رئيس التحرير
عصام كامل

11 عاما على توليه.. الأزهر ما قبل الطيب وأسباب اختيار الراحل مبارك له

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
يحتفل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، غدًا الجمعة، بمرور 11 عاما على ذكرى توليه مقاليد الأمور داخل مشيخة الأزهر الشريف، في التاسع عشر من شهر مارس لعام 2010، شهدت خلاله الأزهر الشريف، تطورا كبيرا في تغيير وتيرة العمل داخل أروقة المشيخة، ومثلت قفزة حقيقة داخل المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي.


"فيتو" بدورها تبرز خلال التقرير التالي أبرز رحلة صعود الدكتور أحمد الطيب لمنصب شيخ الأزهر، وكيف كانت سنواته الأولى داخل أروقة الأزهر الشريف، وسر اختيار الرئيس محمد حسني مبارك له قبل رحيل الشيخ محمد سيد طنطاوي.

خطوة للخلف


مع الساعات الأولى من يوم العاشر من شهر مارس عام 2010 تفاجأ المصريون والعالم الإسلامي بخبر وفاة شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي، بعد أزمة قلبية فاجأته في مطار الملك خالد الدولي في المملكة العربية السعودية في أثناء استعداده للعودة إلى أرض الوطن، بعد مشاركته في أحد المؤتمرات الدولية بالمملكة، لينهي معه مرحلة مهمة من تاريخ المؤسسة العريقة.

رحيل الشيخ "طنطاوي" المفاجئ فتح الباب حينها للتساؤل حول الشخصية التي ستخلفه في الجلوس على كرسي المشيخة، في مرحلة بدأت فيها التغيرات العالمية والأحداث الدولية تتطلب من المؤسسة الدينية في العالم الإسلامي أن تكون أكثر انفتاحا على العالم، وأن تغير من أدوات خطابها الداخلي والخارجي حتى تستطيع التواكب مع التطورات الجديدة ولتكون فعالة أكثر في تناول القضايا الجديدة على الساحتين الداخلية والخارجية.

اختيار أحمد الطيب 


المعطيات السابقة التي فرضت نفسها جعلت رئاسة الجمهورية وقتها تراعي أن يكون شيخ الأزهر القادم ليس مجرد رجل دين يحظى بتقدير من حولة، بل فرضت أن يكون الرجل الذي سيتولى قيادة المشيخة في الفترة الجديدة، لديه من الأدوات والوسائل التي تمكنه من التعاطي السريع مع مجريات الأحداث اليومية وأن تكون لديه القدرة على تسريع وتيرة العمل داخل القطاعات المختلفة التي تتبع المشيخة، بجانب امتلاكه الأدوات المطلوبة لفتح قنوات تواصل مع المؤسسات الدينية الدولية.

ربما المواصفات السابقة هي التي رجحت كفة الدكتور أحمد الطيب لتولى شؤون المشيخة، وجعلت منه الخيار الأمثل، للجلوس على سدة الحكم داخل المؤسسة الدينية العريقة، فالرجل كان يتمتع بثقة المؤسسات الدينية المختلفة، وربما عزز ذلك هو توليه منصب مفتي الجمهورية ورئاسة جامعة الأزهر قبل مشيخة الأزهر ونظرا لإتقانه اللغتين الفرنسية والإنجليزية مما يجعله مؤهلا لقيادة الأمور داخل المؤسسة الدينية العريقة.

كواليس الاختيار


وبالعودة قليلا إلى ما بعد يوم وفاة الدكتور "طنطاوي" أوضحت التقارير الصحفية التي نشرت في تلك الفترة أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان يستكمل رحلة علاجه في ألمانيا بعد إجرائه لعملية جراحية حينها، وطبقا للقانون 103 لعام 1961 المسمى بقانون تطوير الأزهر فإن شيخ الأزهر يتم اختياره عن طريق رئيس الجمهورية، وأشارت التقارير حينها أن زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت عرض على الرئيس الأسبق ملفا به خمسة أسماء لاختيار واحد منها ليتولى رئاسة مشيخة الأزهر الشريف.

وحسبما كشفت مصادر مقربة من "مبارك" في وقت لاحق فإن الرئيس الأسبق فضل اختيار الدكتور أحمد الطيب ليتولى رئاسة المشيخة، نظرا للمعطيات التي ذكرناها منذ قليل، ولتمتع الرجل بخلفية ثقافية تجعله قادرا على قيادة المشيخة نحو العالمية، حيث أشارت المصادر إلى أن الرئيس الأسبق اختار الطيب وقال إنه يجيد الفرنسية والإنجليزية، وهذا ما نريده في شيخ الأزهر حتى يقدم صورة الأزهر والإسلام للعالم بلغاته المختلفة ويكون منفتحا على الآخر.



سنوات الطيب الأولى


وربما كان قدر الشيخ أحمد الطيب أو قدر للأزهر إن صح التعبير أن يتولى أموره رجل ذو شخصية قوية استطاع الحفاظ على المؤسسة الدينية العريقة ونجح في أن يجنبها مخاطر الانجراف نحو تيار معين بل نجح في إكسابها مزيدا من الاستقلال وعدم التبعية لأي جهة أخرى.

فلم يمض عام بعد تولى الشيخ الطيب رئاسة المشيخة حتى اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 حينها كان الأزهر يحاط بأصوات مختلفة بين دعوات المتظاهرين في الميادين بأن ينجذب الأزهر لصوت الشارع ويدعو المواطنين للنزول في الميادين، وبين الأصوات التي طالبته بضرورة الوقوف إلي جانب مؤسسة الرئاسة في محنتها التي كانت تمر بها في وقتها.

وبين هذه وتلك كان الأزهر وشيخة الطيب مهتما بدعوة كافة أطياف المجتمع إلى التحاور لتقرير مصير المرحلة القادمة، وكان معنيا في المقام الأول بحفظ الأرواح وضبط النفس وعدم إراقة الدماء وهو ما أكدته كافة البيانات التي خرجت من الأزهر الشريف حينها.

مضى عهد مبارك وتولى المجلس العسكري قيادة البلاد لفترة انتقالية، وحينها نجح الدكتور أحمد الطيب في الحصول على تعديلات مهمة على قانون 103 الخاص بتنظيم العمل داخل مشيخة الأزهر، وأقر المجلس العسكري حينها قانون جديد يغير من نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون عن طريق الانتخاب من هيئة كبار العلماء كما حصن القانون الجديد شيخ الأزهر من العزل بجانب امتيازات أخرى تمكنه من حريات أكثر لإدارة العمل داخل القطاعات المختلفة التي تتبع المشيخة.
الجريدة الرسمية