رئيس التحرير
عصام كامل

سفراء أجانب لمصر!!

هل يمكن إعادة القوة الناعمة المصرية إلى المنطقة المحيطة بنا من خلال بوابة التعليم من جهة وأن يكون مصدرا للدخل القومى من جهة ثانية؟! وهل يمكن أن تكون الجامعات الأهلية والخاصة البديل عن اغتراب أولادنا في روسيا والسودان والعديد من الدول التي لا تضع الشروط البالية للالتحاق بالجامعات مثل شرط المجموع وسنة التخرج بل وسن الدارس "الطالب" نفسه؟ّ

في البداية ليس خافيا على أحد أن أحد مصادر القوة الناعمة المصرية كانت "التعليم".. فقد كانت مصر قبلة للدارسين العرب والأفارقة ودول العالم الثالث والإسلامى من خلال الجامعات المصرية وفى مقدمتها الأزهر الشريف، وكان مستوى التعليم المصرى يضاهى الجامعات العالمية فضلا عن الأجواء الاجتماعية والثقافية واللغوية والسياسية التي كانت خير حافز وجاذب لهؤلاء الطلاب في نفس الوقت.

 

القوة الناعمة المصرية

 

والنتيجة كانت واضحة، الخريجون من الدول العربية والأفريقية والإسلامية خير سفراء لمصر، ينشرون قيم وثقافة المجتمع المصرى بلغته وعاداته وتقاليده من جهة، ويشكلون قوة شعبية للدفاع عن مصالح الدور المصرى، بالإضافة إن من هؤلاء الخريجين كانوا قادة وزعماء وساسة وحكام ونخب في بلادهم وكان ذلك خير معين للدور المصرى والإقليمى.

 

وطبعا بدأ الانحسار بتقلص الدور القومى والسياسى المصرى منذ السبعينات من القرن الماضى من جهة، وانكفاء مصر على مشاكلها الإقتصادية من جهة ثانية.. لذلك كانت الخسائر متتالية للدعم المصرى والعربى في المحافل الدولية والإقليمية، ويكفى أن أشير للدعم الأفريقى والعالم الثالث للقضايا المصرية والعربية وتجلى ذلك في الدعم اللامحدود في حرب 1956وهزيمة 1967وحرب أكتوبر 1973،  ثم ظهر الأثر العكسى الذى وصل إلى حد  حصول إسرائيل على العضوية المراقبة في الإتحاد الأفريقى!!

 

الجامعات والقوة الناعمة

 

المهم وبعيدا عن البكاء على اللبن المسكوب أقترح أن تكون الجامعات الأهلية والخاصة والأزهر الشريف هي حجر الزاوية في الفترة القادمة من خلال عدة محاور:

 الأول: هو التوسع في انشاء الجامعات الأهلية والخاصة لهذا الغرض في المقدمة، وأن تكون المصروفات المرتفعة في هذه الجامعات وهى بالمناسبة لا تقارن بالجامعات الروسية والسودانية والتركية.. الخ  والتي لا يقدر عليها غالبية المصريين.. أقول يمكن أن تكون هذه الخطوة هى البداية لجذب العرب والأفارقة ودول العالم الثالث لهذه الجامعات وبأعداد كبيرة وبشرط توفير مناهج وشراكات مع جامعات أجنبية مشهود لها بالتفوق العلمى والأكاديمى ليكون الخريج على نفس مستوى هذه الجامعات العالمية ليكون التأثير قويا، علميا وأكاديميا.

 

ثانيا: تتحول الجامعات الموجودة بعيدا عن العاصمة إلى مناطق جذب للتعمير ولبث الحياة في المناطق الصحراوية أو الجديدة، لأن الطالب الأجنبى لا يشغله بعد الاغتراب عن بلده أن يدرس في القاهرة أو الطور أو العين السخنة أو العلمين مثلا مثلما يسافر آلاف الكيلومترات من موسكو مثلا.

 

ثالثا: أن تكون هذه الجامعات الجديدة  بديلا عن سفر أولادنا للخارج لتوفير العملة الصعبة من جهة ولحل مشاكل الاغتراب عن أولاد في عمر الزهور لا يقدرون على الغربة بالإضافة لتعرضهم لكافة مشاكل الغربة التي نعرفها.

 

رابعا: ألا يكون شرط القبول في هذه الجامعات هو المجموع أو السن، وهى شروط لا تلتزم بها الجامعات الأجنبية لأن الهدف هو التعليم، ومن يملك ثمنه يتعلم من جهة، ومن جهة ثانية إن هذه الشروط قد تنفع في مكتب التنسيق لآن الأماكن محدودة وقد تكون شرطا لتحقيق التكافؤ والمساواة والعدالة، وهى شروط غير واجبة في الجامعات الأهلية والخاصة بشرط أن تكون المناهج والمستوى التعليمى للخريج هو الفيصل.

 

 

خامسا: أن يتم الاستفادة من العائد الكبيرمن مصروفات هذه الجامعات والتي يمكن أن تشكل أحد مصادر الدخل القومى في دعم التعليم الجامعى الحكومى لتطوير معامله ومراكز أبحاثه ومناهجه وعمل شراكات وتوأمة مع الجماعات العالمية أيضا ليكون خريج الجامعات الحكومية على نفس مستوى التعليم العالمى بعيدا عن الظروف الإقتصادية لأولياء أمور الطلاب، لآن الهدف هو مستقبل مصروتطورها  وهو ليس مرهونا بطبيعة الحال بطبقة الأغنياء أو القادرين، لآن التعليم أمن قومى لا ينفع معه شعار "اللى ممعهوش م يلزموش" لآن مستقبل مصر يهمنا جميعا دولة وحكومة وشعبا .

وبالتالي يمكن إعادة القوة والهيبة والتأثير للتعليم المصرى ويكون التعليم بوابة مصر للتقدم بحق وحقيقى والتأثير في محيطها الاقليمى ونحن قادرون. 

yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية