رئيس التحرير
عصام كامل

الطبقة الوسطى في مصر بين الانكماش والاختفاء.. خبراء الاقتصاد يضعون روشتة الحفاظ على الاستقرار المجتمعي

تآكل الطبقة الوسطى
تآكل الطبقة الوسطى
18 حجم الخط

لطالما كانت الطبقة الوسطى تمثل العمود الفقري للمجتمع المصري وضمان استقراره على مدى عقود، لكنها اليوم تواجه واحدة من أصعب الفترات الاقتصادية في تاريخها الحديث. مع ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية وتآكل المدخرات، أصبحت هذه الطبقة، التي تحملت عبء التنمية والإصلاح، مهددة بالانكماش وربما بالاختفاء.

يعتقد خبراء الاقتصاد أن ما تمر به الطبقة الوسطى ليس مجرد أزمة مؤقتة، بل هو نتيجة لتراكمات من السياسات النقدية والمالية والضغوط المعيشية، مما جعل المواطن المصري يواجه معادلة صعبة بين الحفاظ على مستوى معيشته أو التخلي عن العديد من احتياجاته الأساسية.

الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح يرى أن الطبقة الوسطى في مصر تواجه مرحلة صعبة وحرجة نتيجة تداخل مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. فقد تجلت الأزمة في مزيج من صدمات العرض الخارجية، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية عالميًا، بالتزامن مع قرارات السياسة النقدية والمالية المحلية، كتحرير سعر الصرف وتقليص الدعم هذه العوامل أدت إلى تضخم كبير لم تتمكن الأجور الحقيقية للأسر من مجاراته.

 هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي 
 هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي 

ويضيف أن التضخم المرتفع والمستمر يُعدّ الآلية الأكثر تأثيرًا في تآكل الطبقة الوسطى، إذ أثّر بشكل كبير على القوة الشرائية للدخل، ومع تجاوز معدلات ارتفاع الأسعار لنمو الأجور، تآكلت المدخرات واضطرت الأسر لتقليص الإنفاق على التعليم والصحة لصالح تلبية الاحتياجات الأساسية ومن ناحية أخرى، كانت الإصلاحات الاقتصادية محفزًا مؤلمًا، حيث كشفت عن اختلالات هيكلية أعمق مثل تدهور جودة التعليم والخدمات العامة وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، إلى جانب سوق عمل لا يوفر وظائف ذات قيمة مضافة كافية لدعم هذه الطبقة.

الحفاظ على الطبقة الوسطى هو الضمان الحقيقي لاستقرار المجتمع 

وأشار أبو الفتوح إلى أن الأجور الحقيقية تراجعت نتيجة الفجوة بين النمو الاسمي للرواتب ومعدل التضخم، وزادت الضغوط بفعل ارتفاع الضرائب غير المباشرة التي تثقل كاهل ذوي الدخل الثابت. وتعد الأسر الأكثر تضررًا هي موظفو الحكومة والمهنيون أصحاب الدخل الثابت وأصحاب المشاريع الصغيرة والعاملون في الخدمات. ويرى أن الحل يتطلب سياسات متوازنة تشمل دعمًا موجهًا للفئات المتوسطة الضعيفة، وزيادة الأجر الحقيقي الأدنى، وإصلاح النظام الضريبي ليصبح تصاعديًا وعادلًا، وتوسيع تمويل المشاريع الصغيرة والتعليم الفني. ويحذر من أنه إذا لم يتم اتخاذ تدخل فعّال وموجّه، فقد يتجه المجتمع نحو انقسام بين أغنياء جدًا وفقراء جدًا، وهو خطر اقتصادي واجتماعي في الوقت نفسه، مؤكدًا أن الحفاظ على الطبقة الوسطى هو الضمان الحقيقي لاستقرار المجتمع ونموه الشامل.

تآكل الطبقة الوسطى 

أما الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، فيشير إلى أن الطبقة الوسطى تعرضت لتآكل واضح نتيجة تراجع الدخل الحقيقي أمام موجات التضخم المتتالية، وتحرير سعر الصرف دون وجود حماية كافية، وارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية، إلى جانب تقلص فرص العمل اللائق في القطاعات الإنتاجية لصالح أنشطة ريعية أو هامشية.

ويضيف نافع أن التضخم قد استهلك مدخرات الطبقة الوسطى قبل أن تتمكن من الاستفادة منها، حيث فقد الجنيه أكثر من نصف قوته الشرائية خلال عقد واحد، بينما ظلت الأجور شبه ثابتة، وأصبحت تكاليف التعليم والصحة والسكن تلتهم ما كان يُعتبر فائضًا للادخار أو الترفيه.

الدكتور مدحت نافع
الدكتور مدحت نافع

ويرى أن برامج الإصلاح الاقتصادي ساهمت بلا شك في بعض التحسينات، لكنها لم تكن السبب الوحيد للأزمة، إذ ركزت معظمها على الأعراض بدلًا من الأسباب، وعلى الجانب النقدي دون الحقيقي. موضحًا أن غياب العدالة في توزيع كلفة الإصلاح وضعف الإنتاجية والاعتماد على الاقتراض والإنفاق العام بدلًا من الابتكار والتصنيع، كلها عوامل عمّقت الأزمة.

ويؤكد أن الدخل الاسمي ارتفع ظاهريًا، لكن الدخل الحقيقي تراجع، فالزيادات الضريبية والرسوم وارتفاع الأسعار استهلكت أي مكاسب ظاهرية في الأجور، مما جعل المواطن يدور في حلقة مفرغة من التضخم لا يخرج منها إلا بخفض استهلاكه أو اللجوء إلى الاقتراض.

ويشير نافع إلى أن المهن التي كانت تمثل عماد الطبقة الوسطى لعقود، كالأطباء والمعلمين والموظفين، تعاني اليوم من تآكل مكانتها الاقتصادية، بينما تراجعت الحرف المتوسطة أمام موجة العمالة غير الرسمية والمستوردة.

ويختتم بالتأكيد على أن مزيج السياسات النقدية والمالية والتجارية له دور أساسي في الخروج من الأزمة، شرط أن تكون هذه السياسات موجهة لتحقيق التوازن والاستدامة والتوزيع العادل للثروة، لا للجباية، مؤكدًا ضرورة إصلاح هيكل الأجور والضرائب، ودعم الإنتاج المحلي، وكبح التضخم عبر إدارة نقدية رشيدة، وتوسيع مظلة التمويل الميسر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للطبقة الوسطى.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية