رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم.. خطة يوسف عليه السلام لإنقاذ مصر من الأزمة الغذائية

السجن الذي يشاع أن
السجن الذي يشاع أن يوسف كان به، في "بوصير" بالجيزة، فيتو
18 حجم الخط

في هذه السلسلة نستعرض مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.


لماذا رفض يوسف عليه السلام الخروج من السجن

وقال الملك: "إني أرى سبع بقرات سمان".. ومن الواضح أن هذه الرؤيا أرَّقت نفس الملك؛ لما فيها من الغرابة، فالبقرات السبع السمان يأكلهن سبع عجاف، وهذا لم يألفه الناس، وهناك سبع سنبلات خُضر وأُخَر يابسات، ولم يحدد القرآن عدد السنبلات العجاف.
لا شك أن الرؤيا كان لها في نفس الملك شأن وخطر، ولهذا يوجهه سؤال إلى ندماء الملك، وهم أشراف القوم من كهنة ومسئولين، وغيرهم.. وقد سُمُّوا كذلك لأنهم يسمح لهم بحضور مجالس الحكمن وكأنهم يريدون أن يهونوا على الملط ما رأوه من تأثره بهذه الرؤيا فيقولون أضغاث أحلام، والأضغاث حمع "ضغث"، وهو ريحان أو حشيش.. وبه شبه الأحلام المختلفة التي لا تتضح حقائقها.. "قالوا أضغاث أحلام"زز أي حزمٌ من الأحلام.
يريدون أن يقولوا للملك: لا تشغل نفسك بها، ولكنهم أدركوا أن حديثهم هذا لم يجد صدى في نفسه، فقالوا: "وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين".
وهنا يظهر الساقي في الصورة، ويعود إلى نفسه.. تعود إليه الذاكرة، وتنبهه إلى ما نسيه.. تذكر صاحبه في السجنن ذلك الصدِّيق الذي تحقق ما بشره به، فيخبر الملك بما كان من خبره، وخبر يوسف، حيث تحقق ما أخبره به، فكان مطمئن القلب، واثق النفس بأن هذه الرؤيا ليس لها إلا يوسف عليه السلام، فقال قولة الواثق: "أنا أنبئكم بتأويله، فأرسلون". (يوسف: 45).


وكأن لقاء يوسف، عليه السلام، كان أمرا غير مرغوب فيه لما يبث من عقيدته بين الناس.
ويتشوق الملك إلى معرفة ما يقوله يوسف الصديق، ويذهب الساقي ليوسف معتذرا عما بدر منه من نسيان، وخاطبه: "يوسفُ أيُّها الصِّدِّيق أفتنا في سبع بقرات.............". يطلب منه الفتوى، وليس تفسيرا، من فرط الثقة.
"لعلي أرجع إلى الناس...........".. ذكر "لعلي" مرتين لتوضيح ما كان يأمله الساقي من يوسف وآرائه السديدة.
ويفسر يوسف الرؤيا، دون أن نسمع منه كلمة عتاب، ولا تأنيب.

تفسير الرؤيا.. وخطة الإنقاذ

ويشرح "تزرعون سبع سنين دأبا"، أي عملا متواصلا فيه جهد وتعب، "فما حصدتم فذروه في سنبله".. وهذه حقيقة علمية جيدة، أي لا يُدرس القمح بل يوضع في مخازنه، حبًّا غير مقشور لئلا يلحق به التلف، ويصيبه التسوس، وتهلكه الآفات.
"إلا قليلا مما تأكلون". (يوسف: 47)، تدلنا على كثرة الخيرات في أرض مصر من جهة، وحتمية الاقتصاد وترشيد الاستهلاك من جهة أخرى، وبعد سنوات الخصب السبع سيأتي سبع سنوات شداد، يغلب عليها الجدب والقحط والجفاف، يأكلن كل شيء إلا قليلا مما يحصنون، أي ما يضعونه في أمكنة كأنما هي الحصن، وهي الصوامع.. ثم يحل عام خصب، فيه يغاث الناس، ويعصرون.
وما أن سمع الساقي هذا التأويل من سيدنا يوسف عليه السلام، حتى سارع بالذهاب إلى الملك، وأخبره بما قال يوسف، فعجب الملك، وسُرَّ من هذا القول، وكلب من خاصته أن يأتوه بيوسف.. ويذهب الرسول بالبشرى إلى يوسف ليخرجه من السجن، لأن الملك يريد لقاءه.
وهنا نكتشف ما لم يكن في الحسبان.. من كان يتخيل أن يوسف الذي قضى سنوات صعبة في السجن يرفض الخروج إلا بعد أن يرد له اعتباره؟!! لكنه يوسف الكريم بن الكرماء، عليهم السلام، فقال: "ارجع إلى ربك" (يوسف: 50)، أي الملك، فسأله عن خبر كان له بين الناس جدل، وهو خبر النسوة اللاتي قطعن أيديهن قبل سنين طويلة، والذي كان سببا في الزج به في هذا السجن.. ما بال أولئك النسوة؛ "إن ربي بكيدهن عليم" (يوسف: 50).

