رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، "سُليمان الأعمش" أعلم أهل الكوفة بالقرآن والحديث الشريف

سُلَيْمَانُ بْنُ
سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانِ الأَعْمَش، فيتو
18 حجم الخط

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.

لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

سليمان الأعمش، أعلم أهل الكوفة بالقرآن والحديث الشريف

هو أَبُو مُحَمَّدْ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانِ الأَعْمَش الأَسَدِيُّ الكَاهِلِيُّ. تابعي من حفَّاظ الحديث النبوي، ومُحدّث من الثقات. لقَّبه شمس الدين الذهبي بـ"شيخ المُحدّثين". واعتبره أصحاب الطبقات من الطبقة الرابعة من التابعين. وعاش الأعمش في الكوفة، وكان محدثها في زمانه.

أدرك الأعمش جماعة من الصحابة، وعاصرهم ورأى أنس بن مالك، وسمعه يقرأ ولم يحمل عنه شيئًا مرفوعًا، وأرسل عن ابن أبي أوفى، وتعلم من زيد بن وهب، وسمع من المعرور بن سويد، وأبا وائل شقيق بن سلمة، وعمارة بن عمير وإبراهيم التيمي، وسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر وإبراهيم النخعي والزهري. وكان عالمًا بالقرآن والقراءات والفرائض.

مولده ونشأته

وُلد الأعمش في العاشر من المحرم 61 هـ، يوم اغتيل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وذلك يوم عاشوراء، سنة إحدى وستين من الهجرة.

وقيل إن أباه كان حاضرًا استشهاد الحسين.

وُلد بقرية أمه من أعمال طبرستان، وأصله من دماوند نواحي الري، ودماوند جبل مشهور في شمال إيران. 

قال عنه ياقوت الحموي في "معجم البلدان": "جبل عال جدا مستدير كأنه قبة، رأيته ولم أر في الدنيا كلها جبلًا أعلى منه، يظهر للناظر إليه من مسيرة عدة أيام والثلج عليه ملتبس في الصيف والشتاءِ كأنه البيضة، وأنه يصعد من ذلك الجبل دخان يضرب إلى عنان السماء. والناظر إليه من الري يظن أنه مشرف عليه وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان، وإن البرد فيها شديد، والريح عظيمة الهبوب. ودماوند من فتوح سعيد بن العاص في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها، وذلك في سنة 29 أو 30 للهجرة".

جاء أهله به إلى الكوفة طفلًا، حيث سافر والده مهران من الري إلى الكوفة سنة 61 هـ، ودخل في ولاء بني كاهل، وفي رأي آخر أن أمه كانت حاملًا به وولدته في الكوفة، أصيب بمرض في عينيه في صغره، وجراء ذلك أصابه "العمش"، وهو ضعف في البصر مع سيلان الدموع. فاشتهر بهذا اللقب فيما بعد "الأعمش".

علمه

كان الأعمش عالمًا بالقرآن الكريم، والقراءات والفرائض والحديث، فقد قرأ القرآن على يحيى بن وثاب مقرئ العراق. 

وقيل: إنه تلا على أبي العالية الرياحي، وقرأ عليه حمزة الزيات وزائدة بن قدامة، وقرأ الكسائي على زائدة بحروف الأعمش.

ومن بين الـ4 آلاف حديث التي حفظها، ما رواه عن “أبي صالح” عن “أبي هريرة” رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلّم: “من أقال مسلما عثرته، أقاله الله يوم القيامة”.

قالوا عنه

قال سفيان بن عيينة: "كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض".

وقال محمد بن سعد البغدادي: "كان الأعمش صاحب قرآنٍ وفرائض وعلمٍ بالحديث، وقرأ عليه طلحة بن مصرف القرآن، وكان يُقْرِئُ الناسَ ثمّ ترك ذاك في آخر عمره، وكان يَقْرَأ القرآن في كل شعبان على النّاس في كلّ يوم شيئًا معلومًا حين كبر وضعف، ويُحضِرُون مصاحفهم فيعارِضُونها ويُصْلِحونها على قراءته". 

"وكان أبو حَيّان التيمي يُحْضر مصحفًا له كان أصَح تلك المصاحف فيُصْلِحون على ما فيهِ أيضًا. وكان الأعمش يقرأ قراءة عبد الله بن مسعود". 

وقال هشيم بن بشير: "ما رأيت بالكوفة أحدًا أقرأ لكتاب الله، ولا أجود حديثًا من الأعمش". 
ولم يؤلف الأعمش كتابا، وكان يقرئ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحًا، وكان لا يلحن حرفًا. 

ولم يختم عليه القرآن سوى ثلاثة: طلحة بن مصرف، وكان أسن منه وأفضل، وأبان بن تغلب، وأبو عبيدة بن معن.

صفاته وعبادته

كان الأعمش من النسَّاك، وكان محافظًا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الأول، وظل سبعين سنةً لم تفُتْه التكبيرة الأولى من صلاة الجماعة.

