هواية الانتحار السياسى
يكاد يتلخّص توصيف هوية جماعة الإخوان المسلمين فى عبارة : "التنظيم السرى" فهى (تنظيم): بمعنى أن لها نظاماً مغلقاً على ذاته مستقلاً ومتمايزاً عن غيره، وهو نظام مشهود له بالكفاءة والإحكام على كل حال.
وهو (سرّى): لأنه دائماً وحتماً محوط ومحفوظ بسياج محكم من السرية، وحتى بعد أن صار الإخوان هم المتربعين على سدّة الحكم، ويسابقون الزمن فى سبيل القبض على جميع مفاصل الدولة.
وهذه الصفة الأخيرة – السرّية – جعلت من الصعب جداً على الجماعة أن تحتفظ بأى وعود تقطعها أو اتفاقات تعقدها مع (الخارج)، والخارج هنا ليس المقصود به خارج الحدود، بل الخارج هو خارج الجماعة، بينما يمكن أن يكون (الداخل) خارج حدود مصر مادام داخل حدود نفوذ الجماعة، وهذا بدوره جعل تفسير أو تبرير أى قرار أو موقف أو فعل صادر عنهم صعباً أيضاً، لأن مجرى الأمور فى الداخل غيره فى الخارج، كأنك – مثلاً – تنصح بوذياً بأن يصلى الجمعة، أو أنك تحاكم مواطناً من كوبا، داخل كوبا، وخارج جوانتانامو، حسب القانون الأمريكى، وهذه أمثلة للتشبيه لا أكثر.
وعلى الرغم من النجاح الكبير (للتنظيم)، فإن (السرّية) التى فصلت بين الإخوان المسلمين وبين غير الإخوان - ولا أدرى هل يعدونهم مسلمين أم غير ذلك! جعلت فكر الجماعة، وقياداتها بالذات، فكراً متوحداً مستفرداً، وجعل من سماتها – الجماعة - دوام الوقوع فى نفس الخطأ.
