رئيس التحرير
عصام كامل

«ناوناختي».. حكاية وصية ساوت بين الرجل والمرأة في الميراث عند الفراعنة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

سلطت وصية امـرأة مصرية قديمة تدعى "ناوناختي" الضوء على مكانة المرأة في المجتمع المصري، ومن المثير للاهتمام حسبما أكد مجدي شاكر كبير أثريين بوزارة الآثار، أن الموقف القانوني للمرأة في الأسرة العشرين بمصر فيما يتعلق بالتملك، كان على قدم المساواة مع الرجل، وعلى الرغم من رجـوح حصول النساء على القليل من ميراث عائلاتهن، فإن ما يمتلكونه بالفعل كان خالصًا لهن ويحق لهن التصرف فيه كيفما شئن، بغض النظر عما إذا كن متزوجات أم لا.


وتقدم وصــية "ناوناختي" التي تركتها مدونة على بردية رؤية ثاقبة لممارسات رعاية الآباء المسنين والقـــــواعد الاجتماعية التي كانت متبعة بشأن دعم الوالدين في سن الشيخوخة، وهنا تمييز مثير للاهتمام يتعلق بالحقيقة المتمثلة في أنه على الرغم من أن (ناوناختي) حرمت العديد من أطفالها من الميراث، إلا أنها حريصة على الإشارة إلى أنهم محرومون فقط من نصيبها من الممتلكات التي تتمتع بالسيطرة عليها، حيث إن هؤلاء الأطفال لا يزالون مؤهلين للحصول على نصيبهم من ممتلكات أبيهم، زوج ناوناختي "خائمنون"، ودلالة هذه الوصية، أن المرأة المصرية القديمة كانت لها ذمة مالية مستقلة وكانت متساوية مع الرجل في المواريث وتملك قرارها بالمنح أو الحجب طبقا لما ترتئيه من معايير.

قائمة أطفال "ناوناختي"
وفقًا للبردية، من بين أطفال "ناوناختي" وزوجها الثاني خائمنون، يُعتبر أول خمسة أطفالًا "صالحين" وبارين بوالدتهم، حيث استمروا في دعم وتوفير الرعاية لـ "ناوناختي" في شيخوختها وبالتالي يستحقون من وجهة نظرها على نصيب من ثروتها، وفي المقابل، لم يقدم كل من "نيفرحوتب" وهيشيني وخانوب الدعم لـ "ناوناختي" بشكل كافٍ، وبالتالي حُرموا من الميراث ولم يُترك لهم شيء.

وهكذا تظهر البردية أن المرأة كانت حرة في توزيع ممتلكاتها لمن تشاء بوصية وتساوت مع الرجل في كل حقوقه أما الرجل فكان يورث للورثة الشرعيين دون تفرقة بين الولد والبنت بالتساوي وترث الزوجة الثلث وكانت الأموال مشتركة بين الزوجين وكان الابن يرث الام وترث الأم من الأبن وكان الولد يرث من زوجة أبيه فالفكر المصرى كان قائم على فكرة "الماعت" وهى العدالة والحق والصدق.

ومن جانبه يقول الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري، ومفتش آثار منطقة آثار سقارة إن للمرأة الفرعونية مكانة رفيعة في المجتمع المصري القديم باعتبارها الشريك الوحيد للرجل في حياته الدينية والدنيوية طبقًا لنظرية الخلق ونشأة الكون الموجودة في المبادئ الدينية الفرعونية، من حيث المساواة القانونية الكاملة.

وكانت المرأة الفرعونية تعامل أفضل معاملة أكثر من أي حضارة قديمة رائدة في العالم القديم ولم يكن هذا من دافع الواجب المفروض وإنما كان من أعماق ايمان المصريين القدماء أن السعادة والفرح لا يأتيان إلا من عائلة مستقرة، وكان المعتاد في العالم أن الرجل هو رب المنزل ومنظم شؤونها ولكن هذا لم يمنع أن المرأة المصرية كانت محظوظة بطريقتين مهمتين:

 بالرغم من أن المرأة المصرية كانت تصبح فرعونة في ظروف خاصة، إلا أنها كانت مساوية للرجل تمامًا في الحقوق كما حدد القانون وقتها، كان لها حق الملكية، اقتراض المال، توقيع العقود، المبادرة بالطلاق، وكذلك أن تمثل أمام المحكمة كراهية ومن حقها أيضًا أن تكتب وصية بكل ما ترثه سواء من أبيها أو من زوجها، وبالطبع كانت تتساوى في المسؤوليات أيًا كانت مع هذه الحقوق، ومن بين هذه الحقوق أيضًا التي تمتعت بها المرأة في مصر القديمة حق الميراث فقد تساوت مع الرجل في كل حقوقه، وكانت تركة الأب تنقل إلى الورثة الشرعيين وعادة ما كانت البنات يرثن المنقولات الثمينة ومنذ عصر الدولة الوسطى أصبح ينتقل الميراث عن طريق الإرث إلى جميع الأبناء دون تفرقة بين الابن الأكبر وبين غيره من الإخوة، صغارًا كانوا أم كبارًا، ذكورًا أم إناثًا، كما كان للمرأة حق الإرث حتى في مال ابنها، كما كان الابن يرث في مال أمه، وكانت الزوجة ترث ثلث الممتلكات المشتركة بينها وبين زوجها في حالة تطليقها، وأما الثلثان الآخران فمن حقها أن تنتفع بهما مدى حياتها فقط، كما كان من حق الزوج أن يرث الأموال المشتركة بينه وبين زوجته.
الجريدة الرسمية