رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا نحتاج من خطباء المساجد؟!

لاشك أن الشرع يستهدف تحقيق مصالح الخلق؛ ومن ثم فلابد أن يسابق الخطاب الدينى الزمن فيشتبك مع قضايا العصر ويبين للناس كيف يتعاملون معها برؤية مستنيرة ووعي يجعلان الحياة أكثر يسرًا واستقامة وقربا من الله تعالى، ويجعلان المجتمعات أكثر سلامًا وتماسكًا وأمنًا.. فما جاءت الأديان والشرائع إلا لتحمي الإنسان من نفسه ومن أي شرور حوله، ولتجعله يعبد الله على هدى ونور منه.


مناسبة هذا الكلام أننا نستقبل اليوم شهر الصيام ويحدونا أملٌ كبير أن يكون عملنا في رمضان هذا العام أكثر إيجابية واستلهامًا لروح الشرع الحنيف عما سبقه من أعوام فما أكثر السلبيات وما أقل الإيجابيات، وما أكثر القول وما أقل العمل، وما أعظم ما يدعونا إليه الشرع الحنيف وما أبعد ما نفعله من سلوكيات عن مقاصد هذا الشرع وغاياته.. 

الخطاب الدينى ومستجدات العصر

فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والشهوات في نهار رمضان ثم التكالب عليها بعد الإفطار بنهم وإسراف وتبذير.. فما أراد الله بالصيام تجويعنا ولا حرماننا من الطعام والشراب، بل أرادنا أن نشعر بآلام ومتاعب الفقير؛ فنبادر بمد يد العون له، فما جاع فقير إلا ببخل غنى.


نتمنى أن يتفاعل الخطاب الدينى مع مستجدات العصر؛ ويشتبك مع قضاياه وهمومه ومتغيراته فلا يكتفى خطباء المساجد ووعاظ الدعوة بالحديث المعتاد أو التقليدي عن فضائل الصوم وضرورته ومقدار زكاة الفطر وهل تخرج نقدًا أم حبوبًا.. 

 

بل نحتاج منهم أن يقولوا للصائمين أن من يصوم في بيت اغتصبه فلا صيام ولا زكاة له، وأن من يفطر بعد صيامه بمال منهوب فلا صيام له ولا زكاة له، وأن من عليه مظلمة فعليه ردها إلى أهلها والتوبة قبل أن يزكي ويتصدق، فالله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا.


الظروف الاقتصادية لمجتمعاتنا تستلزم أن نكون أكثر رأفة بالفقراء والمعدمين وذوي الحاجة، وهذا شهر التكافل الاجتماعي فما فرض الله الصيام لتجويعنا ولا لتعطيشنا وإنما ليربي النفوس على التجرد والزهد والاستغناء والتحلل من الشهوات والغرائز والإحساس بآلام الفقراء وما أكثر والتخلص من الشح بالعطاء ومن البخل بالإنفاق ومن حب الذات والأنانية بحب الآخرين والتودد إليهم ابتغاء مرضاة الله تعالى.. 

 

 

فهل نحقق غاية الصوم لنصل في النهاية لمراد الله منه ومنا يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".. ولن تتحقق التقوى إلا بتحقيق مراد الله من العطاء والإنفاق والامتناع عن الأذى والمحرمات.. فهل استعددنا لتحقيق مراد الله من الصوم!
وللحديث بقية إن شاء الله.

Advertisements

الجريدة الرسمية