رئيس التحرير
عصام كامل

‏منتصر عمران يكتب: سبت الغضب في الدول الديمقراطية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

عندما قامت تظاهرات ما يسمى بالربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد في الدول العربية، خرج علينا الخبراء والساسة بتحليلاتهم الجهنمية، أن سبب ذلك يرجع إلى غياب الحياة الديمقراطية وعدم وجود أحزاب سياسية تحتوي الشباب في الدول العربية، وأن نظام الحكم الاستبدادي وعدم تداول السلطة كلها من الأسباب التي أدت إلى هذه التظاهرات، على حد زعمهم، وعلى الرغم من أن هذه المظاهرات تحولت إلى أعمال تخريب لمؤسسات الدولة إلا أن الكثير كان يجد لها مبررًا.


ونأتي إلى ما تعيشه فرنسا هذه الأيام من تظاهرات حملت طابع العنف والتخريب، وهي رمز للحرية والديمقراطية مما يدلل على أن هناك عوامل غير ما يتناوله الخبراء والساسة في تحليلاتهم، كما أن ذلك يدلل على أن ما مرت به ‎مصر من قبل من فوضى وتخريب بدعوى البحث عن الحرية والحياة الديمقراطية، ما هو إلا عمل مدبر من قبل قوى خارجية وداخلية، والذي يجعل من الفوضى والتخريب عنوانا للتصحيح، ويزعم أنها ‎الثورة فهو كاذب ومخادع للشعوب التي تتطلع إلى الحرية والحياة الديمقراطية.

لذا رأينا موقف الدول الأوروبية من مظاهرات ‎فرنسا مغايرًا تماما لموقفها من تظاهرات ما كان يسمى بالربيع العربي لأنها قالت عن تظاهرات الدول العربية إنها قامت من أجل مطالب مشروعة، ولكن قالت عن تظاهرات فرنسا أنها فوضى وتخريب!!

‏ومع بداية مليونات الغضب في ‎أوروبا، وبالتحديد في ‎فرنسا كما كانت من قبل في الدول العربية، ولكن هناك إختلاف الأول أنها كانت في الدول العربية يوم ‎الجمعة، ولكن في أوروبا يوم السبت (علشان كده سميت "سبت الغضب")، والثاني أن مظاهرات الدول العربية كانت برعاية المخابرات الأجنبية، أما مظاهرات أوروبا فهي نتاج قناعات ذاتية.

وإذا كانت التظاهرات في فرنسا بدأت بقوة وبمشاركة أعداد كبيرة من المواطنين، وكانت تستمر بصورة يومية وإذا كانت مطلبها الأول إلغاء الضرائب على المحروقات، ومع استجابة الحكومة لهذا المطلب وتعليقه لمدة 6 شهور، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإنهاء التظاهرات، بل أضاف المتظاهرون مطالب أخرى منها تنحي رئيس الجمهورية ورفع الحد الأدنى للأجور.

إذن رغم استجابة الحكومة فقد ارتفع من سقف مطالب المتظاهرين. ولكن على الرغم من أن التظاهرات بدأت تنخفض تدريجيا وتتراجع الأعداد بشكل كبير واقتصار التظاهرات على أيام العطلات والإجازات فقط، إلا أنه ما زالت المظاهرات تحتفظ بحيويتها.

وهناك أسئلة واستفسارات حول التظاهرات والاحتجاجات في فرنسا وما صاحبها من انتقالها إلى بلجيكا وهولندا مثل: هل ستتلاشى هذه المظاهرات تدريجيا خلال بضعة أسابيع لاستخدام المتظاهرين الحرق والتدمير في الممتلكات العامة والخاصة، وهذا يفقد المتظاهرين التعاطف الوطنى معهم، وخاصة بعد أن بدأ المفكرون يرددون أن لدينا رئيسا منتخبا يرسم السياسات، ولا يجوز أن يقود الشارع الدولة خاصة أن الشارع شرع في ارتكاب الجرائم وبالتالى بدأت تنقلب الآية بعد التعاطف الأولى، وبدأ يضعف ويتحول لشيء مضاد.

كما أن هناك سؤالًا دائمًا في المسائل الاقتصادية: ما هو البديل؟ حيث إن الرئيس الفرنسى "ماكرون" منتخب من قبل الشعب من خلال برنامج واضح المعالم والأهداف، علاوة على أن هناك حياة ديمقراطية مستقرة في فرنسا منذ عهود وليس من سنوات قليلة، وذلك من خلال وجود أحزاب سياسية لها دور فعال في الانتقال السلمي للحكم، كما أن لها مساهمة كبيرة في نشر الوعي المستنير ولها رقابة واضحة على أعمال الحكومة، كما أصبحت الأحزاب السياسية في فرنسا، وفي معظم الدول الأوروبية، همزة وصل بين الحاكم والمحكوم.. كل هذه الأوضاع تبرهن على أن هذه المظاهرات من الممكن أن تتلاشى.
الجريدة الرسمية