شهادة للتاريخ!
كلمة مصر أمام الأمم المتحدة خرجت من عباءة الدبلوماسية التقليدية، لتصبح أقرب إلى شهادة للتاريخ، تفضح ازدواجية المعايير، وتدين الصمت الذي صار فضيحة أخلاقية.. فبينما يُطلب من الفلسطيني أن يُدين مقاومته، لا يُطلب من المحتل أن يوقف مجازره. وبينما تُستنكر الحروب شرقًا وغربًا، تُمنح الحروب في غزة شرعية صامتة، لأنها ببساطة لا تزعج مصالح الكبار.
هذه قدر مصر بحكم الواقع والموضع، التاريخ والجغرافية، بما لها من ثقل تاريخي وجغرافي وسياسي، لم تكتف بالتعبير عن الرفض، بل رسمت خريطة أعمق للأزمة، تربط بين ما يحدث في غزة وبين اختلال التوازن الدولي، حيث باتت القرارات خاضعة لحسابات القوة، لا مبادئ العدالة.
وفي خضم هذه الأزمة، طرحت القاهرة رؤيتها لإصلاح مجلس الأمن، لا من منطلق المنافسة على مقعد دائم، بل من باب ضرورة إصلاح بيتٍ فقد هيبته، وتحول من مجلس أمن إلى مسرح عجز.
في خطاب متزن لكنه مثقل بالألم، وقفت مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعلن موقفًا لا يزيغ عن الثوابت ولا يتمايل مع رياح المصالح. الكلمة التي ألقتها باسم ملايين العرب، لم تكن مجرد تنديد بما يجري في غزة من مآسٍ، بل كانت بمثابة استدعاء عاجل للضمير الإنساني، ودعوة صريحة لإعادة النظر في صلاحيات المنظومة الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن..
الذي بات في عرف الشعوب أضعف من أن يوقف حربًا، وأعجز من أن ينصف مظلومًا.. ولطالما كتبت في هذا المكان وغيره على مدى سنوات مطالبًا بإصلاح هذا المجلس الذي صار مرتهنًا بمصالح الخمسة الكبار ودهس في سبيلها العدالة الدولية المنشودة.
ومن الطبيعي في هذا السياق الملتبس أن تثور أسئلة مؤرقة: هل ستتوقف إسرائيل عند غزة؟ أم أن شهيتها للهيمنة ستقودها للانفراد بكل دولة عربية على حدة، بدعاوى شتى؟ وهل بات العالم العربي هشًا إلى حد يسمح بتفكيكه بندًا بندًا، وصوتًا صوتًا، بلا مقاومة؟ وهل اختفى الحد الأدنى من الإجماع العربي لصالح صفقات آنية سرعان ما تنقلب على أصحابها؟
مصر لم تكن تهدف في كلمتها إلى تصعيد المواجهة، بل إلى التذكير بأن الصمت العربي والدولي لا يحمي أحدًا، وأن النار التي تأكل غزة اليوم قد تطال غيرها غدًا، إن بقيت المعايير مختلة، والمصالح فوق المبادئ. بل إن الرسالة الضمنية كانت أوضح من التصريح: لا تطمئنوا إلى استقرار هش فوق أنقاض العدالة.
إصلاح مجلس الأمن لم يعد مطلبًا فخريًا، بل ضرورة وجودية، في عالم تغيرت فيه موازين القوى، لكن بُنيته القانونية لا تزال أسيرة لحرب باردة انتهت فعليًا منذ عقود. وإن لم تُعَد كتابة قواعد اللعبة الدولية، فلن يكون أمام الشعوب المقهورة سوى طريقين: الفوضى أو الاستسلام. وكلاهما مسدود.
أما عن الفلسطينيين، فكانت إشارات مصر أكثر إنسانية من أن تُختصر في بنود سياسية. تحدّثت عنهم كضحايا لا كأرقام، وعن صمودهم لا كأداة تفاوض، بل كقضية ضمير عالمي. وكان واضحًا أن مصر، رغم كل تعقيدات الواقع، لا تزال على العهد، وإن بصوت مكلوم.
موقف مصر وكلمتها أمام الأمم المتحدة ليست مجرد موقف دبلوماسي، بل وثيقة سياسية تحمل كل تناقضات اللحظة: الغضب النبيل، والعقل الهادئ، والخوف المشروع، والأمل المتبقي. وفي النهاية، تُرك السؤال الأكبر بلا إجابة: إذا انتهت إسرائيل من غزة، وأضعفت إيران، فهل سيكون الطريق إلى قلب العواصم العربية مفتوحًا بلا حارس؟!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
