رئيس التحرير
عصام كامل

«صباحي»: «السيسي» كان عضوًا بـ«المجلس العسكري الفاشل» وليس نموذجًا لـ«كفاءة الإدارة».. وزير الدفاع السابق لم يتخذ موقفًا من «أحداث الاتحادية».. «


اعتبر حمدين صباحي، المرشح لرئاسة الجمهورية مؤسس «التيار الشعبي»، أن مشاركته في الانتخابات الرئاسية تنفي عنها اتهامات «المسرحية»، رافضًا اعتبار الانتخابات المقبلة «مسرحية» أو أن نتائجها معروفة سلفًا لمصلحة منافسه المشير عبد الفتاح السيسي.


ورأى «صباحي»، في حوار مع صحيفة «الحياة» اللندنية، نشرته في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن وصوله إلى القصر الرئاسي سيكون «انتصارًا للثورة المصرية»، متعهدًا تنفيذ مطالب «ثورتي يناير ويونيو».

وإلى نص الحوار:

كيف تتوقع الفوز في الانتخابات وبعض من دعموك في الانتـخابات الماضية هم الآن ضمن حملة السيسي. أليس ذلك مؤشرًا إلى تراجعك؟

- أخوض الاستحقاق وأنا على ثقة في النجاح، وأنا أعتمد على حالة شباب يشعرون بأنهم شاركوا في ثورة ولم يجنوا ثمارها، هؤلاء يشعرون بغضب واستبعاد، لديهم حلم يراني الأقرب لتحقيقه، إضافة إلى قوى مجتمعية أقف في وسطها منذ ما يقارب الثلاثة عقود، مطلبها أن تعيش بكرامة وأن يكون هناك عدالة اجتماعية وتنمية حقيقية يوزع ثمارها بعدل، أراهن على هذه القطاعات الجيلية، وأقدم برنامجًا أتسق معه ولا يوجد كلمة تتضمنه تنتصر إلى هؤلاء إلا وبرهنت عبر 30 عامًا أنني أؤمن بها فعلًا ولدي الإرادة السياسية لتحقيقها، والخـــيار سيكــون أمام هؤلاء إذا أرادوا سأكون رئيسًا وأطبق هذا البرنامج.

تقول إنـــك تــــعتمد على قطاع من الشباب، لكن هذا القطاع منقسم وهناك منهم من يرفض انخراطك في الانتخابات ويفضل المقاطعة؟

- لدى نجاحات في اتجاه إقناع هذا القطاع بجدوى المشاركة في الانتخابات، سنواصلها خلال الفترة المقبلة، لأن هؤلاء جزء رئيسي في قوتي التصويتية، ولدي طموح بأن معظم العازفين عن المشاركة يعدلون مواقفهم، ونطرح منطق يعتمد على أن صوت المقاطع غائب، أما صوت المشارك فقوة تحسم، إذا شعر هؤلاء بأن أصواتهم قوة ستحسم فسينزلون وسيتجهون إلى الصناديق.

خلال لقاء أخير مع عدد من شباب الثورة أثير جدل حول محاكمة السيسي نحتاج إلى توضيح؟

- أنا أكدت خلال اللقاء أنني لا أتعامل مع السيسي كمجرم تجب محاكمته، بل على العكس فالجيش شريك في الثورة، نقدر ونحترم انحيازه إلى الشعب المصري، وأنا أسعى إلى شراكة مع الجيش في التنمية، وأرفض الوقوع في خطأ التقسيم: بين مؤيد للثورة ومؤيد للجيش. ما حدث أعتبره لبسًا، أو فهمًا خاطئًا لما ورد على لساني، وفي ظروف المنافسة عادة ما تحدث مثل تلك الأمور التي اعتبرها بسيطة، فمواقفي واحدة وآرائي أطرحها في كل مكان، ولا أحتاج إلى الحديث بأكثر من لسان، بحسب المكان الموجود فيه، أو الأشخاص الذين اجتمع بهم، والبديهي أن البرلمان المقبل هو المسئول عن إصدار قوانين العدالة الانتقالية وأن السلطة القضائية هي المسئولة عن المحاكمات وليس الرئيس.

وماذا عـــن مــوقـــف جبهة الإنقــــاذ الـــتي كنت عضوًا بارزًا فيهًا، هل تشعر بأنها خذلتك؟

- جبهة الإنقاذ ظهرت في لحظة محددة وهي: مواجهة الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي الذي اعتبرناه إعلانًا ديكتاتوريًا، وأعتقد أنها كانت مهمة جدًا لحركة جماهيرية وسياسية في مواجهة نظام «الإخوان»، وأعتقد أن الجبهة أدت دورها في التعاطي مع حكم «الإخوان» على أكمل وجه، على رغم الانتقادات التي وجهت إليها، لكن كان المطلوب منها «حاجة واحدة» وفشلت فيه، كان مطلوبًا منها إثبات بعد ثورة 30 يونيو، أن شعبًا قام بثورة شعبية مرتين قادر على تقديم بديل مدني ديموقراطي، ولو كانت اتفقت في أي لحظة بعد إقرار خريطة الطريق، دعم مرشح مدني للرئاسة، على أن تخوض بعدها كجبهة الانتخابات البرلمانية، كان هذا خيارها الأوفق وكان مطروحًا، وأعتقد أنه لو كان تم الاتفاق على مرشح بغض النظر عمن يكون، الجيش كان سيرحب بذلك الاتجاه ويخرج من المشهد، لكن فشل الجبهة في الاتفاق على مرشح رئاسي ببرنامجه وفريقه، هو ما ساعد في تقهقرها من المشهد، ما أدى إلى ظهور الجيش.

وكلما خلت الساحة من السياسة، توغل الأمن، المشهد المصري بات مشهد السياسة فيه تنســـحب والأمن يتقدم، وساعد على ذلك الدور الذي تلعبه جماعة «الإخوان» في إثارة الفزع واستدعاء قوى أمنية في مواجهتها. لذلك، لم أكن أتوقع منها أن تكون محل اتفاق على دعمي، والنتائج التي انتهت إليها الجبهة إلى حد بعيد فارزة للأحزاب والقوى المكونة لها، ودرجة اتساقها مــــع مقولتها إنها تريد دولة مدنية ديموقراطية، والأهم من ذلك قدرتها على الوجود في الشارع. تقدم مرشح من الجيش هو إعلان عجز للقوى المدنية والديموقراطية أن يمثل قيادة جادة.

> إذًا، أنت ترى أن السيسي كمرشح له خلفية عسكرية، الظروف هي التي فرضت وجوده، ولو كان سلوك جبهة الإنقاذ مختلفًا عن ذلك لما كان خاض الانتخابات؟

- أنا أثق بأن ظهور السيسي كمرشح رئاسي كان نتيجة لغياب الحضور الجاد والموحد للقوى والأحزاب السياسية، الجيش، قدم قائده لأداء دور سياسي، لأسباب أهمها غياب بديل مدني ديموقراطي.

هل سعيت لتحقيق ما تطرحه؟ وما طبيعة النقاشات التي دارت داخل جبهة الإنقاذ في هذا الشأن؟

- نعم... وعرضت عليها في أكثر من اجتماع أهمية أن نتـــفق على مرشح وبرنامج وفريق رئاسي، لكن كان يحال ذلك إلى ما بعد الانتــــهاء من حسم قضية الدستور، بعدها ظـــهر اعتـــقاد بأن السيسي ربما يتقدم للترشح، وفــريق مهم من داخل الجبهة كان يرى أنه لو كانت لدى السيسي رغبة فيجب ألا نطرح أحدًا في مواجهته وهو ما أدى إلى موقف من الانتظار، من دون حسم لهذا الأمر حتى أعلن السيسي نيته للترشح فتوقف الحديث داخل الجبهة، وقررت أن تترك لأطرافها حرية الاختيار.

نحن الآن أمام مجموعة من الناصريين يساندون منافسك ضدك وهناك أيضًا جبهة الإنقاذ هل كل هؤلاء خذلوك؟

- لا، الخذلان الذي يمكن أن أشعر به سيكون من جهة طرفين أكثر أصالة بالعلاقة بهم: شباب مصر المؤمن بالثورة والذي يرى في معظمه أن المرشح الآخر ليس اختياره، وهؤلاء الشباب بمقدار ما أنا جزء منهم يقفون معي بحماسة هائلة، هناك آخرون في حالة عزوف ومقاطعة وشعور بأننا أمام تمثيلية وليست انتخابات حقيقية. لذلك، فاختيارهم الآن ألا يكونوا طرفًا فاعلًا، إذا اختاروا أن يكونوا فاعلين أعتقد أنهم سينصرونني، أما إذا خرجوا من المعادلة فسيخذلونني، ثم الناس الذين أؤمن طول حياتي بقضيتهم وأناضل من أجل حقوقهم: الفقراء والعمال والفلاحين، لأن كل هؤلاء لديهم مصالح وحقوق حرموا منها وأمامهم فرصة هائلة في أن يكون من يجلس على مقعد الرئاسة معبّرًا أمينًا عنهم ويستطيع أن يأخذ قرارات تعبر عن سياسات تمثلهم، هؤلاء أيضًا إذا لم يقفوا معي فسأشعر بالخذلان، أما السياسيون، بغض النظر، سواء كانوا منخرطين في أحزاب أم نخب فحساباتهم المعقدة أتفهمها وهم ليسوا عاملًا حاسمًا في العملية الانتخابية.

هل تنتظر تأييدًا من حزب «النور» السلفي؟

- لا... أنا حريص على الحوار مع كل القوى السياسية، لكـن لا أتوقع دعم «النور».

> على المستوى العــملي هل تعتقد أن انحصار المــنافسة بيـــنك وبيــن السيسي أفضل، أم عنـــدما تـــكون قائمة المرشـــحين تضم أكثر من مرشح مثلما حدث في انتخابات 2012؟

- الانتخابات الماضية كان لدينا تعدد من دون الحاجة إليه، أما هذه المره فلدينا قلة شديدة في عدد المتنافسين (اثنان)، وأعتقد أن هذا أمر غير صحي، من الناحية الديموقراطية العامة، إذ إنها تعبر عن وجود قـــوى غير مــــمثلة، كما كانت ممثلة في الانتــخابات الماضية، وتعـــني أيضًا أن درجة الثقة في العملية الانتخابية أقل، وهذه مؤشرات لا بد من أن نضعها في الاعتبار. لذلك، كــنت أفـــضل وجود مرشحين كثر لإتاحة الفرصة للتنوّع البرامج.

لكن، على مستوى المنافسة المفترض أن تفضل قلة المنافسة، هل التنوع يفيدك في عدد الأصوات التي ستحصل عليها؟

- كان سيفيد في تأكيد قدرة مصر على إجراء انتخابات أكثر تنوعًا، وأكثر مشاركة، لأن أنصار المرشحين الغائبين الآن إما أنهم سيعطون أصواتهم إلى أحد المرشحين أو سيقاطعون الصناديق، كنت أفضل انتخابات تحقق نسبة أعلى من المشاركة، بالمعنيين مشاركة في الترشيح لطرح رؤى متنوعه، إضافة إلى مشاركة كبيرة في التصويت.

وبالنسبة للإسلاميين... هل كنت ترى أن وجود مرشح منهم يثري المنافسة أكثر؟

- نعم... وأعتقد أن غيابهم يضر بالمشهد، إذ إن وجود مرشح منتمٍ إلى التيار الإسلامي سيدل على أن هؤلاء ليسوا في عزلة وانفصال عن مجتمعهم، بل هم شركاء في عملية ديموقراطية، وبدلًا من أن يتفرغوا للشعور بالمظلومية والاستبعاد ويتبنوا خطاب كراهية، كنت أرى أن وجودهم كان ضروريًا.

الحزب الناصري أعلن تأييده للسيسي، وهناك ناصريون بارزون أيضًا معه بينهم السيد عبدالحكيم عبدالناصر... هل ترى أن فكرة توحد الحركة الناصرية انهارت؟

- لا... أنا أتقدم كمرشح شعبي، ولم أتقدم كمرشح حزبي، وهذه النخبة لا تصنع الميزان الانتخابي، والأحزاب في شكل عام فاعل مهم لكنها لا تحسم الانتخابات، وأنا ناصري لكني لا أقدم نفسي كمرشح ناصري، أقدم نفسي باعتباري مرشحًا شعبيًا، برنامجي مفتوح ولذلك من الطبيعي أن أجد من الناصريين من لا يقف معي، في مقابل أحزاب مختلفة في التوجه تقف معي.

حساب الأحزاب مهم، لكن حساب كتلة الشباب أهم، إضافة إلى الجماهير الطبيعية من المستضعفين، إلى أي مدى سنتمكن من الوصول إلى هؤلاء هذا ما سيحسم المعركة، ما أريد تقديمه أن مصر بمن فيها هؤلاء الشباب يتمكنون من حفر مجرى ديموقراطي للتغيير، والثورة لا تكون ميدانًا فقط، إنما تتبارى في انتخابات نزيهة عبر الصندوق واشتباك مع المشاكل التي يعانيها المجتمع، وحديثي ليس فقط عن الثورة، إنما عن الدولة، نحن نريد دولة ناجحة لأن ذلك سيؤدي إلى نجاح الثورة، يجب أن نتمكن من تعديل المزاج السائد في مصر، بدلًا من كونه مزاجًا يرى أن كل شيء سينتهي بالضربة القاضية، يصبح مزاج مؤمن بأهدافه ويرى أن الوصول إليها عبر تحقيق النقاط وجولات متتالية، وليس المطلوب أن ينجح في كل جولة، لديه صلابة أن ينجح وأن يكون لديه قدرة امتصاص الإخفاق في جولات.

وهذه دروس الثورة المصرية، إذ خرجنا إلى الشوارع لكن لم نصل إلى السلطة، وإنما أحالنا الأمر إلى سلطة انتقالية، وما دمنا لم نصل إلى السلطة عبر الطريقة الكلاسيكية للثورات: إسقاط الأنظمة والوصول إلى السلطة، يصبح ما تبقى لنا الطريق الديموقراطي، لو فرطنا في هذا الطريق أيضًا ولم نخض تلك المعارك، فهل نستقيل من المشهد؟ وأنا لا أعتقد أن بلدًا قام بثورتين ويريد تحقيق أهداف تلك الثورات يمكن أن يستقيل عن ثورته، يمكن أن نغير ونطور من آليتنا وهــــذه من الأشياء المــهمة التي أتــــوجه بها إلى المقاطعين، إذا الشباب استـقالوا من دور أدوه، فلـــماذا قمنا بالثورتين على مدى ثلاثة أعوام؟ وما هو البديل الذي يطرحونه: هل مـــوجة ثورية جديدة؟ أنا أرى أن الشارع غير مهيأ لهذا في هذه اللحظة، لا سيما أن هناك مجالًا للتنافس وإثبات قوتنا عبر الصندوق.

هناك من يشـــكك في الانـــتخابات ويعتبرها مسرحية، ما دليلك على أنها ليست مسرحية؟

- أنني موجود ضمن المرشحين.

يقولون إنك جزء من هذه المسرحية؟

- هم يقولون ذلك، لكنني عندما أخوض الانتخابات يكون الأمر جديًا، لأن تاريخي معروف لكل الناس، وهناك مسئولية مشتركة لتحقيق دولة مدنية ديموقراطية حديثة تحقق أهداف الثورة، وترشحي يعبر عن الثورة التي تبني الدولة ولا تصطدم بالدولة وتقوضها، وأنا مفهومي للثورة أنها تقوم حتى تصل إلى الدولة، وليس لأن تظل في الميدان.

لا يوجد ثورة تقوم إلا لأن هناك مطالب حقيقة للمجتمع، وهذا لن يتحقق من دون دولة قوية ناجحة، فمن يريد أن يترك الدولة حتى تعيد إنتاج أخطائها نفسها ويترك الشعب غاضبًا في الميدان ينتقد الدولة ويطالب بإسقاط قيادتها، أعتقد أنه يبقي مصر في حالة من الاستنزاف، نحن نريد الانتهاء من تلك الحالة.

تتحدث عن انحياز الدولة لمنافسك... في حين أننا وجدنا لجنة الرئاسيات تفتح الباب أمام تحرير التوكيلات يوم الجمعة، كما أنها وافقت على إضافة رمز «النسر» الذي طلبته، ما أعطى انطباعًا أنها تحابيك؟

- أعلنت رسميًا الانتهاء من جمع التوكيلات يوم الخميس، ولم أستفد من قرار فتح مراكز الشهر العقاري، وأنا أنظر إلى لجنة الرئاسة كهيئة مستقلة، وأحرص على أن تكون كذلك... الانتخابات الماضية (2012) رمز النسر لم يكن مدرجًا وطلبته وتمت إضافته أيضًا، لذلك هناك سابقة، وأعتقد أن الحرص على الحياد يجعل أنه عندما أطلب الرمز يتم الاستجابة لطلبي، وهو مؤشر طيب يظهر الحياد وليس المحاباة.

تستخدم كثيرًا تعبير أن «الثورة يجب أن تصل إلى الحكم»، هل تعتبر أن وصول السيسي إلى الحكم هزيمة للثورة؟

- أكيد، الثورة تصل إلى الحكم إذا نجحت أنا، وهذه مسألة لن تكون محل جدل، أما هل وصول السيسي إلى الرئاسة تعبير عن الثورة؟ أنا أعتبر أن الجيش شريك في الثورة، لكن السياسات التي سينفذها السيسي في حال فوزه، وطبيعة شركائه في إدارة الدولة وما يعبرون عنه من أفكار هي ما سيحدد. لكن، بالتأكيد لا أستطيع أن أضعه مع «الإخوان» في الخانة نفسها، لأن قدرته على الاستجابة للشارع وتعلمه من الدروس يسمح له بتجاوز أخطاء وقعت فيها جماعة «الإخوان»، مشكلة عبدالفتاح السيسي أنه جاء من صفوف دولة وليس من حركة شارع، والمزاج وطريقة التفكير والانحيازات الموجودة في الشارع لا تعبر عن النمط نفسه لطريقة التفكير لرجل جاء من صفوف الدولة، لأي مدى هو سيغادر نمط تفكير وانحيازات الدولة والمصالح المترتبة عليها حتى ينتصر للناس؟ هذا تحدٍّ صعب جدًا سيواجهه. وفي كل الأحوال الحكم عليه سيكون من قدرته على إنجاز البرنامج. إذًا، الثورة تنتصر بنجاحي نعم، أما بنجاحه فسننتظر ولا نستطيع أن نصدر حكمًا مسبقًا ضده.

لكن الناس ينظرون إلى سابقة الأعمال... ويعتبرون أن السيسي يمتلك ميزة الأداء في موقع المسئولية... الناس رأوه في اختبار إدارة أزمة؟

- الحقيقة أنها ميزة له، ولكن هي ميزة أوضح لي وتفوقه بمراحل.

كيف؟

- بحساب المواقف، السيسي أخذ موقف مع الشعب يوم 3 يوليو، قبلها أنا أخذت موقفًا مع الشعب يوم الإعلان الدستوري، ولو لم آخذ هذا الموقف ومعي غيري من القوى السياسية والأهم نزول الجماهير معنا لما كان للسيسي أن يأخذ موقفًا، تم الاعتداء علينا في أحداث الاتحادية والسيسي لم يأخذ موقفًا، وهذا اتجاه أنا أتفهمه، وتعبير عن الإدارة الذكية التي تتدخل في الوقت المناسب، لكن الوقت المناسب جاء عندما خرج الشعب بالملايين، من أحرز الهدف هو الشعب والسيسي فقط خرج ليعلن النتيجة، الشعب نزل بالملايين وهو ليس لديه ضامن لموقف الجيش لأنه نزل مرات عدة ولم يتدخل الجيش، البطولة الحقيقية للشعب المصري، أما الدور الثاني فكان للجيش.

هل كان يملك أي قائد في الجيش تحريك جندي من معسكره ضد رئيس الجمهورية قبل أن يرى الملايين في الشارع؟ مستحيل... نحن نريد أن نقارن بين قدرة على القرار نحترمها للسيسي بعد نزول الشعب، وبين قدرة الشعب أن يأخذ القرار من دون أن يعلم موقف الجيش بأن يخرج ليتحدى رئيس الجمهورية، وأدواته، أنا رجل اتخذ قرارات مذ كنت طالبًا في الجامعة، وكلها قرارات تتحدى سلطات وتعبر عن مصالح الناس، فالإرادة ما هي أكثر من إرادة سياسية؟

هناك رموز سياسية من المحسوبين على الثورة شاركوا في حكومات ما بعد الثورة لكنهم فشلوا في اختبار العمل التنفيذي؟

- يجوز وجود نماذج تفشل ونماذج أخرى تنجح، لكن عندما أتحدث عن منصب رئيس الجمهورية، يجب أن نتحدث عن القدرة على امتلاك إرادة سياسية تنتصر لمصالح الناس، وهذا هو المفتاح الرئيسي للرئيس المقبل، المفتاح يكمن في القرار، نحن نريد إرادة وإدارة، بعدد الإرادة تأتي الإدارة. أنت تحكم على السيسي لانحيازه للإرادة الشعبية، إنما نحاسبه عن كفاءة إدارته، ألم يكن هذا الرجل عضوًا في المجلس العسكري السابق، وإدارته الفاشلة، وكانت لديه مسئوليات في الدولة لو راجعناها فسنجد أنه ليس بالنموذج المبهر لكفاءة الإدارة.

رحبت بتظاهرات «الإخوان» التي ترفع شعارات «رابعة»، وهو ما يتناقض مع حكم قضائي باعتبار الجماعة إرهابية؟

- جماعة «الإخوان» فشلت في الحكم وارتكبت خطيئة في المعارضة، في استخدام العنف وليس رفع شعارات أو هتاف، لا أتوقـــف عند شعار رابعة، أو هتاف يدين أية ممارسات هو حق لكل المصريين، الـــتزامهم الوحيد أمام دولة الــــقانون هـــو السلـــمية.

وأنا سأقوم بتغيير قانون التظاهر الحالي (الذي صاغته الحـــكومة الانتـــقالية وأثار جدلًا واسعًا)، وسأطــــلق سراح كل من سجن بأحكام وفـــقًا لهذا الـــقانون، الـــذي يجــــب إسقـــاطه، مكــان صــاحب الرأي ســـواء عبر عـــن هـــذا الرأي عبر هتاف أو شعار أو لافتة، هو حرية أنا مسئول عن حمايتها.

حتى وإن تضمن ذلك تحريضًا؟

- لا، عندما يتضمن تحريضًا يقع تحت طائلة القانون.

شعار «رابعة» يرفع خلال تظاهرات تعتمد على التحريض؟

- إذا حرض على عنف وإرهاب لا بد من أن يخضع للقانون ويحاسب، يجب أن نفرق بين العنف والتعبير السلمي، ودولة القانون مسئولة عن حماية التعبير السلمي ويجب أن تواجه العنف بعنف أقصى منه، من يحمل بندقية نحمل له مدفعًا، وهذا حق الدولة والمجتمع وواجب الرئيس. وممارسو الإرهاب والمحرضون على العنف بالقول، أو الذين يدفعون إليه لا بد من أن يخضعوا للقانون، لكن يجب أيضًا أن نواجه هؤلاء مواجهة فكرية تكشف فساد فكرهم وسوء تفسيرهم للدين، وليس مواجهة أمنية فقط.

