رئيس التحرير
عصام كامل

قضية «الجندي» تتصدر المشهد من جديد.. النائب العام: مات بحادث سيارة.. والدته تطالب بإعادة فتح التحقيقات.. والتيار الشعبي: تقرير الطب الشرعي أكد وفاته بالتعذيب


من جديد يفتح ملف وفاة الناشط محمد الجندي، عضو التيار الشعبي المصري، وذلك بعدما أمر النائب العام، المستشار هشام بركات، بإحالة أحد الشهود، الذي ادعى مقتل الناشط محمد الجندى من قبل رجال الشرطة للمحاكمة الجنائية، بتهمة ترويج شائعات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة والتأثير في سير تحقيقات النيابة العامة.


تحقيقات النيابة
وكشفت تحقيقات النيابة العامة، أن وفاة المجنى عليه كانت نتيجة حادث تصادم بإحدى السيارات المجهولة، وهو ما جزم به تقرير اللجنة الخماسية المشكلة من أساتذة كليات الطب بالجامعات المصرية، والذي أثبت أن وفاته لا يمكن أن تحدث نتيجة تعذيب بدني، وأنها على غرار تلك التي تنشأ عن حوادث السيارات.

وانتهت النيابة العامة إلى قيد القضية جنحة قتل خطأ وحفظها مؤقتًا لعدم معرفة الفاعل، مع تكليف الشرطة بالبحث والتحرى وصولًا إليه.

كما كشفت التحقيقات في القضية ذاتها، أن أحد الشهود بث شائعات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة، بزعمه أنه شاهد المجنى عليه أثناء تعذيب الشرطة له بأحد معسكرات الأمن في توقيت معين، فاصطحبته النيابة للإرشاد عن هذا المعسكر فلم يرشدها إليه، وثبت يقينًا للنيابة العامة، أن المجنى عليه كان بالمستشفى في ذات التوقيت الذي حدده ذلك الشاهد، لتلقى الإسعافات اللازمة وإنقاذه.

محمد الجندي
محمد الجندى مرشد سياحى، تخرج في جامعة الإسكندرية، وهو الابن الوحيد لأمه، وقد ذهب إلى "التحرير" ومعه زملاؤه للتظاهر ضد نظام حكم الإخوان المسلمين، واختفى في 28 يناير 2013 لمدة أربعة أيام متواصلة، حتى وجد بمستشفى الهلال، وأعلن في ذلك الوقت أن الجندى تم تعذيبه من قبل قوات الأمن المركزى، كان الجندى عاشقا للتنقل والسفر خارج البلاد، وكان يتمنى أن يرى مصر مثل أمريكا وغيرها من الدول المتقدمة، إلا أن القدر لم يمهله.

اختفاء الجندى
وفقًا للروايات في تلك الفترة فقد اختفى الجندى عقب مشادة كلامية حدثت بينه وبين أحد ضباط الأمن المركزي أثناء المظاهرات التي نظمتها القوى السياسية في يناير 2013 بميدان التحرير، ولم يعثر عليه إلا بعد عدة أيام في مستشفى الهلال في حالة غيبوبة تامة، وعلى إثرها لقي مصرعه.

وأكد بعض أصدقاء الجندي من التيار الشعبي، أنه تم إلقاء القبض عليه، مع نشطاء آخرين، على أطراف ميدان التحرير يوم 25 يناير في الذكرى الثانية لاندلاع الثورة، ونقل إلى معسكر أمني في منطقة الجبل الأحمر، في ضواحي القاهرة، وتم تعذيبه، وفقا لأقوالهم.

تضارب الأقوال
وقد تضاربت الأقوال حول حادث مقتل الجندى، الذي تم العثور عليه في مستشفى الهلال مصابا بجروح بالغة، لقي على إثرها مصرعه بعد عدة أيام، وأثارت تلك الواقعة لغطا شديدا نتيجة تضارب تقارير الطب الشرعى مع أقوال الطبيبين اللذين استقبلاه فور وصوله مستشفى الهلال، فقد أكدا أنه تعرض لتعذيب وصعق بالكهرباء، لكن تقرير الطب الشرعى أكد أن وفاته جاءت نتيجة حادث سيارة، وهو ذات الكلام الذي قاله المستشار أحمد مكي، وزير العدل آنذاك، قبل خروج التقرير، مما أعطى إيحاء بأن الحكومة تريد أن تنتهى القضية عند هذا الحد، في استباق صارخ لنتائج التقرير، الذي يعد نسخة مكررة من حادثة مقتل الشاب السكندري خالد سعيد، والتي كانت إحدى الشرارات التي فجرت ثورة 25 يناير.

