رئيس التحرير
عصام كامل

باحث مسلم بالشأن القبطي: فنون العمارة أثبتت وحدة المصريين (فيديو)

فيتو

في قلب الصعيد، العلاقة بين المسلم والمسيحي لا تعرف حواجز.. الجلباب الصعيدي والعادات والتقاليد كلها موحدة ومن يقطن قرية ينتمي إليها دون تفرقة مما يؤكد عمق روابط العلاقة بينهما فالعادات واحدة سماع القرآن الكريم بالمناسبات وبسط موائد الطعام في رمضان، وكل تلك العادات تجمع المسيحي والمسلم دون تفرقة.


وعندما فكر طارق مرعي عبد الحميد ابن مركز أبو تشت بقنا، الذي درس بكلية الآثار بجامعة جنوب الوادي، دفعة 2016 في التعمق في الشـأن القبطي لم يجد معارضة، حتى فتحت له جميع الكنائس والأديرة أبوابها ومنها أحد أديرة الراهبات، ولاقى مساعدات من جميع الأساقفة ورجال الدين المسيحي حتى عرضوا عليه استكمال دراسته العليا على حساب الكنيسة المصرية ليصبح بذلك أول مصري مسلم يحصل على درجة الدكتوراه على حساب الكنيسة.

البداية كانت في السنة الرابعة بالكلية لاختيار موضوع لبحث التخرج ووجد طارق ضالته المنشودة فاختار العنوان الذي كان يحمل "الرسوم بالألوان المائية على عمارة الكنيسة المصرية منذ الفتح الإسلامي وحتى نهاية الدولة الفاطمية بمحافظتي قنا والأقصر"، وتتناول الدراسة أديرة الفاخوري بإسنا ودير بقطر بنقادة ودير الأنبا بضابا بنجع حمادي.

وفجَّر "طارق" مفاجأة عندما كشف وجود تشابه بين الرسوم الفاطمية والمسيحية بنسبة كبيرة، وظهر هذا واضحًا في الرسوم الموجودة على بعض الحمامات والمنشآت الفاطمية، ووجد تناغم بين الرسوم الفاطمية في العصر الفاطمي والرسوم والزخارف الموجودة على العمارة المسيحية، وظهر في جميع الرسوم بالأديرة والكنائس تشابه بين ملابس القسيس والملابس في العصر الفاطمي آنذاك بالإضافة إلى رسم جلوس المسيح على كرسي العرش بنفس طريقة جلوس شاب على العرش في العصر الفاطمي والتي كان يطلق عليها جلسة "القرفساء".

وعن أبرز أوجه التشابه قال "طارق" إنها وجدت على زخارف الملابس ورسوم الأشخاص من الناحية الشكلية على سبيل المثال.. فالشخص الموجود على حمام أبو السعود في القاهرة وفي نفس الزخرفة الموجودة على الحناي والهياكل وكذلك الزخارف العول والتأشيرات وهذا يشير إلى أن ما قام بالتنفيذ في العمارة الإسلامية والمسيحية شخص واحد.

وعن استكمال مشواره في هذا الشأن قال "طارق": "أنتوي استكمال دراستي البحثية للحصول على الماجستير عن "المباني الأثرية المسيحية في قنا في القرن التاسع عشر الميلادي"، منوهًا بأن الدراسة ستكون معمارية من ناحية تكوين المنازل وتقسيم المنشأة والعناصر الزخرفية المعمارية والفنية من تشكيلات وتصميم منزل ومدى التشابه بينهم والاختلافات.

ولفت "طارق" إلى أن الاختلافات سوف تكون بسيطة وهي إدخال العنصر الديني في العمارة مثلًا وجود الصليب على تشيكل العمارة سواء في الشبابيك أو الواجهات بالإضافة إلى طريقة الزخارف نفسها ولا اختلاف في أن مصمم المعمار مسلم أو مسيحي، فمثلًا جامع أحمد ابن طولون من قام بتنفيذ العمارة الإسلامية فيه بنَّاء مسيحي واستخدم الزخارف المسلمة، فالاختلافات العقائدية لا تؤثر على الفنانين.

وتابع: أن موضوع هذا البحث سيكون الأول من نوعه ولم يسبق دراسته من قبل.

التعاون
كشف "طارق" عن تعاون غير مسبوق من الأساقفة والمسيحيين الأصدقاء والقساوسة والرهبان داخل الأديرة، مشيرًا إلى أنه وجد ترحيبا غير مسبوق به كمسلم يدرس المنشآت الأثرية، قائلًا: "كانوا على وشك نسيان قيمة هذه الآثار المسيحية والرسوم الموجودة داخل الأديرة".

وأردف: إنني وجدت اهتماما كبيرا من القسيسين أبرام وموسى اللذين كانا متواجدين بدير الأنبا بقطر بنقادة والأنبا بضابا بنجع حمادي والفاخوري بإسنا وكانت أديرتهم من أكثر الأديرة التي بها الرسوم المائية ودير الراهبات الممنوع دخول أي شخص فيه ولكن سمح لي بالدخول لتصوير بعض الرسوم لخدمة البحث الخاص بي.

أول مسلم يدرس على حساب  الكنيسة
وأعلن "طارق" عن عرض قدمته له الكنيسة لاستكمال دراسة الماجستير والدكتوراه على حساب الكنيسة المصرية لاجتهاده في هذا الشأن حتى لو احتاج الأمر الدراسة والسفر خارج البلاد وتقديم كافة الدعم المعنوي والمادي من الكنيسة لاستكمال الدراسة.

وقدم "طارق" الشكر إلى كل الذين عاونوه في هذا الشأن، مشيرًا إلى أنه احتل المركز الثالث عند تخرجه ولم يحظ بشرف التعيين في الجامعة بسبب تغيرات العمداء حينئذ وإلغاء كافة مسابقات التعيين، ولذا فهو يجري الدراسة والبحث حتى اللحظة على حسابه الشخصي، مؤكدًا على أن عدم التعيين لم يوقف رغبته في الحصول على الدراسات العليا واستكمالها حتى الحصول على درجة الدكتوراه.
الجريدة الرسمية