رئيس التحرير
عصام كامل

مكـونات عملية التدريس (2)

نستكمل في مقال اليوم الحديث عن مكونات عملية التدريس؛ ويعد المتعلم المكون الأهم والمحور الرئيس فى العملية التعليمية، وهو المركز الذى يسلط عليه الضوء، فالمناهج توضع من أجله، والتطوير والتحسين ينفذ من أجله، بل إن كل أهداف المناهج الدراسية تنصب على النمو النفسى والعقلى والجسمى والاجتماعى له.


وقد كان الاعتقاد السائد قديما أن دور المتعلم في مختلف المواد والمراحل التعليمية ينحصر على تحصيل المعلومات واكتسابها سواء من المعلم أو الكتاب المدرسى، وهذا يعنى سلبية المتعلم وجعله مشغولا فقط بتلقى المعلومات وحفظها ثم تفريغها يوم الامتحان فى ورقة الإجابة.

Advertisements

 

ومع تطور الفكر التربوى وتطوير استراتيجيات التعليم والتعلم اختلفت النظرة إلى المتعلم ودوره في العملية التعليمية، حيث أصبح ينظر إليه بوصفه مشارك إيجابى، وأصبح له دور نشط وفعال فى كل استراتيجيات التعليم والتعلم.

 استراتيجيات التعليم والتعلم

 

وعلى سبيل المثال نوجز بعض أدوار المتعلمين فى بعض استراتيجيات التعليم والتعلم:
التدريس الفعال: أن طريقة التدريس الناجحة الفعالة هى التى تؤدى إلى الغاية المقصودة فى أقل وقت ممكن وبأيسر جهد يبذله المعلم والمتعلم، وهى التى تثير اهتمام الطلاب وميولهم وتحفزهم على العمل الإيجابى والنشاط الذاتى والمشاركة الفعالة فى الدرس وتشجع على التفكير.


وبالنسبة لأدوار الطالب فى التدريس الفعال فيمكن إجمالها في فاعل ونشط ضمن ظروف اجتماعية مختلفة ولم يعد متلقيًا للمادة الدراسية فقط، فدائمًا هناك نشاطات تعليمية أخرى يقوم بها، فيبذل جهده كى ينال قبولًا من الآخرين، ويطرح الأسئلة المتعلقة بالأنشطة، ويتحمل مسئولية تعليم الذات بعد أن كانت ملقاة على المعلم.

 

ويتفاعل بشكل مستمر وإيجابى من خلال الأنشطة مع الآخرين ويبدى احترامه لهم ويتقبل آراءهم، ويعبر عن أفكاره وآراءه، ويشارك فى تخطيط وتنفيذ الدرس، ويمارس الإصغاء الفعال، ويقدم ملاحظات تضيف للدرس معلومات وأفكار وآراء جديدة.


التعليم التعاونى: أن فكرة التعليم والتعلم التعاونى ليست بجديدة، ولكنها قديمة قدم البشرية ذاتها، حيث يمثل هذا الأسلوب القوة الدافعة التى لعبت دورًا بارزًا فى الإبقاء على الأنواع البشرية المختلفة، ولقد أشار أحد العلماء قديمًا إلى هذه الفكرة من خلال مقولته التى أطلقها "لكى يتعلم الفرد بشكل أفضل، يجب عليه أولًا أن يحدد رفيقه الذى يعاونه فى التعلم".

 

فى حين أضاف آخر إلى هذا الاتجاه قائلًا "إن الطلبة يمكنهم تحقيق استفادة أكبر من التعليم عندما يقومون بتعليم بعضهم بعضا ".


وبالنسبة لأدوار الطالب فى التعليم التعاونى فيمكن إجمالها في فاعل ونشط من خلال قيامه بجمع وتنظيم البيانات والمعلومات، وتنشيط خبراته السابقة وربطها بالمواقف الجديدة، والتفاعل والحرص على استمرار التفاعل الاجتماعى ومشاركة الأفكار وتقوية العلاقات الاجتماعية بينه وبين زملائه ومعلميه.

 

وبذل الجهود كى ينال قبول الآخرين بأن يحسن الاستماع لهم وأن لا يستخف بأفكارهم وآرائهم وأعمالهم، وأن يدخل إلى المجموعة بسرعة ويسر، محترما قواعد تقسيم العمل المتفق عليها، ويقوم بالأدوار المكلف بها، وأن يتعاون ويشارك فى إنجاز المهمات وفى طرح الأسئلة، وألا يرفع صوته أثناء العمل فى المجموعة، وأن يلتزم مع المجموعة حتى الانتهاء من إنجاز المهمة.

 

كما يشارك فى تنظيف الصف بعد الانتهاء من العمل، ويساعد فى تخزين الأدوات والمواد التعليمية،  وكل هذه الأدوار تزيد من حس الانتماء للمجموعة الصغيرة ثم إلى الصف كله ثم إلى المدرسة التى يلتحق بها الطلاب.


ومن الملاحظ أن الأدوار الأكثر شيوعًا للمتعلم في ظل التعليم التعاونى ما يلى:
القائد: تكون مسئوليته التحقق من مشاركة جميع الطلاب فى المجموعة وإدارة الحوار والنقاش وتلخيص ما توصل إليه طلاب المجموعة.
المسجل: مسئول عن كتابة النتائج الرئيسية للمجموعة وقد يطلب من أفراد مجموعته تسجيل نتائجهم الخاصة ثم يقوم بالموازنة والتوفيق والتأليف بينها ويقدمها بشكل متماسك.


البـاحث: هو المسئول عن تزويد المجموعة بالمعلومات المهمة من خلال الرجوع للوثائق أو المراجع.
المنسق: مسئول عن تسليم المجموعة الخطط وتنسيق الجهود والأعمال.
المقوم: مسئول عن تصحيح الأخطاء لمجموعته.
المراقب: مسئول عن مراقبة الوقت والمحافظة على الهدوء أثناء أداء المهمات الموكلة لهم.


الاستقصاء: المقصود به أن يقوم الطالب ببذل جهد فى الحصول على معلومات تفسر له المشكلة التى يواجهها، فالطالب حينما يواجه سؤال محيرًا أو موقفًا غامضًا أو مشكلة تحتاج حلًا يشعر بعدم المعرفة، فيلجأ إلى خبراته السابقة أو البحث والتنقيب عن الحلول ومحاولة اكتشاف الإجابة، هنا الطالب يستخدم حواسه وتفكيره لإزالة الغموض.

التعليم بالاستقصاء


وتعد خطوات الاستقصاء هى نفس خطوات التفكير والبحث العلمى التى تسعى إلى حل المشكلة، والتى هى عبارة عن موقف غامض أو سؤال مثير يدفع الطالب إلى البحث عن حل أو إجابة، مثال: عندما نسأل الطالب ما أسباب تفاقم مشكلة الزيادة السكانية فى بلادنا؟، فهذه مشكلة تحتاج إلى حل وعلى الطلاب جمع معلومات حولها مثل زيادة أعداد السكان الريفيون، زيادة أعداد المواليد، تناقص أعداد الوفيات.


وكذلك تناقص الموارد والإنتاج، يقل حجم الأسرة في المدينة بينما يزداد حجم الأسرة الريفية، ارتفاع سن الزواج فى المدينة وانخفاضه فى الريف.. وكلها معلومات تحتاج إلى تحديد، وفرض فروض حولها، والتوصل إلى استنتاجات وتجربة نتائجها.


وبالنسبة لأدوار الطالب في التعليم بالاستقصاء فيمكن إجمالها في إحترام المعلم وحبه في آن واحد، وفي الحقيقة يرتبط احترام المعلمين ارتباطًا وثيقًا بتحصيل الطلاب ورضاهم، وكلما زاد الاحترام والحب ارتفع معه تحصيل الطلاب ومهاراتهم، كما يؤكد العلماء على أن انتماء الطلاب للصف يمكن أن يتحقق من خلال المعلم الذى ينظر إليه على أنه مربى فاضل يتمتع بالكفاءة.

 

ومن خلال هذا الاحترام والحب والتقدير يستطيع الطالب أن يقوم بدور الباحث والمستكشف والساعى إلى الحقيقة، حيث تتمركز الأنشطة البحثية للصف فى ظل التعليم الاستقصائى حول سؤال أو مشكلة؛ فيطرح الطلاب الفروض؛ والحلول المبدئية للمشكلة؛ ويجمعون البيانات ذات الصلة بالفرض، ويقيمون هذه البيانات للوصول إلى نتيجة.

 

 

وبذلك يتعلم الطلاب ليس فقط المحتوى المرتبط بالمشكلة ولكن أيضًا طريقة الوصول إلى حل المشكلات في المستقبل، فعملية الاستقصاء تتضمن تكوين الفروض للإجابة عن الأسئلة أو لحل المشكلة، ثم جمع البيانات واستخدامها لتقييم صحة تلك الفروض، وبذلك يكتسب الطلاب مهارات العمل الجماعى واتخاذ القرار وتبريره.

الجريدة الرسمية