رئيس التحرير
عصام كامل

‮١١ ‬‭/‬‮١١‬‭ ‬ليس‭ ‬موعدنا

على‭ ‬مسافة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬الغيبة‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬الوطن‭ ‬لظرف‭ ‬خاص‭ ‬تغيرت‭ ‬خارطة‭ ‬أفكارى،‭ ‬ليس‭ ‬لسبب‭ ‬فى‭ ‬البلد‭ ‬الذى‭ ‬سافرنا‭ ‬إليه‭ ‬ولا‭ ‬لانبهار‭ ‬ببلد‭ ‬أوروبى‭ ‬يعيش‭ ‬ظرفا‭ ‬استثنائيًا‭ ‬مثلما‭ ‬نعيش،‭ ‬وإنما‭ ‬لظرف‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬وطنى‭ ‬يكاد‭ ‬يعصف‭ ‬ببقية‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نظنه‭ ‬دائمًا‭.‬ عامَ‭ ‬الجنيه‭ ‬أو‭ ‬غرِق،‭ ‬فالقدر‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬حاصلًا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عاش‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬كان‭ ‬يدرك‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬أننا‭ ‬نسير‭ ‬فى‭ ‬غير‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬إلا‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬رأى،‭ ‬فكان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬سيكون‭!‬


لم‭ ‬يعد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لغزًا‭ ‬تحادثنا‭ ‬به‭ ‬مصطلحات‭ ‬جوفاء‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬معناها‭ ‬إلا‭ ‬خبراء‭ ‬يلوون‭ ‬ألسنتهم‭ ‬بأرقام‭ ‬أو‭ ‬معادلات‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬العامة‭ ‬فهمها.. ‬الاقتصاد‭ ‬الذى‭ ‬يفهمه‭ ‬المواطن‭ ‬العادى‭ ‬أنه‭ ‬يعانى‭ ‬عندما‭ ‬يقوم‭ ‬بشراء‭ ‬بيضة‭ ‬يطعم‭ ‬بها‭ ‬أولاده.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬نعرفه‭.‬


ليست‭ ‬المصيبة‭ ‬فى‭ ‬جنون‭ ‬الدولار‭ ‬وزملائه‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وإنما‭ ‬الكارثة‭ ‬أننا‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬غير‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬فيها.. ‬نحن‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬كهف‭ ‬الحكومات‭ ‬المظلم‭.‬ أول‭ ‬ما‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬المفلس ‬‮«‬الغشيم‮» ‬‭ ‬هو‭ ‬الاقتراض،‭ ‬ظنا‭ ‬منه‭ ‬أنه‭ ‬سيجد‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬حلا‭ ‬لمشكلته،‭ ‬وهو‭ ‬الذى‭ ‬طرق‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬مئات‭ ‬المرات،‭ ‬فلم‭ ‬يجد‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬الطريق‭ ‬حلا‭ ‬أو‭ ‬نافذة‭ ‬نور‭.‬


إطلاق‭ ‬الطاقات‭ ‬وفتح‭ ‬نوافذ‭ ‬المشاركة‭ ‬وإخلاء‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬العقبات‭ ‬وفتح‭ ‬مجالات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتصنيع‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد،‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬غيره‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬نافذة‭ ‬نور‭ ‬وطاقة‭ ‬أمل‭.‬ غير‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬عبث،‭ ‬ومن‭ ‬العبث‭ ‬أننا‭ ‬تأخرنا،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تأخرت،‭ ‬ومؤتمر‭ ‬الصناعة‭ ‬بداية‭ ‬لحل‭ ‬دائم،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬مخلصين‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬ومؤمنين‭ ‬بدور‭ ‬الناس.. ‬كل‭ ‬الناس‭.‬

نفس الاختبار


لا‭ ‬احتكار‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬المناقشة.. ‬مصر‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬خلايا‭ ‬نحل‭ ‬تعمل‭ ‬وتعمل‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬بقوانين‭ ‬مقيدة‭ ‬أو‭ ‬روتين‭ ‬صنع‭ ‬خصيصا‭ ‬لتكتيف‭ ‬البشر‭.‬. التوقف‭ ‬عن‭ ‬الحيلولة‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬وإرادته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مسألة‭ ‬مصيرية.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتصور‭ ‬أن‭ ‬خروجا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدم‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬تغييره‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬حل.. ‬الحل‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭ ‬وموعد‭ ‬الصندوق‭ ‬قادم،‭ ‬أما‭ ‬الخروج‭ ‬الآن‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للعمل،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬العمل‭.‬


