بين التاريخ التكراري والتاريخ العاطفي.. أوجلان والغرب
اعتبر زعيم الدولة العميقة دولت بخجلي أن إنقاذ تركيا يبدأ من الوحدة بين الكُرد والترك، هذا التصريح لا يدخل تحت بند الانفعال السياسي بل هو حقيقي وتاريخي، وهذه المعلومة ليست جديدة على إحداثيات الشعب الكردي.
التاريخ يذكرنا أن من أنقذ تركيا من أزماتها الكبرى إنما التحالفات مع الكُرد، وهو ما يذكره أوجلان ويصر عليه منذ بداية التسعينيات بالقول: إن تركيا مضطرة لعقد تماهي أو تحالف مع الأكراد لحل أزماتهم.. لكن كما يدّعي فيلسوف ألمانيا هيغل والذي لا ينكر أوجلان مقدار تأثره به فإن التاريخ لا يكرر نفسه وإنما هناك شيء جديد دائمًا تحت الشمس.
ودعنا نمارس هيرومونوطيقية جديدة على أقوال أوجلان، يعتقد هيغل أن التاريخ البشري ليس كما وصفه أفلاطون بأنه تكرارٌ عقيم لجميع أشكال الحكم والحياة، وهو ليس كما وصفه فلاسفة الحداثة الماديين "ديدرو وكوندرياك" و"ماركس" والديانات الكبرى: اليهودية والمسيحية والإسلام، بأنه تاريخ سهمي نحو تحقيق غاية معينة.
وليس هو بالتاريخ اللولبي إنما هو تاريخ لا يرغب في أن يكون ما هو، إنه ذات طابع جديد وماكر وعبثي، وبالتالي من يعوّل أن يعيد التاريخ سيسقط في نفق اللاوجود، إن ما تفعله تركيا على لسان زعيمها هو إعادة تدوير التاريخ، أي أن بخجلي هو أفلاطوني النزعة يرى أن بإمكانه أن يعيد التاريخ وتحالفاته السياسية مع الكورد، أو كما حدث سابقًا أي يريد إنقاذ تركيا من خلال الكُرد..
ومن ثم فيبدو أنه يستند على التكرارية غير الأخلاقية لسياسات الدولة التركية، لكن في مقابل هذا الموقف الذي ينتج براغماتية سيئة، يخرج علينا أولئك السهميون الانفعاليون العاطفيون الذين يؤمنون بأن التاريخ يتجه نحو غاية واحدة وهي إعطاء الكورد حقوقهم أي أننا نستلف مما فشل فيه ماركس والماديين في القرنين الرابع عشر والخامس عشر.
إن التاريخ كما يقول الفرنسي "ميشيل فوكو" لا يُطوّع لمصلحة ما نريده. ليس هناك تاريخ يخضع لرغباتنا، والعلم ليس تمثلًا لإرادة الكورد. وهنا نضطر إلى استعادة هيغل، فبرأيه ليس هناك تكرار للتاريخ وليس هناك تاريخ تقدمي بل كل نوع من التاريخ يحمل معه بريقه وأصالته.
في آخر رسائله يعيد أوجلان تاريخ الكورد مع تركيا، ويذكر مثالين في الأزمنة الفائت وهما السيد رضا والشيخ سعيد، وينبهنا كما يقول لنا إننا لا نعيد هذه الكرّة أي أن لا نعيد ترتيب العلاقة مع الآخر، وهنا يقصد الآخر العمومي التركي والغربي والشرقي ليقول لهم نحن لا نلهث وراء بعض حقوقنا، ما يريده أوجلان وبنكهة هيغلية أن يخبرنا أن هناك شيئا حيويا وجديدا يظهر تحت الشمس وما يلزمنا هنا أن نكون جزءًا من هذا الجديد ومن ثم تصبح رسالة أوجلان في حقيقتها موقفًا فلسفيًا.
يردد أوجلان مقولة "إما - أو" أي إما أن يرضوا بحلولي أو فإن الفناء وتكرار المكرر بانتظارهم. من جهة فإن أوجلان لا يقصد هنا الاختيار بين نمطين بل القدرة على معرفة حجم الخطر المحدق، ومن جهة أخرى لا يخوض أوجلان هذا الترديد من زاوية ذاتية مركزية، أي لا يقترح نفسه باعتباره ذاتًا تملك الحل الوجودي، بل يريد أن ينبهنا للفعل الموضوعي الذي نصرٌُ على عدم رؤيته..
بمعنى أنه يبدأ من ترنيمة الخلاص، ولكن بالمعنى السلبي فإن كنا جميعًا هَالكُون في هذا المستنقع من القتل فلماذا لا نفكر بطريقة أخرى للنجاة؟! إن الاقتراب من الهلاك هو أكبر دافعًا للمخاطر بغية إيجاد الحل وإعادة إنتاج الحياة..
هذا ما يود أوجلان أن يخبرنا، فالحلول لا تخرج من هناك أي من المتعالي، وهنا يقصد به الغرب، بل منا نحن، من أولئك المتصارعين الكارهين لبعضهم، هذا التوتر هو الذي يخلق الديالكتيك السحري. فالإرادة الحقيقية للحل لا تظهر إلا في درجات الخطورة القصوى، وهذا ما أدركه "نيتشه" عندما جعل الإرادة في أصلها إرادة الخطر.
ومن رؤية برغماتية ما يرغب به أوجلان هو رفع سقف المطالب مع الآخر، وهو هنا ليس تركيا، فالمفاوضات وإن كانت بالشكل الصريح مع تركيا ولكنها بالشكل الصامت هي في أساسها مع الغرب، أي أن أوجلان في هذه اللحظات لا يفاوض تركيا على شكل الحل، إنما يفاوض الغرب، بمعنى ما يريده أوجلان أن يعيد تكرار التاريخ لكن بالشكل الذي يلائم حقوق المكونات وليس بالشكل الذي يلائم تبعية المركز.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