وقال عنه وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
وصف عبد الله الخريبي عبادته، قائلا: "ما خلَّف الأعمشُ أعبدَ منه".

وقام الأعمش من النوم لحاجة فلم يصب ماءً، فوضع يده على الجدار فتيمم ثم نام، فقيل له في ذلك؟ قال: أخاف أن أموت على غير وضوء.
وقال عيسى بن يونس: "لم نر نحن مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته".
وقال الذهبي: كان عزيز النفس، قنوعًا، وله رزق على بيت المال، في الشهر خمسة دنانير قررت له في أواخر عمره.

اتسم بعزة النفس لا يحب مجالسة الأمراء، أرسل له ذات مرةً الأمير عيسى بن موسى بألف درهم وصحيفة ليكتب فيها حديثا، فكتب فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم وقل هو الله أحد"، ووجه بها إليه، فبعث إليه: "يا ابن الفاعلة، ظننت أني لا أحسن كتاب الله؟". فبعث إليه: "أظننت أني أبيع الحديث؟".

وكان يقول: "إن الله يرفع بالعلم أو بالقرآن أقوامًا، ويضع به آخرين، وأنا ممن يرفعني الله به، لولا ذلك لكان على عنقي دَنٌّ صحنًا أطوف به في سكك الكوفة".

روايته للحديث الشريف

روى الحديث النبوي الشريف عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفي، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وزيد بن وهب، وأبي عمرو الشيباني، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وأبي صالح السمان، ومجاهد بن جبر، وأبي ظبيان الأعرج، وخيثمة بن عبد الرحمن، وزر بن حبيش، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكميل بن زياد، والمعرور بن سويد، والوليد بن عبادة بن الصامت، وتميم بن سلمة، وسالم بن أبي الجعد، وعبد الله بن مرة الهمداني، وعمارة بن عمير الليثي، وقيس بن أبي حازم، ومحمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، وهلال بن يساف، وأبي حازم الأشجعي، وأبي العالية الرياحي، وإسماعيل بن رجاء، وثابت بن عبيد، وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية، وحبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة، وذر بن عبد الله، وزياد بن الحصين، وسعيد بن عبيدة، وعامر الشعبي، والمنهال بن عمرو، وأبي سبرة النخعي، وأبي السفر الهمداني، وعمر بن مرة، ويحيى بن وثاب، وعبد الملك بن عمير، ومعبد بن خالد، وخلق كثير من كبار التابعين.

وروى عنه: الحكم بن عتيبة وهو من شيوخه، وأبو إسحاق السبيعي، وطلحة بن مصرف، وحبيب بن أبي ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وأيوب السختياني، وزيد بن أسلم، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح، وأبان بن تغلب، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وإسماعيل بن أبي خالد، وهم كلهم من أقرانه، وأبو حنيفة النعمان، والأوزاعي، وسعيد بن أبي عروبة، وابن إسحاق، وشعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، وسفيان الثوري، وشيبان النحوي، وجرير بن حازم، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وأبو معاوية، وحفص بن غياث، وعبد الله بن إدريس، وعلي بن مسهر، ووكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وسفيان بن عيينة، وأحمد بن بشير، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وسعد بن الصلت، وعبد الله بن نمير، وعبد الرحمن بن مغراء، وعثام بن علي، ويحيى بن سعيد الأموي، ويحيى بن سعيد القطان، ويونس بن بكير، ويعلى بن عبيد، وجعفر بن عون، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبيد الله بن موسى، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وابن كناسة وخلق كثير، آخرهم وفاة يحيى بن هاشم السمسار.

منزلته

قال علي بن المديني: له نحوٌ من ألفٍ وثلاثمائة حديثٍ، قال أبو بكر بن عياشٍ: كنا نسمي الأعمش سيِّدَ المحدِّثين، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: الأعمش ثقة ثبت، كان محدث الكوفة في زمانه. 

وقال أحمد بن حنبل: أبو إسحاق والأعمش رجلا أهل الكوفة. 

وقال شعبة بن الحجاج: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش. 

وقال علي بن المديني: سليمان بن مهران الأعمش، حفظ العلم على أمة محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، ستة: عمرو بن دينار بمكة، والزهري بالمدينة، وأبو إسحاق السبيعي والأعمش بالكوفة، وقتادة ويحيى بن أبي كثير بالبصرة، وسليمان بن مهران الأعمش.

وفاته

توفي الأعمش سنة 148 هـ، وله من العمر 88 سنةً.

ورُوي أن أبا بكر بن عياش دخل عليه في مرضه الذي توفي فيه فقال: "أدعو لك طبيبًا"، فقال: "ما أصنع به فوالله لو كانت نفسي في يدي لطرحتها في الحش إذا أنا مت فلا تؤذنن بي أحدًا واذهب بي فاطرحني في لحدي".

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية