رئيس التحرير
عصام كامل

معركة تبوك، قصة انتصار المسلمين دون قتال في آخر غزوة للرسول

غزوة تبوك، فيتو
غزوة تبوك، فيتو

غزوة تبوك، يواصل القسم الديني في بوابة فيتو، خلال شهر رمضان، تقديم سلسلة من المعارك والغزوات الإسلامية، التي كتب بها المسلمون التاريخ الإسلامي، وساعدت في نشر وإعلاء كلمة الحق، ووصول الإسلام من أدنى الأرض إلى أقصاها.

وفي السطور التالية، نتعرف على أحداث غزوة تبوك، آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

غزوة تبوك

وقعت غزوة تبوك عام 9 هـ، بعد العودة من حصار الطائف، وتقع تبوك شمال الحجاز، بعيدا عن المدينة بـ 778 ميلًا حسب الطريق المعبدة في الوقت الحاضر، وكانت من ديار قضاعة الخاضعة لسلطان الروم آنذاك.

واشتهرت هذه الغزوة باسم تبوك، نسبة إلى عين تبوك، التي انتهى إليها الجيش الإسلامي، وأصل هذه التسمية جاءت في «صحيح مسلم»، فقد روى بسنده إلى معاذ بن جبل أن النبي محمدًا قال: «إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ، عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ».

غزوة تبوك - ويكيبيديا
مكان غزوة تبوك

كما سميت الغزة بـ الفاضحة، وهو الاسم الذي ذكره الزرقاني في كتابه «شرح المواهب اللدنية»، وسميت بهذا الاسم لأن هذه الغزوة كشفت عن حقيقة المنافقين، وهتكت أستارهم، وفضحت أساليبهم العدائية الماكرة، وأحقادهم الدفينة، وجرائمهم البشعة، بحق رسول الله محمد والمسلمين.

وسميت أيضًا بـ«غزوة العُسْرة» لشدة ما لاقى المسلمون فيها من الضنك، فقد كان الجو شديد الحرارة، والمسافة بعيدة، والسفر شاقًّا لقلة المؤونة وقلة الدواب التي تحمل المجاهدين إلى أرض المعركة، وقلة الماء في هذا السفر الطويل والحر الشديد، وكذلك قلة المال الذي يجهز به الجيش وينفق عليه. وقد ورد اسم العسرة في القرآن الكريم، جاء في سورة التوبة: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١١٧﴾ [التوبة:117].

غزوة تبوك
غزوة تبوك

 

تداعيات غزوة تبوك

بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الروم إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان البيزنطي المسيطر على المنطقة؛ فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى بيزنطية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثون ألفًا من الجيش الإسلامي. انتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن جيش الروم تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة؛ مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة.

 لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالًا فحققوا انتصارًا للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (مدينة العقبة حاليًا على خليج العقبة الآسيوي)، وكتب الرسول محمد بينه وبينهم كتابًا يحدد ما لهم وما عليهم، وقد عاتب القرآن من تخلف عن تلك الغزوة عتابًا شديدًا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها - وعاتب وعاقب من تخلف عنها - والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١﴾ [التوبة:41].

 

سبب غزوة تبوك

 

ويرجع سبب الغزوة، إلى تحرك قوات رومية وعربية موالية لها نحو المسلمين، فقد قال نور الدين الحلبي: «بلغ رسول الله ﷺ أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة الشام، وأنهم قدموا مقدماتهم إلى البلقاء المحل المعروف.أي وذكر بعضهم أن سبب ذلك أن متنصرة العرب كتبت إلى هرقل: إن هذا الرجل الذي قد خرج يدعي النبوّة هلك وأصابت أصحابه سنون أهلكت أموالهم، فبعث رجلا من عظمائهم وجهز معه أربعين ألفا، أي ولم يكن لذلك حقيقة، أي وإنما ذلك شيء قيل لمن يبلغ ذلك للمسلمين ليرجف به وكان ذلك في عسرة في الناس وجدب في البلاد، أي وشدة من نحو الحر، وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم».

غزوة تبوك.. الرسول مقاطعًا - إسلام أون لاين

حث الرسول على الإنفاق في سبيل الله 

حث الرسول الصحابة على الإنفاق في هذه الغزوة لبعدها، وكثرة المشاركين فيها، ووعد المنفقين بالأجر العظيم من الله، فأنفق كل حسب مقدرته.

كان عثمان بن عفان صاحب القِدْح المُعَلَّى في الإنفاق في هذه الغزوة وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: «جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ، حِينَ جَهَّزَ النَّبِيُّ ﷺ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، قَالَ: فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ ﷺ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ ابْنُ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ" يُرَدِّدُهَا مِرَارًا».

 

وأمّا عمر بن الخطاب فقد تصدق بنصف ماله وظن أنه سيسبق أبا بكر بذلك، حيث روى عمر عن ذلك حيث قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟»، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا».

وروى أن عبد الرحمن بن عوف أنفق ألفي درهم وهي نصف أمواله لتجهيز جيش العسرة. وكانت لبعض الصحابة نفقات عظيمة، كالعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله، ومحمد بن مسلمة، وعاصم بن عدي.

قدَّم فقراء المسلمين جهدهم من النفقة على استحياء؛ ولذلك تعرَّضوا للسخرية من المنافقين، فقد روي أنّ أَبُو عَقِيلٍ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: «إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الْآخَرُ إِلَّا رِيَاءً، إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الْآخَرُ إِلَّا رِيَاءً»، فَنَزَلَتْ آية: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٩﴾ [التوبة:79].

متى كانت غزوة تبوك - موضوع

أحداث غزوة تبوك

وقد كانت انطلاقة المسلمين في غزوة تبوك لملاقاة الروم في تبوك، وتحرّك الروم أولًا بعد فتح مكّة نحو المسلمين؛ استعدادًا لملاقاتهم في معركة أرادوها، فلم يشأ النبيّ أن يتوانى في ملاقاتهم، حيث كان ظنّ النبيّ أنّ من الواجب أن يرى الروم من المسلمين شدّةً وقوّةً لا تهاونًا ورخاءً، وبالرغم من أنّ ظروف المدينة التي خرج فيها المسلمون صعبةٌ جدًّا، فقد كان الوقت صيفًا والحرارة مرتفعةٌ في المدينة، وثمار المدينة قد قاربت على النضج والاستفادة منها، وكانت المسافة بعيدةً جدًّا عن المسلمين، يُضاف على ذلك كُلّه يقين المسلمين أنّ في صفوفهم عددًا من المنافقين المتربّصين يكيدون لهم من داخل المدينة، وبعضهم على اتّصالٍ بجيش الروم الآتي من بعيدٍ، كُلّ هذه الظروف أحاطت بالمسلمين حين قرّر النبيّ -عليه السلام- الخروج من المدينة لملاقاة عدوٍّ قويٍّ يمتاز بالعدد والعُدّة.

 

 انتصار المسلمين دون قتال 

سار النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- بأصحابه شهرًا كاملًا حتى بلغوا منطقة تبوك، وهناك لم يجد النبيّ -عليه السلام- وأصحابه أثرًا للرومان، فقد قذف الله -تعالى- في قلوبهم الرعب قبل أن يلتقوا بالمسلمين، وحتى يُثبت النبيّ -عليه السلام- للروم وغيرهم قوّته وقدرته على القتال مكث ما يقارب عشرين يومًا في تبوك منتظرًا أيّ أحدٍ قد يخرج عليه للمواجهة، ورجع النبيّ المدينة مُحقّقًا انتصارًا عظيمًا مع أصحابه دون قتالٍ.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية