ترامب يدمر جهود الآباء المؤسسين
كان خطاب ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كاشف على حجم الكارثة التي يعيشها العالم في ظل هذه الإدارة، حيث تبدو بوادر إنهيار النظام العالمي الذي ساعدت أمريكا في بنائه، وظهر بوضوح تمجيد الذات كأحد أعراض النرجسية المرضية مسيطرة على جوهر مضمون خطابه، فليس هناك أي دولة أو طرف دولي حقق انجازات إلا هو..
وعند التحقق من هذه الإنجازات تبين أنها كلها كذب ولا أساس لها، أو أن دوره هامشي للغاية، ويتضح الكذب الصريح والمفضوح في قوله إنه “أنهى سبع حروب خلال فترة رئاسته”، فهو لا يرى في الأمم المتحدة إلا مؤسسة عاجزة، ولكن لماذا عجزت الأمم المتحدة؟
فلا يتحدث عن أن بلاده عطلت الإرادة الدولية بتصدرها قائمة استخدام حق الفيتو، والانسحاب أكثر من مرة من هيئاتها ووكالاتها، بل وتعطيل اتفاقية المقر بين المنظمة الدولية وبين بلاده، وأن بلاده هي صاحبة أعلى عدد تدخلات عسكرية غير موافق عليها من الهيئة الدولية الولايات المتحدة..
اليوم في ظل إدارة ترامب الثانية، تفرض رسومًا عقابية بلا حساب، تهاجم دولًا وسفنًا مدنية بشكل غير قانوني، تساعد حلفاءها على قتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، وتفرض عقوبات على محققي المحكمة الجنائية الدولية بدلًا من الجناة. وفي الداخل، تُدخل القوات للشوارع، وتُرحل الناس دون محاكمة، وتنتهك القانون بطرق لا تُحصى.
رئيس أصبح عبئا سياسيا ونفسيا ثقيلا على العالم كله.. وليس على بلده فقط.. فأمريكا معه اختلفت تماما عنها قبله، وقضى تماما على كل محاولات الفلاسفة الأمريكيين في أن النظام الأمريكي هو نهاية التاريخ لفوكوياما، ومبدأ صراع الحضارات لهينحتون، حيث نشاهد أكبر تصفية طوعية لمكانة قوة عظمى ونفوذها الجيوسياسي في التاريخ الحديث..
ولم يمضِ على ذلك عام من حكمه وإذا كانت العولمة هي من أسس الهيمنة الأمريكية على العالم، وشيَّدت جدرانها أتتها الشكوك والتساؤلات من جديد، والمفارقة أن تلك الشكوك جاءت من قلب الولايات المتحدة ذاتها، وعلى يد رجل يبدو أنه جاء ليهدم المفاهيم الكلاسيكية للهيمنة الغربية، رافعا شعارا براقا خادعا: “أمريكا أولا”..
بيد أن العالم منذ صدمة الأزمة المالية العالمية لعام 2008 بدأ يتبدل بالفعل، ثم جاءت جائحة “كوفيد-19” لتبدأ مرحلة تفكيك العولمة، أو العولمة المحلية (Glocalization)، حسب ما يُطلق عليها البعض.
تُعد هذه العولمة المحلية مزيجا بين الانكفاء الذاتي وما بين السوق الحر، فهي تتضمن سلاسل توريد أقصر، وتركيزا أكبر على القدرات التصنيعية الوطنية، كما أنها تعطي مساحة أكبر للحكومات المحلية في الجانب الاقتصادي.
غير أن الحاجز الجمركي الذي أطلقه دونالد ترامب ليطلق رصاصة الرحمة كانت تلك المحاولة الأخيرة لإنقاذ العولمة، وهو لا يؤمن بالعولمة، ويصفها بأنها كانت كارثة على الولايات المتحدة، استفاد منها فقط منافسو وخصوم بلاده؛ لذا انسحب ترامب في أول يوم له في البيت الأبيض في ولايته الأولى في 20 يناير 2017 من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ التي سبق أن وقعها الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وخلال الأيام الأولى من ولايته الثانية، انسحب ترامب كذلك من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ. وكان أيضًا قد انسحب عام 2017 من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، وفي أغسطس 2019 انسحب من اتفاقية منع إنتاج ونشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى والتي يمكن أن تحمل رؤوسًا نووية.
ويعمل ترامب في الوقت الحالي على التخلص مما يسميه الامتيازات المجانية، وعلى تصحيح المسار والخلل في العلاقة مع الدول الأخرى، ويطالب دول حلف الناتو بإنفاق 5% من الناتج القومي على الشؤون الدفاعية بعد أن كان يطلب منهم في السابق إنفاق 2.%.
هذا الأسلوب المثير للجدل في السياسة الخارجية قد يترك آثارًا عميقة على العلاقات الدولية، ويُعيد تشكيل النظام العالمي حيث يعتمد على الضغط على خصومه وحلفائه ليُجبرهم على تقديم تنازلات كبيرة.
أما بالنسبة للنظام الدولي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فهو لا يؤمن بالقوة الناعمة التي كانت أحد أبرز أدوات الهيمنة الأمريكية، بل يعتقد أن القوة العسكرية والاقتصادية هي السبيل الوحيد لتحقيق النفوذ العالمي في العصر الحديث.
كما قام بانقلاب على الليبرالية العالمية، ليؤسس عهدًا جديدًا من السياسة التي تدور حول فكرة أميركا أولًا.. وعلى العكس فإن تصرفات ترامب ساعدت على تقريب الهند أكثر إلى روسيا والصين وكوريا الشمالية، مما قوض جهدًا أميركيًا استمر نحو ثلاثة عقود لاستقطاب نيودلهي كقوة موازنة لصعود بكين..
وهكذا يسعى ترامب لتقويض ما صاغه الآباء المؤسسون للإمبراطورية الأمريكية كأكثر الرؤساء الأمريكيين في العقود الأخيرة إفلاسا سياسيا وبدرجة تثير الرثاء.. رئيس فارغ وأجوف وليس لديه ما يقدمه للعالم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
