رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، الجراح الحكمي بطل الإسلام، أسلم على يديه 4 آلاف في خراسان

الجراح الحكمي، فيتو
الجراح الحكمي، فيتو
18 حجم الخط

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.

لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد.
في هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

الجراح الحكمي بطل الإسلام، أسلم على يديه 4 آلاف في خراسان

من أهم القادة الذين انتشر على أيديهم الإسلام في شرق العالم؛ أبو عقبة الجَرّاح بن عبد الله الحَكَمِيّ.
يقول عنه الذهبي: إنه مقدم الجيوش، فارس الكتائب، كان بطلا شجاعا مهيبا، عابدا، قارئا، كبير القدر.

مولده ونسبه

هو أبو عقبة الجراح بن عبد الله بن جعادرة بن أفلح بن الحارث بن ذرة بن حدقة بن مظة بن سلهم بن الحكم. 
والحكم نسبهم مختلف بين الهون بن خزيمة وسعد العشيرة.
ولد في دمشق وقد خرج آباء الجراح مع جيوش الفتح الإسلامي الأولى، وذلك في زمن الفاروق عمر بن الخطاب.
وهو تابعي عاصر الصحابة، وكان يلقب ببطل الإسلام، وفارس أهل الشام، والأمير الفاتح. 
حارب وجاهد في نصرة الإسلام ونشره في بلاد ما وراء النهر، وفي حروبه على الخارجين على الدولة، وهو من دمشق من بلاد الشام.
ولد ونشأ فيها، وولد مع نهاية العقد السادس الهجري من القرن الأول، فقد دل على ذلك مشاركته في نصرة كتائب الإسلام.
ينتسب إلى قبيلة بني الحَكَم، أشهر وأعظم قبيلة قحطانية من "مَذْحِج".
وتعتبر قبيلة "حكم" من أقدم القبائل وأشجعها وأكرمها وأطهرها نسبا، وكانوا من آلاف السنين ذوي قوة وبأس، وأسسوا الكثير من الدول.
انقسمت القبيلة إلى مِخْلاف وحَكَم، وظلوا كذلك حتى عصر صدر الإسلام، حيث توحدوا بعد عبد الجد الحكمي الذي بايع سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في السنة العاشرة هجريا، وكان توحدهما على يد سليمان بن طرف الحكمي.

اشتهرت هذه القبيلة بكون رجالها من علماء الدين، وكانوا على المذهب الشافعي. 
وتوجد أعداد كبيرة من قبيلة حكم في بلاد فارس، وإلى هذا الفرع ينتمي الجراح الحكمي.

ومن رموز هذه القبيلة؛ الفارس عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وفروة بن مسيك المرادي الذي ولاه رسول الله صدقات مذحج، ومحمية بن جزء الزبيدي الذي ولاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الأخماس والغنائم يوم بدر، وعمار بن ياسر العنسي وأسرته من أوائل المؤمنين برسول الله في مكة.

بداية القصة

التحق الجراح بفيالق الجهاد منذ كان في سن الرشد، كان مجتهدًا، بطلًا، ذا همةُ عالية، ولم يزل حاملًا سلاحه ومقدامًا لا يشق له غبار حتى انتشرت سمعته وذاع صيته عند الأبطال والقادة بالشجاعة والقوة والهمة العالية والبسالة والثبات عند الشدائد مجتازًا أقرانه، وعندها بدأ يصل اسمه إلى قصر الخلافة عند القادة والولاة حتى أصبح من رجال الدولة وأركانها عند الخلفاء.
تولى الحجاج بن يوسف الثقفي العراق فجعل الجراح الحكمي نائبا عنه على البصرة (سنة 75هـ).
ولَّاه الوليد بن عبد الملك ولاية البصرة، تولى الجراح ولاية البصرة في عام 87هـ، واستمرت ولايته لها ستة أعوام، وفي عام 96هـ، ثار جند قتيبة بن مسلم على قتيبة فقتلوه، فاستعان به الوليد للقضاء على هذه الفتنة، مُنيطًا به ولاية واسط في العراق. 
وفي سنة 87 للهجرة كان الجراح بن عبد الله الحكمي والياَ على البصرة، حينئذ كان عمر بن عبدالعزيز والياَ على المدينة، وقتيبة بن مسلم والياَ على خراسان.
ثم ولاه عمر بن عبد العزيز على خراسان وسجستان سنة (99هـ= 717م), ثم عزله عمر بن عبد العزيز عن إمرة خراسان.

وبعد أن تولى يزيد بن عبد الملك الإمارة سنة (101هـ= 719م) خلفا لعمر بن عبد العزيز, ولاه على أرمينية وأذربيجان، فتوجه إليها بجيش كثيف، وغزا الخزر وغيرها، وافتتح حصن "بلنجر" وحصونا أخرى.

وحين تولى هشام بن عبد الملك عزله عنهما، ثم أعاده سنة (111هـ= 720م) أميرا عليهما, فركز على الغزو, وغزا الخزر ونشبت بينه وبينهم معركة ضارية قرب مدينة "أردبيل" فاستشهد فيها، فولى هشام مكانه سعيدا الحرشي.

