رئيس التحرير
عصام كامل

الشبح والسبع إخوات

في قديم الزمان، عاشت مجموعة من الأخوة في قرية صغيرة تحاط بالغابات الكثيفة.. كانوا أبناء رجل حكيم وشجاع. بعد وفاته ترك لهم بيتًا كبيرًا كإرث.

ومع أن البيت كان يحمل العديد من الذكريات الجميلة لهم، إلا أنه احتوى أيضًا على لغز غامض، فعندما يكون أحد الإخوة السبعة وحده في البيت، كان يشاهد شبحًا مخيفًا يطارده بلا هوادة، ويحاول قتله بأبشع الطرق التي لا يمكن للإنسان أن يتخيلها.

 

هذه الرؤيا المخيفة ألقت بظلالها على قلوب الإخوة وأثارت الرعب والهلع في نفوسهم، وراحت الأفكار تتصارع في رؤوسهم كمجموعة من الغزلان تفر من صيادها.. تبادل الإخوة خلال الليالي المظلمة قصصهم عن تجاربهم المرعبة مع الشبح.

Advertisements

 

وفكر كل منهم في الهروب وترك البيت الملعون، لكن الحقيقة، التي لم يكشفها كل منهم للآخر، هي أن كل واحد منهم لديه أيضا بخلاف الشبح سبب شخصي يجعله يرغب في بيع البيت.

 

أحدهم مثلا كان يحلم بالسفر إلى أراضٍ بعيدة، وآخر يرغب في بدء مشروعه الخاص كي يصبح غنيا ويسود القرية. بينما الثالث كان يتمنى الزواج من ابنة السلطان الحسناء ذات الشعر الطويل ويحتاج إلى المال لإقناع والدها بقبوله خاصة وأنه ليس ذي حسب ونسب.

 

وبينما كان الإخوة يخططون للهروب وبيع البيت، اكتشفوا شيئًا غريبًا، إذ إنه لم يظهر الشبح أبدًا أثناء تجمعهم جميعًا في البيت، فقد ظهر لكل منهم وهو وحده في غرفته مثلا أو أثناء غياب الجميع.

 

هذا الاكتشاف الغريب أعطى الإخوة بعض الأمل، فقد أدركوا أن الشبح يتغذى على تفرقهم وضعفهم وحدهم، فماذا سيحدث إذا ما بقوا جميعا في البيت أو على أقل تقدير ماذا سيحدث إذا لم يترك الجميع أحدهم في أي موقف ليبقى في البيت وحده، هكذا فكروا.

مفتاح الخلاص

اتفق الإخوة على خطة للتعاون ومواجهة الشبح معًا، فقرروا البقاء في البيت ومواجهة مخاوفهم المشتركة. فأدركوا أن الوحدة والتلاحم هما المفتاح للنجاة. وحينما اجتمعوا، شعروا بالقوة والشجاعة تملأ قلوبهم.

 

بدأت المعركة الحاسمة مع الشبح. بينما كانوا يتحدونه بقوة وعزيمة، بدأ الشبح يتلاشى تدريجيًا، حتى اختفى تمامًا. كانت الوحدة والتعاون قد أنهت سلطة الشبح الشريرة.

 

اكتشف الإخوة فيما بعد أن الشبح كان مجرد رمز لتفرقهم وتشتتهم. إن وحدتهم وصلابتهم كانت المفتاح للخلاص. تعلموا أن الصراع الحقيقي ليس مع بعضهم البعض، بل مع الخصوم الدخلاء والضعف الذي يعيشونه في أنفسهم. بعد هذه التجربة المخيفة، أصبحت روح الإخوة أقوى من أي وقت مضى.

 

بكل شجاعة ودون اتفاق، توجه الأخوة جميعا إلى قرية السلطان ليعلنوا عن قرارهم بالبقاء في البيت وإعادة بنائه كمكان للتلاحم والسعادة. وخلال الرحلة تعرف السلطان على قصتهم الشجاعة وقوة إرادتهم، فأعجب بروحهم وتماسكهم وقرر أن يمنحهم الدعم اللازم من مال وعتاد وعمال لتحقيق أحلامهم.

 

وسرعان ما بدأ الأخوة في إعادة بناء البيت، وأصبح المكان يشع بالأمل والسعادة، وبنوا مجتمعًا قويًا يتمسك بقيم التضامن والتعاون، وتحققت أحلامهم بالفعل، فقد سافروا وبدأوا مشاريعهم الخاصة وتزوج الثالث ابنة السلطان.

 

 

ومع مرور الوقت، انتشرت قصة الإخوة الشجعان وتحدثت عن قوتهم وإرادتهم ووحدتهم، وأصبحت قصتهم رمزًا للأخوة والتلاحم والقوة في وجه التحديات، واستمر البيت في الوقوف كشاهد على قوة الروابط العائلية والتضحية والحب.

الجريدة الرسمية