لك‭ ‬رأى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬احتفظ‭ ‬به‭ ‬وعبر‭ ‬عنه‭ ‬بالطريقة‭ ‬القانونية‭ ‬والدستورية،‭ ‬واختر‭ ‬من‭ ‬تشاء‭ ‬ودافع‭ ‬عن‭ ‬اختيارك،‭ ‬أما‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬خروج‭ ‬لتغيير‭ ‬النظام‭ ‬فهي‭ ‬عبث‭ ‬لن‭ ‬يعبر‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬النجاة‭.‬ لا‭ ‬زلت‭ ‬أتذكر‭ ‬الأستاذ‭ ‬مكرم‭ ‬محمد‭ ‬أحمد‭ ‬عندما‭ ‬تحامل‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬يوما‭ ‬كاملا‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التليفزيون‭ ‬المصرى‭ ‬أيام‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬وهو‭ ‬يطالب‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬التغيير‭ ‬سلميا‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الصندوق‭.‬


لو‭ ‬سمعنا‭ ‬وأطعنا‭ ‬وغيرنا‭ ‬بطرق‭ ‬حضارية‭ ‬لتغير‭ ‬الوضع‭ ‬تماما،‭ ‬ولما‭ ‬مررنا‭ ‬بما‭ ‬نمر‭ ‬به‭ ‬الآن‭ ‬وقبل‭ ‬الآن،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬نفس‭ ‬الاختبار،‭ ‬فلا‭ ‬مانع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬وأمامك‭ ‬فرصة‭ ‬ضعها‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭.‬


وحتى‭ ‬يأتى‭ ‬موعد‭ ‬الصندوق‭ ‬فإن‭ ‬تغييرا‭ ‬شاملا‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬يحدث،‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬وتغيير‭ ‬في‭ ‬الوجوه‭ ‬وتغيير‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬الخطاب‭ ‬وتغيير‭ ‬في‭ ‬منهج‭ ‬العمل،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭.‬ مصر‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬فوضى‭ ‬ولا‭ ‬تحتمل‭ ‬هزة،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬هزة‭ ‬عنيفة‭ ‬تفرض‭ ‬علينا‭ ‬جميعا‭ ‬التكاتف،‭ ‬ولن‭ ‬أطالبك‭ ‬بالتكاتف‭ ‬حول‭ ‬النظام،‭ ‬وإنما‭ ‬بالتكاتف‭ ‬حول‭ ‬الفكرة.. ‬فكرة‭ ‬الإيمان‭ ‬بأن‭ ‬للتعبير‭ ‬وسائل‭ ‬حضارية‭ ‬وهي‭ ‬السبيل‭ ‬الأفضل‭ ‬للتغيير‭ ‬وسبيلا‭ ‬وحيدا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر‭.‬


ولا‭ ‬ضرر‭ ‬أن‭ ‬نطالب‭ ‬بتغيير‭ ‬يحفظ‭ ‬مصر‭ ‬وأهلها،‭ ‬ويعيد‭ ‬إلينا‭ ‬إرادتنا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬نعايشه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جنبات‭ ‬حياتنا‭.‬
 

 

ومن‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نطالب‭ ‬باستمرار‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬حرية‭ ‬العمل‭ ‬وإفساح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وإلغاء‭ ‬كافة‭ ‬القوانين‭ ‬التى‭ ‬تعوق‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬ومن‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نتابع‭ ‬ونراقب‭ ‬بأدوات‭ ‬حضارية‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭.‬
وكما‭ ‬قلت،‭ ‬فلسنا‭ ‬في‭ ‬فسحة‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬فالوضع‭ ‬جد‭ ‬خطير‭ ‬وينذر‭ ‬بكوارث‭ ‬إنسانية،‭ ‬ويضعنا‭ ‬أمام‭ ‬مسئولياتنا،‭ ‬فسفينة‭ ‬الوطن‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يخرقها،‭ ‬إننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يصلحها‭ ‬ويحافظ‭ ‬عليها،‭ ‬فإن‭ ‬نجت‭ ‬نجونا،‭ ‬وإن‭ ‬غرقت‭ ‬غرقنا‭ ‬جميعا‭.‬

الجريدة الرسمية