من قصص القرآن الكريم.. صالح ومعجزة الناقة
في هذه السلسلة نستعرض مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.
سيدنا صالح، عليه السلام
قصة سيدنا صالح، عليه السلام، مع قومه ثمود وردت في سور متعددة؛ فجاءت مفصلة في سور: (الأعراف)، و(هود)، و(الحِجر)، و(الشعراء)، و(فصلت).
وجاءت أقل تفصيلًا في سور: (الإسراء)، و(النمل)، و(الذاريات)، و(الحاقة)، و(الفجر)، و(الشمس)، وأشير إليها في سور: (التوبة)، و(إبراهيم)، و(الحج)، و(الفرقان)، و(العنكبوت)، و(ص)، و(غافر)، و(ق)، و(النجم)، و(البروج).
بعث الله، سبحانه، سيدنا صالحا، عليه السلام، إلى "ثمود"، وهي قبيلة عربية وكان قوم صالح عليه السلام قد أنعم الله عليهم بمظاهر الحضارة من العمران والبنيان.
كانت تسكن بـ"الحِجْر"، وهو مكان يقع الآن بين الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية وشرق المملكة الأردنية.
وكانوا من عبدة الأصنام، ولا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى. و"وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين". (الحجر:82). و"أتتركون فيما ها هنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين". (الشعراء:146-149).
حاورهم سيدنا صالح، عليه السلام، ودعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، “إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون”. (الشعراء:142). “يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة”. (النمل:46)..
“هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”. (هود:61).. “فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين”. (الأعراف:74).
رفضوا أن يستمعوا له؛ لأنهم لا يريدون ترك ما عبده آباؤهم وأجدادهم. “واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا”. (الأعراف:74).
لم ييأس، وحاول، كثيرا، إقناعهم بأن يعبدوا رب الناس الذي ينفعهم ويرزقهم، والذي جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد، وذكَّرهم بنعم الله عليهم، “وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين”. (الحجر:81).. فعاندوا وكذبوه، واتهموه بالجنون والسحر، فعندها قال لهم إنه لا يريد منهم سوى الإيمان، وإنه رسولٌ من الله. “قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره”. (الأعراف:73).. و"أن اعبدوا الله". (النمل:45).. و"فاستغفروه ثم توبوا إليه". (هود:61). وقوله تعالى: “لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون”. (النمل:46).. و"قالوا اطَّيرنا بك وبمن معك". (النمل:47). و"فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر". (القمر:24-25).
معجزة الناقة
تحدى قوم ثمود سيدنا صالح، وطلبوا منه معجزةً تصدق رسالته وتظهر صدقه.
“قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب”. (هود:62).. و"قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين". (الشعراء:153-154).
سألهم صالح عن المعجزة التي يريدونها، فأشاروا إلى صخرة كبيرة قريبة من المكان، وطلبوا منه أن يخرج من هذه الصخرة ناقة، وأخذوا يضعون شروطًا تعجيزية في مواصفات الناقة، فذهب صالح بعد ذلك إلى المصلى ودعا الله أن يخرج من الصخرة ناقة.
خرجت من الصخرة ناقة وفق شروطهم وأمام أعينهم، فتعجب القوم، وآمن بعضهم بصالح وهم قلة، والأكثرية استمرت في كفرها، وطلب من قومه أن يتركوا الناقة تشرب من البئر يومًا، ثم يشربون منها في اليوم التالي، وهكذا، وطلب منهم أن تبقى الناقة بينهم. “قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية”. (الأعراف:73).. و"وآتينا ثمود الناقة مبصرة". (الإسراء:59). وقوله عز وجل: “قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم”. (الشعراء:155).
صارت الناقة تشرب يومًا من البئر، وفي اليوم التالي يأخذ القوم حاجتهم من ماء البئر، واستمروا على هذه الحال وهم يشربون من لبن الناقة.
هلاك قوم ثمود
ذات يوم، لعب الشيطان برؤوسهم، فاجتمع القوم لمناقشة شأن الناقة، وتحاوروا حول قتلها أو إبقائها، ورفض بعضهم قتلها خوفًا من العقاب، لكن رأي الأغلبية كان قتلها.. “فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين”. (الأعراف:77).