إذًا، من الواجب التفرقة بين العنف ممارسة أو دعوى أو تحريضًا، وخطاب التمييز والكراهية كله، هناك خطاب لا يحض على عنف لكن يحط من قدر مواطنين، ويعلي من قدر آخرين من دون أي احترام للمواطنة والمساواة، وذلك يرد على كثير من الخطابات: خطاب باسم الدين يكفر، وخطاب باسم الوطنية يخون، وخطاب باسم الثورة يهين ويدين، كل هذه الخطابات ذات الأحكام القطعية يجب أن ننتقل منها إلى خطاب يبدأ من الرئيس، وتوجهات الدولة لكن الأهم فيه الإعلام والتعليم، نريد خطـــابًا جادًا عاقلًا يحترم التنــوع والتـعدد، ويتصدى جماعيًا للعنف.

هل ستعمل في حال فوزك على وجود حزب لـ «الإخوان» بعد كل ما جرى؟

- أنا أرى أنه لا يوجد حزب لـ «الإخوان»، وهذا بحكم الدستور الذي نحترمه، ولا توجد جماعة «الإخوان» وفقًا لحكم قضائي، لكن لا بد من التفرقة بين التنظيم والأفراد، أنا آتٍ لحكم بلد أربع سنوات بلا وجود لجماعة أو الحزب لكن بالدرجة نفسها أنا مسئول عن كل فرد في المجتمع بغض النظر إخوانيًا كان أو إسلاميًا، يجب أن تصان حرياته وحقه في العمل وحقه في التعبير السلمي عن الرأي وحقه إذا أراد خوض الانتخابات.

ما ألاحظه الآن أن البلد فيه موجة لعزل كلي لـ «الإخوان» تنظيمًا وأفرادًا، وعزل يشمل الإسلاميين «الإخوان» أو غير «الإخوان» وهذا تمييز ثالث، إذ إننا يجب أن نميز بين «الإخوان» وغير «الإخــوان» الذيـــن أدانوا موقف الجماعة ولم يشاركوا فـــي عنـــف، إذا نجحنا في ترسيخ هذا التمـــييز بطريقة راشدة فهذا جزء من رؤية لتــضميد جراح مصر، وبدلًا من أن يكــــون البـــلد في اشتـــباك مع نفـــسه بسبب الانقسامات، يبحث عن مستقبل.

الآن تـــتنافس مع السيسي، فـــهل تغـــير مــوقــفك الرافـض شــعار «يسقــط حكم العسكر»؟

- موقفي ثابت من الجيش، وأنا احترمه وأرى أن الجيش يجب أن يلقى كل دعم من الرئيس المقبل، وجزء من هذا الدعم يمكنه من أداء دوره الدستوري في أن يكون حاميًا للبلاد وليس حاكمًا، وأن يكون مؤسسة لضمان الأمن القوى ضد تهديدات الخارج والداخل، ولا ينغمس في التجاذبات الحزبية أو السياسية.

وماذا عن علاقتك بالولايات المتحدة الأميركية؟

- أريد علاقة جيدة معها، أي تكون ودية ندية، لا علاقة تبعية.

هل تواصلت مع المسئولين فيها؟

- لا... لكن ليس لدى موقف رافض تجاههم، أريد أن أؤكــــد أن مصر تحتاج إلى علاقة مـــتزنة مع أن تفتح علاقات مع كل القوى الإقليمية، كما تحتاج إلى دور عربي جاد، خصـــوصًا تدعيــم علاقات وثيقة مع الخليج العربي، أريد أن أكون طرفًا في حماية أمن الخليج الذي يتعرض لتهديدات حقيقية، على أن يكون الخليج شريكًا في تنمية حقيـــقية. الشراكات العربية إذا قامت على أساس تبادل المصالح، لا سيما في ملفي الأمن والتنمية فستحقق نجاحات ومصالح لمصر. دور الخليج بعد ثورة يونيو إيجابي جدًا ويجب احترامه كما يجب أن نحرص على استمراره.

