رئيس التحرير
عصام كامل

بيان النجاح وسنينه

نجح نجلى بفضل الله فى امتحان الشهادة الإعدادية، وثبت ذلك بالدليل القاطع والبرهان الساطع من خلال موقع "بوابة نتائج التعليم الأساسي"، فضلا عن الشهادة الدراسية الصادرة من مديرية التربية والتعليم، الممهورة بالعديد من الأختام الحكومية التى تثبت صحة نجاحه بالدرجات المفصلة وشهادة كافة الأسماء الموقعة عليها..

 

 

إضافة إلى أن بحثه المقدم في الفصل الدراسي الثانى، جاء من المقبولين، وبالتجميع على نتائج الفصل الدراسي الأول المعتمدة أيضا من الوزارة، ثبت بلا أدنى شك أنه ناجح بــ"الثُلث" بمجموع درجات ولله الحمد ممتاز.

 

 أريد حلا


ورغب نجلى فى الانضمام إلى مدرسة ذات مستوى تعليمي مرتفع، تقع خارج نطاق المربع السكنى للحي الشعبي الذي نقطن به، وبالفعل كان مجموعه الكلي يؤهله للالتحاق بها بجدارة، و استوفينا كافة الأوراق إلا واحدة تسمى "بيان نجاح"، كل وظيفته انه يبرهن على نجاحه رغم كل الاثباتات السابقة!.



بادرت مبكرا بالذهاب إلى مقر الإدارة التعليمية التابعة للحي الذي أقيم به، وسألت عن البيان فأشاروا لى:" قف فى هذا الطابور وخذ دورك"، ووجدت طابورا ممتدا امتداد سور الصين العظيم، وحصلت على رقم من المسئول عن توزيع هذا الطابور، وكان رقمى يتجاوز الثلاثمائة، فى حين كان من يقف على شباك تقديم الطلبات، مازال فى رقم 12، فضلا عن الازدحام الكثيف وعدم الالتزام بالدور، و خلع الكمامات الطبية من الكثيرين جراء الحرارة وعدم وجود مظلة تحمي رؤوسهم.

 


صعقت من مشهد الطابور المزدحم الذي أصابني باليأس البالغ أن أنجز مهمتي سريعا وأعود أدراجي، فبادرت بالاتصال بمدير تلك الإدارة التعليمية، الذي رحب بى، وأبلغني أن أحادثه هاتفيا، حال وجودى أمام أحد مسئولى تلقى الطلبات واسمه الاستاذ احمد، وبالفعل دب الأمل فى أوصالى، وذهبت للسؤال عن أحمد، فأخبرني أحدهم أنه هو وطاقم مكتبه فى عزل صحي نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا!.

 


أسقط في يدي، وفكرت في العودة اليوم التالى مبكرا، لتكرار المحاولة والفوز بدور متقدم فى هذا الطابور الممتد، وحين وصلت مبكرا، أخبرنى المسئولون بأن التقديم على بيان النجاح سيتم الكترونيا فقط، عن طريق الدفع الالى، وخلال يومين يمكنني تسلم "البيان" من مديرية التربية والتعليم فى العباسية.

 

صحتك بالدنيا


ورغم أننى دفعت قيمة حوالة بريدية لاصدار البيان الاول، ثم عاودت ودفعت ثلاثة أضعاف المبلغ فى إصدار البيان الإلكترونى، إلا أننى كنت على استعداد أن أدفع ثالثا ورابعا فى سبيل إنجاز تلك الورقة، وبالفعل أكدت الدفع وتسلمت الرقم وذهبت بعد أربعة أيام وليس يومين إلى العباسية لاستلام البيان.



وفى العباسية تلقيت الصدمة إذ أخبرنى مسئولو المديرية بأن على العودة إلى الإدارة التعليمية التابع لها فى الحى، لاستلام البيان من هناك، إذ تم إرسال كافة البيانات المطلوبة الكترونيا "مطبوعة" إلى هناك مع مخصوص وسركى تسليم وتسلم.



عدت أجر أذيال الخيبة إلى الحى، بداخلى أمل أن يكون بيان نجلى من ضمن الأوراق المرسلة، وبعد اصطفاف فى انتظار النداء على الاسم لم أجد اسمه، وأخبرنا الموظف المختص بأن هناك بيانات أخرى ستأتي إلى الادارة غدا الاحد وعلينا العودة مرة أخرى.


لما كنا صغيرين


وحال انصرافي وجدت ورقة معلقة على جدران الإدارة تخبر الجميع بأن البيان سيعاد تقديمه يدويا فى إحدى مدارس الحي الشعبي، وأن من يرغب به فعليه الذهاب بالحوالة البريدية وتقديمه يدويا!!، وذهبت الى تلك المدرسة لاستطلاع الامر وليتني ما ذهبت، إذ وجدت الطابور البشع فى انتظارى فضلا عن العديد من المشاجرات التى تكاد تصل حد التشابك بالايدي، بعد أن ترك الموظف المسئول الطابور "يضرب يقلب" حيث استفزه أحد الحضور فأقسم على أن يترك الجميع يتخبط.

 

ما يدعو إلى العجب أن هذا البيان غير مطلوب حال انتقال نجلى من مدرسة إعدادية إلى أخرى ثانوية داخل الحى السكنى وإنما مطلوب حال التقدم الى مدرسة في حي مجاور يتبع ادارة اخرى، وكان حينا الشعبي في القاهرة، بينما المجاور أعلن استقلاله عنها، وبالتالى أصبح "بيان النجاح" بمثابة جواز سفر للمرور الى الحي المجاور.

 


سؤالى الجاد إلى السيد الدكتور وزير التربية والتعليم: هل تتحمل ظروف اجتياح الوباء هذا الزحام غير المبرر وهذه التعقيدات الادارية؟، وما فائدة هذه الورقة من الأساس مادامت شهادة النجاح صادرة من الوزارة و بالختم الرسمي لها ومثبتة على حواسيب الوزارة وداخل المدرسة؟.

أناشد السيد الوزير وأعلم أنه لا يألو جهدا فى التيسير على الطلاب وأولياء أمورهم، بأن يتم إلغاء هذا البيان، والاستعاضة عنه إذا كان ضروريا بأن يتم طلبه وتسلمه الكترونيا، على غرار تذاكر الطيران مثلا، رحمة بأولياء أمور تفتك بهم أمراض السكر والضغط والقولون، ولا يتحملون أن يضاف إلى كوكتيل الأمراض السابقة "كورونا" أيضا، رفقا بنا يا معالى الوزير.


الجريدة الرسمية