عبدالله رصد هذا التمصر العجيب الذي امتدت فيه المعتقدات المصرية القديمة منذ آلاف السنين، لتغرس غرسها في الفكر والتراث والوجدان الشعبي المسيحي، الذي قد يخالف أصول العقيدة أو بعضا منها، وكذلك  العقيدة الإسلامية التي غرس التراث المصري القديم العشرات بل المئات من الأفكار التي يرى البعض أنها تخالف أصولها ولكن الوجدان الشعبي يتسامح فيها لصالح الاحتفاظ بهذه العادات الطقوسية التي حلت في بعض الأحيان محل الدين.

يسعي المؤلف لرصد هذا التشابه - والتطابق في بعض الأحيان- في ظاهرة من أهم ظواهر التوحد والتسامح والتمصر، وهى الاحتفال بموالد الأولياء والقديسين وزيارة الأضرحة في مصر.

ولأن التعايش الشعبي والتسامح حالة فإن كثيرا من المسلمين ينذرون النذور للكنائس، ويلتمسون البركة من القساوسة والرهبان، كما أن كثيرا من (موالد) المسيحيين ليست مقصورة عليهم، بل يشارك فيها المسلمون أيضا، وهذا أمر ليس بمستغرب فهم يذهبون أيضًا للقساوسة لتخليصهم من الأرواح الشريرة، كما تتردد بعض المسيحيات على أضرحة الأولياء لتحقيق أمنية بالحمل، وتنذر نذرًا إن تحققت أمنيتها، بل إن بعض المسيحيين يشاركون المسلمين الاعتقاد في ضريح الشيخ أبي الحجاج الأقصري كما أن بعض المسلمين يشاركون المسيحيين في التبرك بالعذراء. 

ومثلما توضع الرسائل في أضرحة الأولياء وخاصة ضريح الإمام الشافعي توجد أوراق وأقلام على قبر البابا كيرلس السادس وغيره من القديسين، لمن يرغب في تحقيق أمنية أو رجاء منه، ويوضع في مدخل الكنيسة أو الدير صندوق للنذور.

ولأن التسامح حالة وجدانية مصرية طبقا لما يرصده المؤلف محمد عبدالله - فلم ينظر المصريون المسلمون إلى موطن ولا جنسية الأولياء الذين يزورونهم ويقدمون إليهم النذور والأضاحي، فالسيد البدوي من مدينة فاس المغربية، وأبو العباس المرسي من مرسيه ببلاد الأندلس، وأبو الحسن الشاذلي من تونس، وعبد الرحيم القنائي من مدينة سبتة المغربية.

ويضم الكتاب ثمانية فصول ينطلق الفصل الأول من سؤال يمتد عبر الفصول الثمانية التي يشملها الكتاب هو "لماذا؟"..

في هذا الفصل الذي حمل عنوان "الماضي والحاضر والتشابه العجيب" يستعرض الكاتب لماذا يمارس المصريون العديد من العادات والتقاليد التي يرجع أصلها إلى مصر القديمة حتى إن الكثير من الكلمات التي يستخدمونها في حياتهم اليومية أصلها فرعوني؟.

وعلى الرغم من مرور آلاف السنين، إلا أن هناك العديد من الأفكار والمعتقدات التي لا يزال المصريون يحتفظون بها، فعلي الرغم من أن الديانات السماوية حرمت عبادة الشمس، إلا أن المصريين وحتى الآن لا يزالون، يقسمون بها، حيث كانت الشمس أعظم المعبودات المصرية القديمة منذ أقدم العصور التاريخية، فنجد "الحلف بالشمس" حيث كان الفراعنة يحلفون بها، وقد بقيت عادة الحلف بالشمس في بعض القري المصرية إلى الآن، حيث نجد معظم العامة يقسمون القسم الآتي "وحياة الشمس الحرة"، وكذلك "وحياة اللي تشوفني ولا أشوفهاش"، إشارة إلى الشمس.
الجريدة الرسمية