رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا قدمتم لبلدكم؟!


لا يزال السؤال موجهًا للأغنياء والمقتدرين لكن بصيغة أكثر تحديدًا: ماذا قدمتم لبلدكم في محنته؛ سواء في معركة البقاء الضروس ضد الإرهاب والتآمر، أو معركة البناء والتنمية.. ولماذا لم تبادروا بالإسهام في بناء ما تحتاجه مصر من فصول دراسية تزيد تكلفتها على الـ130 مليار جنيه..


فما أحوجنا لثورة حقيقية في التعليم والصحة اللذين أصابهما الإهمال وتراكم الأخطاء، حتى باتا لا يصلحان لزماننا، ولا يتواكبان مع مستجدات عصرنا، وما تشهده مصر من نهضة في كل شيء حتى تمضي في مسيرتها نحو المستقبل..

أين دوركم في بناء المستشفيات والعشوائيات أو حتى مساعدة الدولة في إتمام مبادرتها للكشف عن فيروس "سي" وغيره من الأمراض السارية التي انطلقت مرحلتها الأولى بنجاح في بعض المحافظات.. ومتى تتحرك ضمائركم لأداء الدور الاجتماعي لرأس المال الذي هو حق أصيل في كل بلاد الدنيا..

وليس خافيًا ما فعله مشاهير الأغنياء أمثال بيل جيتس ومارك زوكر بيرج وغيرهما.. فقد تبرعوا بالشطر الأعظم من ثرواتهم للأعمال الخيرية، ودعم المجالات الإنسانية والعلمية والاجتماعية.. وهو ما أراه يتوافق مع رواية الإمام محمد عبده الذي قال "رأيت في الغرب إسلامًا بلا مسلمين وفي الشرق مسلمون بلا إسلام".. فالتبرع والإنفاق جعله الله حقًا معلومًا في أموال الأغنياء للفقراء ومصارف البر والخير في المجتمع..

فما جاع فقير إلا ببخل غني.. والله سائل أرباب الأموال عما استخلفهم فيه، وعن ذلك الحق المعلوم الذي فرضه في هذا المال فهو عز وجلَّ القائل: "وفي أموالهم حقٌ معلومٌ للسائل والمحروم".. فإذا قال قائلٌ منهم: هذا بيننا وبين الله.. قلنا: فماذا عن حق الدولة عندكم.. هل سددتم ضرائبكم وسائر التزاماتكم أم تهربتم وتحايلتم عليها.. وإذا قلتم: وفَّينا بالتزاماتنا.. فلماذا إذن جاوزت المتأخرات الضريبية عشرات المليارات.

ومهما تكن الأمور فإن الذي لا خلاف عليه أن مصر في حاجة لأبنائها جميعًا؛ فقيرهم وغنيهم، فلن يبنيها إلا سواعدهم وجهودهم المخلصة وعملهم الدءوب وتوحدهم على قلب رجل واحد؛ فإنما يكمن الخطر الحقيقي في الفتنة والفرقة والانقسام الذي يكرس له أعداء مصر الذين لا يرجون لها استقرارًا ولا تقدمًا.
الجريدة الرسمية