رئيس التحرير
عصام كامل

الصناعة المصرية في عهد الرؤساء.. المجد نصيبها في عهد عبد الناصر.. الانفتاح الاقتصادي أدى لتدهورها أيام السادات.. والخصخصة أصابتها بالشلل في عصر مبارك.. الإغلاق وتوقف الإنتاج الوضع الراهن


مرت الصناعة المصرية بالعديد من المراحل، خلال الـ65 عامًا الأخيرة، بداية من إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وحتى الوقت الراهن، وعندما تسلم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حكم مصر، كانت مصر دولة متأخرة صناعيا، وجميع خيرات البلاد تذهب لصالح الدول الأجنبية، وكان الغرب هم من يسيطرون على الاقتصاد المصري.


عبد الناصر
أظهرت آخر ميزانية للدولة عام 1952 عجزا قدره 39 مليون جنيه، وكانت مخصصات الاستثمار حينها سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص صفرا، وبدء عبد الناصر بخطته الإصلاحية في الاقتصاد، حيث أنشأ أكبر قاعدة صناعية في العالم الثالث ليبلغ عدد المصانع 1200 مصنع، كما تم بناء مجمع مصانع الألومنيوم في نجع حمادي، ومد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، وبناء المناجم في أسوان والواحات البحرية، ومن بعدها تأميم القناة، إلى أن انشأ المؤسسة الاقتصادية عام 1957 والتي تعتبر النواة الأولى للقطاع العام المصرى، وآلت إليها كل المؤسسات الأجنبية التي تم تأميمها.

عهد السادات
وبالانتقال إلى عهد السادات، يرى جلال أمين، الخبير الاقتصادي، في كتابه قصة الاقتصاد المصري، أن دائرة الديون المحلية والخارجية توسعت بسبب الانفتاح الاقتصادي على الغرب، والتحول من الاشتراكية للرأسمالية، واتباع سياسات اقتصادية متناقضة، وعدم تجديد بنيته الإنتاجية، مضيفًا أن السادات لم يحسن ترشيد موارد القناة لتمويل احتياجات الاقتصاد، وبدأ التفريط في وسائل إنتاجها فازداد معدل البطالة، وتدنى مستوى المعيشة.

وتابع: "وصل الاقتصاد المصري إلى أدنى مستوياته، إضافة إلى انتشار الفساد وكثرة السرقة والتحايل على أموال الدولة، وارتفاع معدلات التضخم، وعلى الرغم من ضعف الاقتصاد إلا أن معدل الناتج القومي كان مرتفعًا، وبعد مقتل السادات تحول عمال المصانع إلى مشردين نتاج الخصخصة، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الإضرابات، بل احتلال العمال لمصانعهم، مما يعكس وضع تلك المصانع في هذا الوقيت".

حقبة مبارك
ومن سيئ إلى أسوأ ففي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، زادت معدلات البطالة إلى نحو 29% وظهرت سياسات الاحتكار من قبل رجال الأعمال المقربون من النظام، لتسجل خسائر الاقتصاد حتى اندلاع ثورة يناير، ما يزيد عن 200 مليار جنيه.

الخصخصة
وتعد فوضى بيع المؤسسات الاقتصاديه المملوكة للدولة "الخصخصة"، أكبر سلبيات النظام، وانهارت المصانع بشكل واضح، حيث رصد مركز حقوق الأرض أنه منذ عام 2004 وحتى عام 2014 تم خصخصة عدد كبير من المصانع، ليكون إجمالي ما تم بيعه من شركات القطاع العام 413 شركة، ويستمر البيع في الزيادة ويصل عام 2006 إلى 642 شركة، وكانت حصيلة البيع 23 مليارا و737 مليون جنيه، وتمت تصفية 33 شركة وبيع 84 شركة للمستثمرين، وعلى غرار حقبة السادات وانتفاضة العديد من العمال، بسبب ضياع حقوقهم من أجل الخصخصة، وشهد هذا العصر احتجاجات عمالية شهيرة أشهرها يوم "6 أبريل 2008.

عصر السيسي
تسلم الرئيس السيسي مقاليد الحكم في البلاد بعد ثورتين، وكان الجميع يحلم بتغير الأحوال والتمتع بالازدهار بجميع المجالات، إلا أن هذه الأحلام ذهبت مع الريح وتفاجأ الجميع بتراجع القطاع الصناعي وارتفاع الأسعار، وأُغلقت العديد من المصانع، نتيجة لارتفاع أسعار الوقود، والتكلفة، بسبب ارتفاع سعر الدولار، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدل الخسائر.

غلق المصانع
وعلى الرغم من المحاولات الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة لإصلاح البنية الاقتصادية، وخاصة بعد تعويم الجنيه، إلا انها باءت بالفشل، وكان إغلاق العديد من المصانع في أغلب المجالات هو خير دليل، وكانت الحصيلة، إغلاق 60% من ورش تصنيع الأثاث بقرية "كتامة"، و70% من ورش دمياط ومصانع البلاستيك بشبرا.

وأكد محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، توقف 40 مصنع لتصنيع أوانى الألومنيوم، كما حذرت مجموعة من مستثمرى ومصنعى الألومنيوم بأن زيادة الأسعار تنذر بإغلاق المصانع وتشريد العمالة.

تشريد العمال
وبالنسبة لمصانع الطوب، يواجه نحو 1500 مصنع طوب شبح الإغلاق وذلك عقب عملية التعويم، وتهديد مصير 200 ألف عامل.

أكد خالد أبو غريب، المتحدث باسم جمعية مصانع الطوب بالجيزة، أن ارتفاع سعر الدولار أثر بالسلب على صناعة الطوب، فقد ظهر تأثيره المباشر في المواد البترولية، مشيرًا إلى تفاقم الخسائر المالية مع ارتفاع سعر الدولار.

قطاع الأدوية
وأطلت حالة الركود والتراجع التي تشهدها البلاد بوجهها القبيح على القطاع الصحي، حيث اختفت العديد من الأدوية بالأسواق لنفاذ كميتها، وحذر هشام حجر، رئيس شعبة الأدوية بغرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، من توقف مصانع الأدوية عن العمل خلال الفترة المقبلة بسبب استمرار أزمة ارتفاع أسعار الخامات الدوائية وخاصة بعد تعويم سعر الجنيه.

فشل الحكومة
أكد خالد الشافعي، الخبير الاقتصاي، أن الحكومة فشلت في جميع محاولاتها الإصلاحية، مشيرا إلى أنها لم تعمل على تحقيق التنافسية في الصناعة، وأن الدولة اخفقت في دورها الأساسي وهو تحقيق التنمية الصناعية والزراعية.

غياب الرؤية
قال عبد المطلب عبد الحميد، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن أبرز معوقات الصناعة الحالية، هو ارتفاع سعر الدولار والذي له تأثيره المباشر على زيادة أسعار المستوردات، وبالنهاية يحدث عجز في الميزان التجاري بين الصادرات والواردات، فضلًا عن ارتفاع أسعار الخامات المستوردة، والتي بدروها تعمل على زيادة المنتج داخل البلد.

وأضاف عبد الحميد، أن زيادة عدد المصانع المغلقة خير دليل على فشل المجموعة الاقتصادية الحالية، مشيرًا إلى أن المسئولين الحاليين، ليس لديهم رؤية حقيقية تجاه الإصلاح الاقتصادي، فضلًا عن كونهم يعملون بنفس أسلوب بطرس غالي.
الجريدة الرسمية