رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم.. لقاء يوسف عليه السلام بإخوته.. العفو رغم الغدر

سيدنا يوسف، عليه
سيدنا يوسف، عليه السلام، فيتو
18 حجم الخط

في هذه السلسلة نستعرض مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.


الجوع يقود أبناء يعقوب إلى لقاء يوسف


"وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ" (يوسف: 58).
يقول المفسرون: وقدِمَ إخوة يوسف إلى "مصر"، بعد أن حلَّ بهم الجدب في أرضهم؛ ليجلبوا منها الطعام، فدخلوا عليه فعرفهم، ولم يعرفوه لطول المدة وتغيُّر هيئته.

يخبر تعالى عن قدوم إخوة يوسف إلى الديار المصرية يطلبون الطعام، وذلك بعد حلول سنوات الجدب، وانتشار القحط في كل مكان.
كان يوسف، إذ ذاك، الحاكم في أمور الديار المصرية، دينا ودنيا. فلما دخلوا عليه عرفهم ولم يعرفوه؛ لأنهم لم يخطر ببالهم ما صار إليه يوسف، عليه السلام، من المكانة والعظمة، فلهذا عرفهم وهم له منكرون.

مرت السنوات، وجاءت المجاعة كما أخبر يوسف عليه السلام في رؤيا الملك، وانتشر الجفاف في أرض مصر وما حولها، حتى وصل إلى أرض كنعان حيث يعيش يعقوب عليه السلام وأبناؤه.

في تلك الأثناء، أصبح يوسف عليه السلام وزيرًا على خزائن مصر، مسؤولًا عن توزيع الطعام وحماية الناس من الجوع، فكان يزن لكل شخصٍ حقه، ويطلب منهم إثبات عدد أفراد الأسرة.

فقال يعقوب لأبنائه: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله". وقبل ذلك قال لهم حين اشتد الجوع: "اذهبوا فتجسّسوا الطعام من مصر".

فدخلوا على يوسف وهم لا يعرفونه، لكنه عرفهم على الفور، فقد كانوا كما هم، بينما هو تغيّر، وأصبح في منصب وهيئة مختلفة.

قال تعالى: "وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون". لكن يوسف لم يكشف عن نفسه، بل بدأ يختبرهم برفق.

يوسف يطلب بنيامين

يقول الله تعالى: "فلما جهزهم بجهازهم"، أي أعطاهم حصصهم من الطعام حسب ما جرت به عادته، من إعطاء كل إنسان حِمل بعير، لا يزيده عليه: "قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم".. وكان قد سألهم عن حالهم، وكم هم؟ فقالوا: كنا اثني عشر رجلا، فذهب منا واحد، وبقي شقيقه عند أبينا، فقال: إذا قدمتم من العام المقبل فأتوني به معكم. "ألا ترون أني أوفِ الكيل وأنا خير المنزلين"؟!.. أي قد أحسنتُ نزلكم وزادكم، قالها ليرغبهم في إحضار أخيهم، ثم رهبهم إن لم يأـوه به، فقال: "فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون"، أي فلن أعطيكم من الزاد والطعام.
أعطاهم يوسف الطعام، لكنه قال لهم: "ائتوني بأخ لكم من أبيكم" (ويقصد بنيامين، أخاه الشقيق).
قالوا: "سنراود عنه أباه"، أي سنبذل كل ما نستطيع لإحضاره معنا، "وإنا لفاعلون"، أي وإنا لقادرون على إحضاره.
ثم أمر خدمه أن يضعوا أموالهم التي دفعوها في رحالهم دون علمهم، "لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون".
قيل: أراد أن يردوها إذا وجدوها في بلادهم، وقيل خشي ألا يكون عندهم ما يرجعون به مرة ثانية.
"فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (يوسف: 63).
فلما عادوا إلى أبيهم، وجدوا أموالهم معهم، وقالوا: "يا أبانا مُنع منا الكيل فأرسل معنا أخانا".
يذكر الله تعالى ما كان من أمرهم بعد رجوعهم إلى أبيهم وقولهم له: "مُنِع منَّا الكيْل"، أي بعد عامنا هذا إن لم ترسل معنا أخانا، فإن أرسلته معنا لم يُمنع منا.
"ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير" (يوسف: 65).. أي شيء نريد وقد رُدَّت إلينا بضاعتنا؟! 
"ونمير أهلنا"، أي نمتار لهم بما يصلحهم في سنتهم وأزمتهم.. "ونمير أهلنا": تعني: "نحضر لهم الطعام" أو "نجلب لهم الميرة".
"ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير"، بسببه نكسب حملا زيادة.
"ذلك كيل يسير"، لن يكلفنا سوى ذهاب أخينا معنا.

