رئيس التحرير
عصام كامل

هل يجوز حرمان المالك من الانتفاع بأملاكه؟


في دولة المشروعية وسيادة القانون، لا يوجد ما يُسمى بالسُلطة المطلقة للجهة الإدارية؛ حيث ينظم الدستور والقوانين واللوائح اختصاص كل من السُلطات الثلاث للدولة، وولايتها في تسيير وإنجاز مهامها ومن بينها السُلطة التنفيذية في إطار من المشروعية وسيادة القانون.


أفرد الدستور المصري بابًا كاملًا لسيادة القانون نص صراحةً فيه على أن سيادة القانون أساس الحُكم في الدولة، وقضى أن تخضع الدولة للقانون، وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحُقوق والحُريات، وأن مجلس الدولة جهة قضائية مُستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية.

ومن ثم، فإن كل تصرف أو قرار للإدارة يخضع للدستور والقانون ولا يجوز النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وفقًا لصريح نصوص الدستور، فكل تصرف أو قرار إداري فضلًا عن خضوعه للمشروعية، فإنه يخضع لرقابة القضاء، أي لولاية الإلغاء أو وقف التنفيذ المنوطة للقضاء طبقا لأحكام الدستور والقانون.

ورقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تُسلَّطها على القرارات المطعون فيها لتَزنها بميزان القانون والمشروعية والمصلحة العامة بصفة عامة، أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفاتها وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين بها.

والقرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يُبرره في الواقع وفي القانون كركن من أركان انعقاده، والسبب في القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تحمل جهة الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني ابتغاء الصالح العام الذي هو غاية القرار وهدفه.

وإذا أفصحت جهة الإدارة عن سبب قرارها أو كان القانون يلزمها بتسبيبه، فإن ما تبديه منه يكون خاضعًا لرقابة القضاء الإداري الذي له في سبيل إعمال رقابته أن يُمحصَّه للتحقق من مدى مُطابقته أو عدم مُطابقته للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وهذه الرقابة القانونية لرُكن السبب تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه النتيجة مُستخلصة استخلاصًا سائغًا من أصول تُنتجها ماديًا وقانونيًا.

فإذا كانت مُنتزعة من غير أصول موجودة، أو كانت مُستخلصة من أصول لا تُنتجها، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديًا لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقدًا لركن السبب ووقع مُخالفًا للقانون. 

والملكية الخاصة قبل اكتسابها تكون محض رُخصة، وبعد اكتسابها تصبح حقًا ثابتًا، وييسر القانون اكتسابها بالوسائل المشروعة ويحميها بعد قيامها، والملكية ضرورية لتأكيد استقلال الإنسان وُحريته واعتماده على نفسه فمن لا يملك شيئًا يكون مُضطرًا للاعتماد على غيره.

وفي حالة عدم وجود ملكية لا توجد حرية، والحماية الدستورية والقانونية للملكية الخاصة لا تقتصر على حالات غصبها ونزعها على غير إرادة أصحابها بغرض سلبها وحرمانهم منها، إنما تمتد حمايتها إلى أي انتقاص من سلطات المالك على ممتلكاته التي يكفلها له القانون.

وكل عمل تقوم به الإدارة ينطوي على حرمان المالك من الانتفاع بملكه أو استعماله أو استغلاله أو التصرف فيه أو من حقه في إدارته بنفسه أو بأية وسيلة يختارها دون سند من القانون يكون واقعًا في دائرة عدم المشروعية ويشكل عدوانًا على حق الملكية الخاصة.. وللـحـديـث بـقـيـة.
الجريدة الرسمية