واجتمع تسعة من الرجال، وقتلوا الناقة، ثم قتلوا ولدها، ووصل الخبر إلى صالح، عليه السلام.
فوض نبي الله أمره لخالقه، وحذرهم من عذاب شديد من الله بعد ثلاثة أيام من معرفته الخبر. فلم يكن منهم إلا أن استهزأوا بكلام صالح ولم يصدقوه، وقرروا الانتقام منه وقتله.
"فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين". (الأعراف:78). و"وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود". (هود:67-68).. و"فأخذتهم الصيحة مصبحين". (الحجر:83).
نزل العذاب بالتسعة الذين قتلوا الناقة بإرسال حجارة عليهم، وذلك قبل أن يهلك الله قومهم.
وبعد ثلاثة أيام، وفي الموعد الذي حدده صالح.. في أول يوم كانت وجوهم مسفرة، وفي اليوم الثاني كانت وجوههم محمرة، وفي يوم السبت الثالث أصبحت وجوههم مسودة، فلما جاءت صبيحة يوم الأحد جلسوا ينتظرون العذاب المقرر لهم، فعندما خرجت الشمس جاءت صيحة من السماء ورجفة في الأرض من تحتهم، فهلكوا وكان ذلك عقاب عنادهم على الكفر.
"فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين". (الشعراء:158). وقوله عز وجل: "فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون". (النمل:51-52). و"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون". (فصلت:17). وقوله سبحانه: “فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين”. (الذاريات:44-45)، و“فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية”. (الحاقة:5). و"فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها". (الشمس:14).
ونجا الله، تعالى، صالحا، والذين آمنوا معه: “فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ”. (هود:66).
"نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ" (هود:66). و"وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون". (النمل:53). وقال سبحانه: “ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون”. (فصلت:18).
قول أخير يلخص معجزة الناقة
كان التركيز في قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه على المعجزة التي جاءهم بها وهي الناقة.
وقد ذكر المفسرون قصصًا كثيرة وأخبارًا عن هذه ناقة صالح، كذكرهم أن الناقة خُلقت من صخرة، أو هضبة من الأرض، ونحو ذلك من الأخبار التي لا تستند إلى دليل نقلي أو عقلي ينهض بها.
قال الشيخ رشيد رضا: "ولا يصح شيء يحتج به في خلق الناقة من الصخرة، أو من هضبة من الأرض، كما روي عن أبي الطفيل". كما أن بعض المفسرين خاض في وجه كون هذه الناقة "آية"، وذكر أقوالًا لا مستند لها، ما دفع الإمام الرازي إلى القول: "واعلم أن القرآن قد دل على أن فيها "آية"، فأما ذِكْر أنها كانت آية من أي الوجوه، فهو غير مذكور، والعلم حاصل بأنها كانت معجزة من وجه ما لا محالة".
وهذا هو المسلك الأسلم في الوقوف عند ظاهر القرآن، وعدم الخوض في تفاصيل الوقائع من غير دليل معتبر. فما دام القرآن نفسه -وهو الحجة البالغة- لم يذكر تفصيلًا عن “الناقة” أكثر من أنها “بينة” من ربهم، وأنها “ناقة الله”، وفيها “آية” منه، فليُكْتَفَ بما أخبر به القرآن، دون الخوض في ذلك الخضم من الأساطير والإسرائيليات التي تفرقت بها أقوال المفسرين حول “ناقة” صالح عليه السلام.
باختصار، كانت "ناقة" غير عادية، أو أخرجت لهم إخراجًا غير عادي، ما يجعلها “بينة” من ربهم، ومما يجعل إضافتها إلى الله له دلالته التشريفية، ويجعلها آية على صدق نبوته.
ولا نزيد على هذا شيئًا، مما لم يرد ذكره من أمرها في هذا المصدر المستيقن، وفيما جاء في هذه الإشارة كفاية عن كل تفصيل آخر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