التيار الشعبى يرد
وأعاد التيار الشعبى  نشر تقرير اللجنة الثلاثية التي شكلت من كبار الأطباء الشرعيين في قضية الجندي، والذي أكد عدم تعرض الجندي لحادث سيارة وأنه لم يتعرض للدهس أسفل عجلات سيارة‏.‏

وكشف التقرير أن الجندي توفي إثر التعدي عليه بالضرب المبرح والتعذيب مما أدى إلى إصايته بنزيف حاد في المخ وكسور في مختلف أنحاء جسده.

ووفقًا لبيان التيار الشعبى، فإن اللجنة كان تشكيلها برئاسة الدكتورة ماجدة القرضاوي نائب كبير الأطباء الشرعيين والدكتور محمود محمد على النائب الثاني للأطباء الشرعيين والدكتور هشام همام مدير إدارة التشريح بالطب الشرعي، وعكفت اللجنة على إعادة دراسة تقرير تشريح جثة الجندي وقالت اللجنة بإجماع الأطباء الثلاثة، إن الجندى لم يتعرض لحادث سيارة وإن الجندي توفي إثر تعرضه للضرب المبرح على جسده ورأسه مما أسفر عن إصابته بكسور في الضلوع وقدميه بالإضافة لإصابته بنزيف حاد في المخ أفقده الوعي لعدة أيام وبعدها فارق الحياة.

والدة الجندي
أبدت الحاجة سامية والدة الشهيد محمد الجندي اندهاشها بعد تلقيها قرار المستشار هشام بركات النائب العام المصري والذي أفاد أن مقتل نجلها جاء نتيجة حادث سيارة وتحويل أوراق القضية من قضايا الجنايات إلى الجنح وحفظها ضد مجهول بعد الاطلاع على التقرير الطبي الذي أعده خبراء وأساتذة جامعيون وأقر بذلك.

وطالبت والدة الشهيد النائب العام بإعادة فتح باب التحقيق في القضية من جديد حفاظا على حق نجلها كي لا تضيع دماؤه هدرا لافتة إلى أن كل من شارك وتواطأ في قتل نجلها ظلما سيلقي حتفه في النار حال وقوفه أمام الله عز وجل متمنية لنجلها دوام الرحمة وأن يسكنه الله فسيح جناته.

وأضافت والدة الشاب "محمد الجندي" عضو التيار الشعبي، أن النائب العام وتحقيقات النيابة قد أقرا بقرارها السابق وفق الاطلاع على أوراق مبينة أن هناك شيئا مبهما وراء نتائج تلك التحقيقات يهدف إلى إخفاء تورط مؤسسات بعينها وعلى رأسها رجال الداخلية في مقتل نجلها الراحل عنها طوال أكثر من سنة ونصف السنة تقريبا.

التيار الشعبى
وقال حزب التيار الشعبي، تحت التأسيس، في بيان له منذ قليل، إن ‏الشهيد محمد الجندي‬ لم تقتله سيارة، بل قتله ذئاب لا يزالون وأمثالهم قابعين في أماكنهم، وهم أشد خطرًا من غيرهم، فبهم تسقط الأنظمة وتفقد شرعيتها، بحسب البيان.

وأضاف التيار أنه كان هناك تقرير للجنة الثلاثية التي ضمت نخبة من كبار وأعمدة الطب الشرعي الذين أكدوا وفاته نتيجة الضرب والتعذيب.

وتساءل التيار هل كان تقرير "اللجنة الخماسية"، والذي لم يمارس أعضاؤه مهنة التشريح عمليًا هو الأقرب لتحقيق العدالة أم لتغييبها.
الجريدة الرسمية