الأدباء والحج.. كلمات خاشعة أمام بيت الله الحرام.. هيكل: «رأيت شهداء بدر رأي العين».. طه حسين: «أشم تراب الحديبية».. والعقاد: «حمام الحرم لا يعلو الكعبة»
لم تخلُ كتابات الأدباء والكُتَّاب قديمًا الذين أدوا فريضة الحج من سرد ذكرياتهم حول رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، وهي ذكريات لا يمكن نسيانها فخرجت كتاباتهم توثيقًا للرحلة ومشاعرها وتأثيرها على النفس الإنسانية، إضافة إلى التأريخ للأماكن المقدسة فى مكة والمددينة.
من أشهر الأدباء الذين سجلوا ذكرياته عن رحلة الحج وأداء الركن الخامس من الفريضة الأديب عباس محمود العقاد وحسن الزيات ومحمد حسين هيكل ومصطفى محمود والدكتور طه حسين.
هيكل فى منزل الوحي
ففي كتاب “في منزل الوحي” سجل الكاتب والسياسي محمد حسين هيكل ذكرياته عن الحج، حتى إنه لمجرد رؤيته الكعبة كتب يقول: “بدت لي الكعبة قائمة وسط المسجد فشُدَّ إليها بصري وطفر قلبي ولم يجد عنها منصرفًا، ولقد شعرت لمرآها بهزة تملأ كل وجودي وتحركت قدماي نحوها وكلي الخشوع والرهبة، لقد اشتملني من فجر ذلك اليوم رضا عن الحياة وعن نفسي، وشعرت بروحي فرحة، وبقلبي مطمئنًّا، أقبلت منذ بكرة الصباح أعد لباس الإحرام، وما يقتضيه المبيت تحت الخيام منشرح الصدر لكل ما أصنع من ذلك، عميق الإحساس بجلال هذه الفريضة التي يسر الله لي أداءها موقنًا بأني سأشهد أثناءها من آيات حكمته فيها ما يزيد كل مؤمن إيمانًا وتثبيتًا”.

وأضاف هيكل: شعرت من هيبة الموقف وجلاله بأن قلبي يزداد خفقانًا، وأن جوانحي كلها تزداد تنبهًا.. ثم رأيتني أحدق في قاع الفجوة كأنما أرى شهداء بدر رأي العين وأقول: السلام عليكم شهداء بدر، رضي الله عنكم،غفر لنا ولكم، وانطلقت أتلو الفاتحة ويتلوها أصحابي جميعًا.. ثم انطلقت ألسنتنا بالدعاء والاستغفار.
رمز للتضحية والفداء
وفي مؤلفه “في أرض الحجاز” كتب الأديب أحمد حسن الزيات يقول: إن في كل بقعة من بقاع الحجاز أثرًا للتضحية ورمزًا للبطولة، فالحج إليها إيحاء بالعزة، وحفز إلى السمو، وحث على التحرر والاستقلال.

وفى كتابه “ما بعد الأيام” كتب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يقول عن ذكرياته عندما حج أول مرة: عشت بفكري وقلبي في الأماكن المقدسة بمكة والمدينة المنورة قبل زيارة بيت الله الحرام وأثناء كتابة مؤلفي “على هامش السيرة”، واستمر هذا الشعور ملازمني حتى جاءت الزيارة، فما إن بلغت الحديبية حتى قبضت حفنة من ترابها والله كنت أشتم فى هذا التراب الطاهر رائحة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم دخلت المسجد الحرام باكيًا أردد: اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن. أنت الحق، ووعدك الحق. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت.
رمز الوحدة الكبرى
فى كتابه “الإسلام ما هو” يتذكر العالم المفكر الدكتور مصطفى محمود ذكرياته يوم أن ذهب إلى أداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام وحضوره وقفة عرفات، فكتب يحكي ما شاهده ويصف ما شعر به أثناء أدائه الفريضة يقول: “جبل عرفات مزروع بالخيام.. مليون وخمسمائة ألف حاج يحطون عليه كالحمام في ثياب الإحرام البيض.. لا تعرف الواحد من الآخر، اختفت الجنسيات.. واختفت الأزياء المميزة واختفت اللغات.. الكل يلهج بلسان واحد، الكل يتكلم العربية.. بعضهم ينطقها مكسرة وبعضهم ينطقها بلكنة أجنبية وتستطيع أن تسمع أنهم يهتفون.. لبيك اللهم لبيك، فالكل كانوا يبدون لعيني وكأنهم عائلة واحدة في مجلس عائلي حميم، كان كل واحد يشعر أنه يخاطب الله بهذه الحروف وأنه في حضرة الله وفي ضيافته وفي رحابه.. وأنه يقف حيث كان يقف محمد عليه الصلاة والسلام.. النبي العظيم البدوي الفقير الأمي.. وأنه يسجد حيث كان يسجد، ويركع حيث كان يركع، ويردد ما كان يردده من دعاء.. بذات اللسان العربي وهذا هو معنى التوحيد”.
وأضاف مصطفى محمود: أما ثياب الإحرام البيضاء فى رحلة الحج فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس ويتساوى فيها الفقير. ونحن نلبسها على اللحم.. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد وكما سوف يحدث حينما نغادره بالموت.. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء على اللحم.. ونخرج من الدنيا بذات اللفة..هي رمز للتجرد.. لأن لحظة اللقاء بالله تحتاج إلى التجرد كل التجرد، ولهذا قال الله لموسى: اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى، هو التجرد المناسب لجلال الموقف، أما أمام الله فنحن لا شيء.. لا نكاد نساوي شيئًا، وعلينا أن نخلع كل ثياب الغرور وكل الزينة.

أما الأديب عباس محمود العقاد فقد وثق رحلته للحجاز لأداء فريضة الحج التي قام بها عام 1946 فى كتابه “حمام الحرم” حول طائر الحمام الذي شاهده يطوف حول الكعبة ولا يعلو عليها فرادى ولا جماعات في مشهد جميل، كانت رحلة وجدانية إيمانية شعورية، تمتزج فيها العواطف الجياشة بحلاوة الإيمان، مما يجعل التعبير عنها من الصعوبة بمكان، لذلك فهي تُحس أكثر مما توصف إن الحج هو الفريضة التي تتمثل فيها الأخوة الإنسانية، على تباعد الديار واختلاف الشعوب والأجناس، وهي بمنزلة صلة الرحم وتبادل الزيارة بين الأسرة الواحدة، يجمعها الملتقى في المكان الذي صدرت منه الدعوة، وهو أجدر مكان في كل بقاع الأرض أن يتم فيه هذا اللقاء الجمعي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
