رئيس التحرير
عصام كامل

النجاح فن لا يحسنه كل الناس!

ما أحوج الإنسان لنسج علاقاته الاجتماعية على مهل؛ فلا تخدعه المظاهر، ولا تغره الشكليات؛ فليس كل ما يلمع ذهبًا؛ فالإنسان روح وقلب ووجدان في جسد يتحرك في الحياة وفق بوصلة العقل والقلب معًا أو أحدهما دون الآخر.. ومن ثم وجب تخيّر اختيار الأصدقاء دون النظر للشكل أو الثراء أو المصالح.. 

 

فالإخلاص أهم مقومات الاختيار؛ فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل؛ فرب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرَّه.. يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أمولكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" ؛ فالقلوب أساس الأعمال مصحوبة بالنيات التي هي معيار الصدق  في الحياة؛ وما بين النية والعمل تمضي حياة المرء خيرًا أو شرًا.. وعلى نياتكم ترزقون.. فأحسنوا النية.

Advertisements


ولا ننسى أن خيركم من طال عمره وحسن عمله؛ فالسيرة أطول من الأجل.. وهذا ما أكد عليه أمير الشعراء بقوله: فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها.. فالذكرُ للإنسان عمرٌ ثانٍ.


فكم عاش أناس سنين جاوزت المائة لكنهم خرجوا من الدنيا بلا أثر ولا عمل صالح يخلد ذكراهم.. وعلى النقيض هناك من عاش سنوات قليلة لكنه نجح في تسطير أمجاد تخلد ذكره في الحياة وتبقيه حيًا في الذاكرة الإنسانية.. 

مصطفي كامل وأبو القاسم الشابي

انظروا مثلًا إلى الزعيم الوطنى النبيل مصطفى كامل الذي مات في ريعان شبابه لكنه ترك أعمالًا وطنية مشرفة وسجلًا تقرأ فيه أسمى آيات النضال الوطنى الذي ألهب مشاعر المصريين وحرّضهم على التحرر من الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدور المصريين عقودًا طويلة نهب فيه مقدراتهم، وأضاع عليهم فرص التقدم والتنمية.. 

 

وانظروا إلى الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الذي رحل عن الدنيا بجسده في ريعان شبابه لكنه عاش بأشعاره التي حملت معانى إنسانية عميقة وخالدة وترك لنا أشعارًا تفيض بمعاني العزة والنبل والشرف والتحرر وترفض كل محاولة للاستغلال والعبودية.. 

 

فمن ينسى قوله: إذا الشعب يومًا أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر.. ولا بد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر. هكذا هم الخالدون إنسانيًا.. بشرٌ فوق العادة عاشوا لأجل قضية كبرى ولم ينشغلوا بأنفسهم وملذاتهم وغرائزهم وخلافاتهم ولم يقعوا في شراك أعداء النجاح الذين ينشطون بكثرة في كل زمان ومكان.. ولم يسلم منهم أحد في مجتمعاتنا.. 

 

 

وانظروا إلى آلاف الناجحين من المصريين في الخارج لتعلموا كيف أننا نترصد الناجح حتى يفشل.. بينما في الخارج يدعمون الفاشل حتى ينجح.. وللحديث بقية!!

الجريدة الرسمية