يعقوب يرفض

لكن يعقوب عليه السلام خاف على بنيامين، كما خاف على يوسف من قبل، وقال: "هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل؟".
كان يعقوب، الأب المكلوم، يشم في بنيامين رائحة أخيه، ويتسلى به عنه، ويجد فيه تعويضا عن الابن العزيز المفقود.. ولهذا قال: "قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ" (يوسف: 66).
وبعد إلحاح شديد، وافق بشرط أن يُعطوه عهدًا موثقًا بالله أن يردوه إليه، إلا أن يُغلبوا عن الإتيان به، فوافقوا.
أكد المواثيق وقرر العهود، واحتاط لنفسه في ولده، ولن يغني حذر من قدر، ولولا حاجته وحاجة قومه إلى الطعام، لما بعث الولد العزيز، لكنه قدر الله.
ثم أمرهم ألا يدخلوا المدينة من باب واحد، ولكن ليدخلوا من أبواب متفرقة. قيل: أراد ألا يصيبهم أحدٌ بالعين والحسد، وذلك لأنهم كانوا ذوي أشكال حسنة، وصور بديعة. 
وقيل أيضا: أراد أن يتفرقوا لعلهم يجدون خبرا عن يوسف.

أبناء يعقوب في مصر

عاد الإخوة إلى مصر ومعهم بنيامين. وعندما رآه يوسف، ضمّه إليه سرًا، وأخبره بحقيقته، وقال له: "إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون".

ثم دبّر يوسف حيلة ليُبقي أخاه عنده، فوضع صُوَاع الملك (الكأس الملكية) في رحل بنيامين، ثم نادى منادٍ: "أيها العير إنكم لسارقون".
فأخذوا يفتشون متاعهم حتى وجدوا الصواع في متاع بنيامين. فقرر يوسف أن يأخذه وفقًا لقانون البلاد: أن يُسترق السارق.

غضب الإخوة، وتوسلوا إلى يوسف أن يأخذ أحدهم بدلًا منه، لكنه رفض، وقال: "معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده".
"فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" (سورة يوسف: 80).

يوسف يكشف عن شخصيته

عاد الإخوة إلى أبيهم دون بنيامين، "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (يوسف: 83)، فاشتد حزنه. ودعا الله أن يأتيه بيوسف وبنيامين معا.
"وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" (يوسف: 84).
ذكره حزنه الجديد بحزنه القديم، وحرَّك ما كان كامنا.. وابيضت عيناه أي من كثرة البكاء.
"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (يوسف: 86).
ثم قال لهم يحثهم على البحث عن يوسف وأخيه.. "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف: 87). لا تيأسوا من الفرج بعد الشدة.
ثم عادوا مرة أخرى إلى مصر، يتوسلون يوسف.
"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِين" (يوسف: 88).. قال بعض المفسرين: برد أخينا إلينا.
عندها، لم يستطع يوسف أن يتمالك نفسه أكثر، فتجلت اللحظة العظيمة، لحظة اللقاء وكشف الحقيقة، فبكى وقال لهم: "أنا يوسف وهذا أخي، قد منّ الله علينا، إنه من يتقِ ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين".

اندهش الإخوة، وقالوا بقلوب يملؤها الخجل والندم: "تالله لقد آثرك الله علينا، وإن كنا لخاطئين".

فرد يوسف عليه السلام بكامل الرحمة والمغفرة: "لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين".

قميص يوسف يشفي أباه

قال يوسف:"اذهبوا بقميصي هذا، فألقوه على وجه أبي يأتِ بصيرًا، وأتوني بأهلكم أجمعين".

فلما عادوا إلى أبيهم، وألقوا القميص على وجه يعقوب، عاد إليه بصره، وقال: "ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون؟".

ثم جاءت العائلة كلها إلى مصر، ودخلوا على يوسف، فاستقبلهم بحفاوة وكرامة، ورفع أبويه على العرش، وسجد له الجميع احترامًا، وتحققت رؤياه التي رآها وهو صغير: "يا أبتِ هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًا".

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية