رئيس التحرير
عصام كامل

عبيط القرية

الشخص العبيط هو الأبله الذي لم يكتمل نضجه بعد، والعبطاء لا يؤخذ منهم ولا يرد عليهم، وفي أغلب القرى ذلك الشخص (عبيط القرية) الذي اكتمل بنيانه الجسدي وقدر الله أن يظل بنيانه العقلي منقوصاً.

 

تراه دائماً أكثر انسجاماً مع الأطفال، ويتعامل معه الكبار على أنه (بركة) تتفاءل بدعوته من فاتها قطار الزواج، أو من تأخر حملها، أو من تعثر في دراسته، وعادة ما يكون طليقاً متحرراً من كل القيود، يدخل البيوت دون استئذان، ويأكل ما شاء أينما شاء ووقتما شاء.

 

ومع انتشار فيروس كورونا.. إكتشفنا أن عبيط القرية له نظراء كثيرون، ليس في القرى فقط..ولكن في المدن أيضاً، وهذه ليست مشكلة، خاصة إذا تعاملنا معهم بمنطق  شخصيات (بركة) لا يؤخذ منهم ولا يرد عليهم، لكن أن يتحول هؤلاء إلى باحثين وأطباء ويضعون روشتات لعلاج فيروس كورونا الذي وقف العالم حائراً أمامه.. فهذه كارثة، خاصة إذا وجد هؤلاء نوافذ إعلامية يطلون منها وينشرون من خلالها هذا العبث، ويتضاعف حجم الكارثة عندما يتعامل الإعلام معهم بجدية، وبناقشهم مذيعون كبار في الوهم الذي يروجون له.

 

اقرأ أيضا: كورونا يهزم زيدان ونيوتن

 

بعضنا يتعامل مع (العبطاء) باستخفاف، يقولون لنضحك، وفي الغالب يتعامل بعض المذيعين بنفس المنطق، لكنهم في النهاية يطلون من برامجهم، وقد تناسوا أن المشاهدة تتخطى حدود مصر لتصل إلى الخارج إذا ساندتها السوشيال ميديا، وهي بالفعل تساندها، وكانت نتيجة هذا الاستخفاف أن استخف بنا الخارج، وصار تركيز صحيفة مثل الواشنطن بوست على ما يروج له العبطاء، حيث سردت كل ما يتداوله إعلامنا على أنه محاولات مصرية لعلاج مصابي كورونا، وطبيعي أن يتضمن السرد تهكماً وسخرية وإساءة.

 

أعلم أن هناك محاولات جادة من باحثين مصريين للتوصل لعلاج، وأعلم أن الدولة تولي اهتماماً بهؤلاء حتى لو لم تعلن عن ذلك، لكن فتح النوافذ الإعلامية للعبطاء يسيء لمصر، وكان علينا أن نفتح نوافذنا للمتخصصين، أو على الأقل إغلاقها في وجه الدجالين والمشعوذين، لأن الإساءة تطال مصر وحكومتها، وتحديداً من الإعلام الذي يعد علينا أنفاسنا.

 

اقرأ أيضا: عذراً يا أطباء مصر

 

نحن من نصنع الإساءة لمصر وللنظام، ثم نلوم الآخرين ونتهمهم بالإساءة لنا، من استعبط هو نحن، عندما روجنا للعبط والعبطاء، بداية من الليمون والخل والشلولو وانتهاءً بعصير البرسيم.

 

أتمنى أن تصدر وزارة الصحة قراراً يلزم الإعلام بعدم الترويج لهذا (العبط) وأن يقتصر الكلام عن كورونا على المتخصصين فقط، حفاظاً على شكل مصر وسمعتها، وحتى لا نعطي الفرصة لمن يصطادون في الماء العكر.

besherhassan7@gmail.com

 

الجريدة الرسمية