رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية النهر عابر الحدود!

أسوأ شىء أن يفتى أحد فى أمر لا يفقهه لأن فتواه سوف تكون غير سليمة وخاطئة.. ولكن ذلك للأسف الشديد أصبح من الأمور العادية لدينا.. يخرج علينا كل يوم من لا يفقهون فيما يتحدثون عنه ويرتدون ثوب الخبراء ويطلقون فتاويهم المختلفة والتى باتت تغطى كل المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية أيضا.


وأحدث فتوى قانونية أطلقت علينا مؤخرا فى خضم احتدام أزمة سد النهضة، هى تلك الفتوى التى تقول إن النهر العابر للحدود ليس نهرا دوليا، وبما أن مقدمة إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا عام ٢٠١٥ تحدث عن الأنهار عابرة الحدود فإنه علينا أن نتنصل من هذا الإعلان الذى يسلبنا حقنا فى نهر النيل أمام المنظمات الدولية، وثمة فرصة لذلك بعرض الاتفاق على البرلمان ليرفضه..

غير أن هذه الفتوى غير صحيحة لأنه ليس ثمة فارق فى وصف مجرى مائى بأنه دولى ووصفه بأنه عابر للحدود.. فكلا الوصفين يعنى أن المجرى المائى يمر فى أكثر من دولة، أى تتشارك فيه دولتين على الأقل.. ووصف عابر للحدود يعنى حرفيا أن النيل عبر حدود اثيوبيا وتجاوزها ليمر بعدها فى السودان ثم مصر، وهذا ما يعنيه أيضا وصف دولى للنهر ..

وهذا الكلام ليس من عندياتى وإنما سألت فيه خبيرنا الكبير فى القانون الدولى وأحد أبطال المعركة القانونية لاسترداد طابا دكتور مفيد شهاب.. لذلك أتمنى خاصة فى قضية وطنية مهمة أو أزمة حادة أن نرجع للخبراء الحقيقيين وليس المزيفين حتى لا يصلنا من يدعون الخبرة ويطاردوننا بفتاويهم الفاسدة.

بقى القول إن اتفاق المبادئ هو الاتفاق الوحيد الذى ألزم إثيوبيا بألا تتخذ إجراءات أحادية فى ملء وتشغيل سد النهضة، وهو أحد أوراق تكثيف الضغط عليها لكى نبرم إتفاقا قانونيا ملزما بإجراءات الملء والتشغيل سواء فى سنوات الفيضان أو الجفاف والجفاف الممتد، وهو أحد الحجج القانونية لنا باللجوء إلى الخيار غير السياسى إذا اضطررنا له، لأن إثيوبيا خرقت أهم بنوده. 
الجريدة الرسمية