كنت طرحت في الانتخابات الماضية تشكيل حلف مع تركيا وإيران، وهاتان الدولتان تقفان الآن في الصف المعادي لما جرى في البلاد، فهل غيرت فكرتك؟

- أرى أن الاختيار الصحيح لمصر والعرب أن يخرجوا من أية نزاعات إقليمية، إذا هم بادروا إلى خلق حالة على حساب أمننا ومصالحنا، لا بد من التصدي لهم، لكن عندها لن يكون اختيارنا، نحن لا نبحث عن معارك، نريد تركيا وإيران مع العرب، ندير علاقات تحقق مصالح مشتركة، وتؤمن كل الأطراف من التدخل في شئونها الداخلية من جانب أي طرف، وتتبادل المصالح خصوصًا في الأمن والتنمية، هل (رئيس وزراء تركيا) أردوغان الآن يساعد على ذلك؟ بالتأكيد لا، خطابه مرفوض، هل أداء إيران الآن يساعد على ذلك؟ لا، أنا أسعى إلى نقل هؤلاء بقدر ما يبدون من استجابة للنقطة التي أراها صحيحة، لا أريد لهؤلاء أن يتدخلوا في شأني، لا أريد لإيران أن تمثل تـهديدًا لدولة عربية، لا سيما الخليج، ولا أريد لتركيا أن تلعب أدوارًا ضد سورية، أو العراق أو مصر، أو أن تتورط في تصريحات غير مسئولة تعطي أحكامًا ضد المصريين لمصلحة جماعة، لا يجب أن دولة بحجم تركيا وشعب بتاريخه يجد نفسه أمام حكومة تنحاز إلى جماعة على حساب الشعب المصري.

وماذا عن «حماس»؟

- أي طرف سيتجرأ على الأمن المصري، فسنقف ضده، هذه قاعدة، أنا أدعم فلسطين من دون تمييز، وأنا سأبقى مع حقوق الشعب الفلسطيني، أما «حماس» فإذا كانت تؤدي دورها كجزء من فلسطين، يقاوم المحتل، ولا يعتدي على أمن مصر وهو ما سنواجهه بحسم، فنحن معها.

متى ينسحب حمدين صباحي من السباق الرئاسي؟

- لن أترك السباق إلا لو وجدت تدخلًا فجًا ظاهرًا من الدولة، أو تزويرًا في الانتخابات، أنا أدخل انتخابات مذ كنت طالبًا ضد الدولة والسلطة، ولست رجلًا مثاليًا حتى أتصور أن الدولة المصرية ستكون محايدة، لكن أنا أيضًا لست مثاليًا بأن أجلس في منزلي وأنتظر أن تصبح الدولة محايدة ويتم ترسيخ دعائم الديموقراطية في البلد وعندها أخوض الانتخابات، الديموقراطية أحصل عليها بقدر ما أشتبك وأناضل من أجل تأكيدها.

ما الدور الذي ترسمه لنفسك في حال خسارة الانتخابات؟

- أتمنى لمصر ولثورتها النجاح فأنا أريد دولة ناجحة، إذا كانت إرادة الشعب لا تريد وصولي إلى الرئاسة، فسأكون معارضًا.

حتى وإن كانت سياسات الرئيس المقبل تتوافق مع قناعاتك؟

- أنا أرى أن ما ينتظرني هو نجاح في معركة، فتحمل المسئولية هو أن أكون في صفوف معارضة قوية وطنية تؤمن بالدولة، وهذا جزء من دور يجب أن نعززه، وسأعين الدولة بقدر ما تسير في طريق تحقيق أهداف الشعب وثورته، وسأعارضها في حال خرجت عن الطريق. فكرة أن أشغل منصبًا أو جزءًا من السلطة التنفيذية بالتعيين غير واردة.
الجريدة الرسمية