سر قرار عمر بعزله

قرار عمر بن عبد العزيز بعزل الجراح عبد الله الحكمي يؤكد سماحة الإسلام مع غيره من أصحاب الديانات الأخرى، فقد كان بعض ولاة الأمويين لم يرحبوا كثيرا باعتناق هؤلاء للإسلام حين لمسوا ما ترتب على ذلك من انخفاض مقدار الجزية التى كانوا يحصلونها منهم بوصفهم ذميين؛ ومن ثم اتخذ بعض ولاة الأمويين قرارا خطيرا وهو الاستمرار في فرض الجزية على من أسلم، وهو قرار يتصادم تماما مع تعاليم الإسلام، فكان ذلك مثار شكوى مريرة من الموالي.

ومما يسجله التاريخ لعمر بن عبد العزيز في هذا الصدد أنه أمر ولاته بإيقاف هذا الإجراء، وكان سبب عزل الجراح عبد الله الحكمى أنه كان يأخذ الجزية ممن أسلم، ويقول: أنتم إنما تسلمون فرارا منها؛ فامتنعوا من الإسلام وثبتوا على دينهم وأدوا الجزية، فكتب إليه عمر: إن الله إنما بعث محمدا داعيا ولم يبعثه جابيا.

وقد أسلم على يد الجراح بن عبد الله الحكمي أربعة آلاف من أهل خراسان. 

وكان يقول: تركتُ الذنوب حياء أربعين سنة، ثم أدركني الورع.

اشتهر الجراح الحكمي في بلاد ما وراء النهر بالعفة والنزاهة وكان أميرًا وقائدا عسكريًا وواليا عادلًا، مع أهلها من المسلمين وغيرهم من الطوائف الأخرى، وكان معروفًا بالحزم والجد مع الخارجين عن القانون، واستطاع بصفاته الحميدة مسك زمام الأمور وتنظيم أمور الدولة. 

ومن ذلك التاريخ وتلك الدول (من أواسط آسيا وبلاد القوقاز) التي فتحها الجراح لا يزال فيها دين الإسلام قائمًا إلى اليوم.

نجح القائد الجراح أساليب التسوق في تلك البلاد، ووظف وسير المحتسبين في الأسواق، ولأهمية الموازين والمكاييل في الحياة العامة بين الناس، فقد وحد المكيال والميزان في تلك البلاد، بما يتفق والمكاييل والموازين الإسلامية المعروفة، فزاد في عدد العاملين المحتسبين في الأسواق، حتى عرف الناس في بلاد ما وراء النهر "المكيال الجراحي".

استشهاده

في عهد هشام بن عبد الملك، وبالتحديد في عام 112هـ/ 730م، حدثت معركة عظيمة عند مضيق الدربند (باب الأبواب) تسمى معركة مرج أردبيل، عندما تآمر الترك والخزر وجميع البغاة من مشركي اللان والدربند وسواحل بحر الخزر، فنظم الخزر حركة انتفاضة ضد حكم الإسلام في أرجاء البلاد على نطاق واسع، وكانت القوة تحت يد القائد الجراح قليلة لا تبلغ عُشر القوات المقاتلة التي أعدها الأعداء للانتفاضة، ولو كان غير القائد المحنك الجراح الحكمي في ولاية تلك الجهات لكانت الكارثة عظيمة جداَ. 

لكن الجراح قرر أن يضحي بنفسه وبالقوة القليلة التي معه من جند الشام حتى تستعد دار الخلافة لإدراك البلاد قبل ان تخرج من تحت سيطرة المسلمين. 

فاستخلف أخاه الحجاج ابن عبد الله الحكمي على أرمينية، وعبر الكر بالقوة القليلة التي معه حتى قطع النهر المعروف بالسمور وصار إلى الخزر – مركز الفتنة ومصدر الثورة – فقتل منهم مقتلة عظيمة، وقاتل أهل بلاد حمزين، ثم صالحهم على أن نقلهم إلى رستاق خيزان، وجعل لهم قريتين منهم انزلهم فيها. وتقدم إلى أهل غوميك فأوقع بهم وسبى منهم. 

ثم رجع صوب “شكى”، فاجتاحه الشتاء ببرودته القاسية. فاستراح الجيش في مدينة برذعة والبيلقان ريثما تنقضي حدة الشتاء. 

وأثناء ذلك ثارت الخزر وعبرت الرس، فحاربهم الجراح في صحراء ورثان فانحازوا إلى ناحية أردبيل، وفي حرج أردبيل كانت المعركة الأخيرة التي قضى فيها الجراح وكتيبة الله التي كانت تحت قيادته أحرج يوم وليلة مرت على جيش من جيوش الدنيا، لأن الكتيبة الصغيرة كانت تقابل عشرات أضعافها من المقاتلين، وكانت متعبة، وتحالف عليها العدو والشتاء والفاقة والانقطاع عن مصادر المدد.

وظلت الجيوش العربية بعد ذلك لفترة طويلة تضرب المثل لكل ليلة حربية شديدة بقولها "ليلة كليلة الجراح"، ولكل يوم عصيب بقولها "يوم كيوم الجراح".

وفي (30 من رمضان 112هـ= 18 من ديسمبر 730م)، استشهد القائد العظيم الجراح بن عبد الله الحكمي وكل من كان معه من المجاهدين إلى آخر مقاتل فيهم.

وقد سُمي النهر الذي كانت تلك الوقعة على ضفافه (نهر الجراح)، والجسر الذي كانت الوقعة على مقربة منه (جسر الجراح).

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية