رئيس التحرير
عصام كامل

قرى الدم والنار في صعيد الدلتا «الدقهلية»

محافظة الدقهلية
محافظة الدقهلية

تعد محافظة الدقهلية واحدة من المحافظات التي تشهد توترات أمنية؛ بسبب وجود بعض البؤر والأوكار الإجرامية التي يصعب على قوات الشرطة دخولها؛ لوجود العديد من المعوقات، وتتمتع دائرة مركز شرطة ميت غمر بنصيب الأسد في التواجد الإجرامي.


وبالرغم من قيام القوات المسلحة ووزارة الداخلية، ببذل كل الجهود من أجل الحد من تهريب الأسلحة وانتشارها وقيام مديرية أمن الدقهلية بحملات أمنية مكثفة لضبط الخارجين على القانون وحائزي الأسلحة النارية والمتاجرين، إلا أن هناك قرى بأكملها تسيطر عليها تجارة السلاح ومنها قرية الشبول الواقعة بمركز المنزلة، التي تعرف بأنها أحد أوكار تجارة السلاح.

وفى ميت غمر تعاني قوات الشرطة من منطقة «ميت أبو خالد» ودائرتها، التي تعتبر من أخطر البؤر الإجرامية بالمحافظة؛ حيث يوجد بها العديد من التشكيلات العصابية التي تخصصت في سرقة السيارات تحت تهديد الأسلحة الآلية.

تتمركز تلك التشكيلات في العديد من المناطق بدائرة مركز شرطة ميت غمر، ومنها الأشهر والأخطر على الإطلاق تشكيل ميت أبو خالد الذي كان يقوده «أحمد حماد» أحد أخطر العناصر الإجرامية بالدقهلية والهارب من السجون في غضون ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، الذي ألقي القبض عليه بعد عناء وتتبع من الأجهزة الأمنية بالدقهلية وترقب دام لأعوام وتم ضبطه بنطاق مديرية أمن الجيزة، وبالتنسيق بين مباحث الدقهلية والجيزة، وتولى حمل الراية خلفا له المسجل خطر «خالد جمال» وهو العنصر رقم 2 بالتشكيل الذي استكمل مسيرة أحمد حماد قائدا للتشكيل واستمر التشكيل في عمليات السرقة والنهب تحت تهديد الأسلحة الآلية، ويتنقل أعضاء التشكيل العصابي ما بين مزرعة بقرية الدبونية، مصرف السنترال بميت أبو خالد، وعلى ترعة السرو بكفر الشهيد، وتعجز الأجهزة الأمنية عن دخول تلك المناطق؛ حيث إنها غير ممهدة ولا تتسع لسير السيارات ولا يمكن دخولها إلا بواسطة الدراجات النارية أو سيرا على الأقدام قرابة الــ20 كيلومترا، ولا يمكن مسحها إلا بواسطة الطائرات؛ حيث يتمركز التشكيل في حديقة موالح تبلغ مساحتها 180 فدانا ما بين مصرف الحاكمية وعزبة عفيفي.

ومن أكبر الصعوبات التي تواجه قوات الشرطة هو كون حديقة الموالح مشتركة بين 3 محافظات « الحاكمية محافظة الدقهلية، أبو نجاح محافظة الشرقية، المفتى محافظة القليوبية»، وينتقل التشكيل ما بين تلك المناطق وطريق ميت أبو خالد – كفر الشهيد لوجود سوق المواشى يوم السبت من كل أسبوع.

يوجد بميت غمر تشكيل عصابى آخر تواجده ما بين عزبة البلاطين - عزبة الكراشي دائرة مركز ميت غمر، ونشاطه يتلخص في السرقة بالإكراه للسيارات والتوك توك والدراجات النارية، وتعد تلك المنطقة من الصعوبات التي تواجه الأجهزة الأمنية؛ حيث يكثر بها حدائق الموالح التي يلجأ لها أفراد التشكيل للاحتماء من قوات الأمن، ما يجعل المواجهة أصعب على القوات.

تشكيل آخر يتمركز بين قريتى دنديط – الدبونية ويقوده عبده قطامش شقيق متولى قطامش الذي لقي حتفه في حملة أمنية لتطهير المنطقة واستشهد في تلك العملية الأمنية الشهيد الرائد أحمد متولى بقرية دنديط دائرة مركز ميت غمر في غضون 2011، الذي كان يعمل بقطاع الأمن المركزي بالمجزر «قطاع الأمن المركزي بشرق الدلتا» وأطلق عليه اسم «قطاع الشهيد أحمد متولي» تكريما وتخليدا لاسم الشهيد، ويتمركز التشكيل بحدائق الموالح، الذي يجعل الأمر صعبا ويكاد يكون مستحيلا على قوات الأمن الوصول له.

وتواجه قوات الأمن صعوبات بالغة في دخول تلك المناطق بل ليكون التعبير صحيحا فتلك المناطق يستحيل على قوات الأمن دخولها كونها مناطق مليئة بالأشجار وحدائق الموالح، وإن حدث وتصادف حدوث المواجهة بين أحد تلك التشكيلات وقوات الأمن يقوم أفراد التشكيل بالفرار إلى محافظة الشرقية أو القليوبية وجغرافيا وطبقا للقانون المصرى لا يسمح للقوات بالخروج خارج دائرة الاختصاص المكانية.

وأصبحت قرية ديمشلت التابعة لمركز دكرنس بالدقهلية تحمل لقب «صعيد الدلتا» بقيام العديد من أهلها بعمل ورش ومصانع صغيرة لصناعة السلاح المحلي من الخرطوش والمقروطة التي تستخدم في إطلاق الخرطوش وتعديل مسدسات الصوت لاستقبال وإطلاق الطلقات الحية، وذلك بجانب الاتجار في جميع أنواع الأسحلة. 

ورغم الحملات الأمنية المتتالية على القرية وضبط العديد من الأسلحة وأصحاب المصانع، إلا أنه لا تتوقف تلك التجارة أو التصنيع؛ حيث تشتهر القرية بوجود عائلات بعينها تتوارث المهنة من تجارة وتصنيع باعتبارها مهنة أجدادهم «بيع وتصنع السلاح» وهم معروفون لرجال الأمن ولكن بعضهم له أعين داخل جهاز الشرطة يخطرهم قبل أي حملات مقابل مبالغ مالية ضخمة.

أما قرية الشبول التابعة لمركز المنزلة، التي تعد المصدر الرئيسى لبيع السلاح الآلى والبنادق الحديثة والمتعددة والرشاشات الجرينوف والقنابل والعديد من الأسلحة التي يتم تهريبها عن طريق البحر الأبيض المتوسط وإدخالها للبلاد من خلال بحيرة المنزل.

وأكد أحد أهالي القرية، أنه رغم علم الوزارة بذلك والحملات المتواصلة على القرية إلا أنه لم تستطع حتى الآن القضاء عليها نتيجة الطبيعة الجغرافية للقرية، التي تطل على بحيرة المنزلة التي تكون ملاذا دائما لهروب التجار والبلطجية وإخفاء الأسلحة داخل البحيرة؛ بسبب طبيعة القرية الوعرة التي يسهل التخفي فيها عن أعين رجال الأمن وتساعد بحيرة المنزلة على هروب البلطجية والتجار منها داخل غابات البوص المنتشرة بالبحيرة.

يشار إلى أنه في عهد وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، قامت وزارة الداخلية بحملة مكثفة بالتنسيق مع مديريات أمن الدقهلية وبورسعيد ودمياط والشرقية، إلا أن تلك الحملة لم تنجح في إلقاء القبض على كل المسلجين بالمنطقة وخاصة الهاربين من السجون في أعقاب فتح السجون في الثامن والعشرين من يناير عام 2011، ولم تؤت ثمارها وما زالت قوات الشرطة تعاني خطورة تلك المنطقة والأشقياء المقيمين بها الذين فرضوا سيطرتهم بشكل كبير أدى إلى استياء أبناء تلك المناطق من تلك العناصر التي تهدد حياتهم وحياة أبنائهم، وتجعلهم يشعرون كأنهم يعيشون في أرض الخوف.
الجريدة الرسمية