شهادة البراءة

ويلتقيهن الملك ويسألهن، ويجبن مجتمعات "حاشا لله"، تلك الكلمة التي قلنها يوم شاهدن يوسف لأول مرة في بيت امرأة العزيز "حاش لله ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم" (يوسف: 31).. الأولى كانت تعبيرا عن إعجابهن بجماله وحسنه، والثانية كانت تأكيدا للجانب الخلقي "ما علمنا عليه من سوء" (يوسف: 51).
وهكذا مَنَّ الله على يوسف، ويكتب له شهادة البراءة الدامغة على نصاعة صفحته، ونقاء سلوكه.
وهنا تتحدث امرأة العزيز، نفسها، "الآن حصحص الحق، أنا راودته عن نفسه فاستعصم" (يوسف: 52).
وتضيف، في أقوال معظم المفسرين: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، إن ربي غفور رحيم" (يوسف: 52 – 53).. أي ليعرف يوسف أنني اعترفت بالخطيئة في غيبته.
بعد هذه الشهادات الصريحة لم يسع الملك إلا أن يزداد إعجابا وتشوقا إلى لقاء يوسف.. فقال: "ائتوني به، أستخلصه لنفسي"، أي يكون من الخاصة، وأعتمد عليه في أموري، وأسراري الخاصة.
بعد أن خرج نبي الله يوسف عليه السلام من ظلمة السجن إلى نور الحكم، بدأت فصول جديدة من مسيرته العظيمة، ليست فقط كنبي، بل كقائد أنقذ أمة كاملة من الهلاك، وأدار أعظم أزمة اقتصادية عرفتها مصر في ذلك الزمان: أزمة القحط والجفاف.
ويصارحه الملك بما يضمر في نفسه من رفعة ومكانة، وحسن اصطفاء: "إنك اليوم لدينا مكين أمين" (يوسف: 54).
الأمين هو ذو الأمانة الذي يأتمنه الناس على أموالهم وأعراضهم.. والمكين هو ذو القدر والمنزلة المتمكن في قلوب الناس.  

رؤيا الملك

بدأت القصة عندما رأى ملك مصر رؤيا عجيبة حيرت كل من حوله. قال الملك: "إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات"، فعجز المفسرون والسحرة عن تأويلها، فذكّر أحد خُدام الملك، الذي كان في السجن مع يوسف، بما رآه من علمه وصدقه، فطلب الإذن بالذهاب إليه.

حين سُئل يوسف عن تأويل الرؤيا، لم يكتفِ بتفسيرها، بل وضع خطة اقتصادية متكاملة لمواجهة الكارثة. قال: "تزرعون سبع سنين دأبًا، فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلًا مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلًا مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون".

تمثلت خطة يوسف عليه السلام فيما يلي:

أولا: السنوات السبع الخصبة:
أوصى بزراعة الأرض بأقصى طاقتها، وجمع الحصاد وتخزينه بطريقة محكمة دون هدر، بأن يُترك في سنابله لحمايته من الفساد.


ثانيا: السنوات السبع العجاف:
أمر باستخدام ما تم تخزينه تدريجيًا وبحكمة، بحيث يكفي الناس على مدار سبع سنوات، دون أن ينفد الطعام.


ثالثا: السنة الخامسة عشرة (عام الرخاء):
بعد الشدة، بشّرهم بعام رخاء تعود فيه الزراعة، وتُعصر فيه الفواكه والزيتون والعنب.

“اجعلني على خزائن الأرض..”

اندهش الملك من حكمته وصدقه وبعد نظره، وقال: "ائتوني به أستخلصه لنفسي"؛ فجعله مسؤولًا على خزائن الأرض، وقال يوسف: "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم".

تولى يوسف المسؤولية بإخلاص، فأدار الزراعة، وشيد مخازن الحبوب، ووضع نظامًا دقيقًا لتوزيع الطعام، حتى إذا جاءت سنوات القحط، لم تجُع مصر، ولم تضعف، بل أصبحت قبلة الجائعين من كل أرض.

العدل والحكمة في توزيع الطعام

اتسم يوسف عليه السلام بالعدل والحكمة في توزيع الطعام، يزن لكل محتاج حقه دون تمييز، وينظم حركة البيع والشراء بحكمة، حتى جاءه إخوته من فلسطين، لا يعلمون أنه يوسف، ليشتروا طعامًا مثل غيرهم من الناس، فكانت تلك بداية لقصة لمّ شمله بأهله.
يقول إسماعيل بن كثير في "قصص الأنبياء": عند أهل الكتاب، أن فرعون عظَّم يوسف جدا، وسلطه على جميع أرض مصر، وألبسه خاتمه، وألبسه الحرير، وطوقه الذهب، وحمله على مركبه الثاني، وقال له: لستُ أعظم منك إلا بالكرسي".. "وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين" (يوسف: 56).


وكان يوسف، آنذاك، ابن ثلاثين سنة، وزوَّجه امرأة عظيمة الشأن.
وقيا إنه لما ماتت زوجته، زوجه "زليخا"، فوجدها عذراء لأن زوجها لم يكن يأتي النساء، فولدت ليوسف رجلين.. واستوثق ليوسف ملك مصر، وعمل فيهم بالعدل، فأحبه الجميع.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية