رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية شعب!

نجح عبد الحليم شبانة وذلك هو إسمه الأصلي قبل أن يمنحه الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي إكتشف موهبته، وقدمه للجمهور ليصنع بعدها "عبد الحليم حافظ" مجده وشهرته، التي فاقت عمالقة الفن وأساطينه الكبار الذين إمتاز عنهم "العندليب" بتلقائيته وبساطة كلمات أغانيه، وعذوبة ألحانها وعمق معانيها..

 

كما منحها "حليم" من روحه الجميلة ما جعلها تسحر الآذان وتؤجج المشاعر. وهى مع ذلك لم تكن كلها لوناً واحداً كما نرى الآن من أغانٍ تلوث الآذان وتنحدر بالذوق العام لأدنى درجاته، بل تنوعت حيث غنى عبد الحليم للرئيس الراحل جمال عبد الناصر أغنية "إحنا الشعب" بمناسبة اختياره رئيساً لمصر عام 1956، كما غنى "حكاية شعب" في مناسبة وضع حجر الأساس للسد العالي..

 

اقرأ ايضا: "سبحان الله" فيروس صغير هز دولا عظمى!

 

وكان لكلماتها دلالة معبرة عن المعدن الحقيقي لشعب مصر.. تقول الأغنية "قلنا هنبنى و آدى احنا بنينا السد العالى.. يا إستعمار بنيناه بإيدينا السد العالى.. من أموالنا بإيد عمالنا هى الكلمة وآدى إحنا بنينا السد العالي.

وهنا ارتجل عبدالحليم :إخوانى.. تسمحولى بكلمة؟

الكورس : هيه

عبد الحليم : الحكاية مش حكاية السد حكاية الكفاح اللى ورا السد .. حكايتنا إحنا حكاية شعب للزحف المقدس قام وثار.. شعب زاحف خطوته تولع شرار.. شعب كافح وإنكتب له الإنتصار.. تسمعوا الحكاية؟

الكورس : بس قولها من البداية.             

 

عبد الحليم : هى حكاية حرب و تار بينا و بين الإستعمار.. فاكرين لما الشعب إتغرب جوه فى بلده؟

كورس : آه فاكرين

عبد الحليم : والمحتل الغادر ينعم فيها لوحده؟

كورس : مش ناسيين                          

عبد الحليم: والمشانق للى رايح واللى جاى   

ودم أحرارنا اللى راحوا فى دنشواى.          

كورس : آه فاكرين.                            

عبد الحليم : من هنا كانت البداية.. وابتدا الشعب الحكاية.. كان كفاحنا بنار جراحنا يكتبه دم الضحايا

كورس : وانتصرنا انتصرنا انتصرنا.

عبد الحليم : انتصرنا يوم ما هب الجيش و ثار، يوم ما أشعلناها ثورة نور ونار، يوم ما أخرجنا الفساد.. يوم ما حررنا البلاد يوم ما حققنا الجلاء

كورس : انتصرنا انتصرنا انتصرنا.

اقرأ ايضا: ماذا تريد أثيوبيا من سد النهضة؟! (1)

 

ترى لو كان حليم بيننا اليوم هل كان سيغني من جديد حكاية شعب.. فالشعب المصري رغم كل التحديات والصعوبات يقف في ظهر دولته مسانداً وداعماً.. شعب أنهى حكم الإخوان الفاشي ويحارب الإرهاب بقوة.. شعب كان وراء نجاح الإصلاح الاقتصادي رغم تداعياته عليه من رفع أسعار وغيره.. شعب يواجه كورونا.. شعب رائع راهن عليه الرئيس السيسي وكسب الرهان.

 

أغاني حليم ألهبت المشاعر وأحيت الأحاسيس، وقد ترك رصيداً هائلاً حيث غنى نحو 67 أغنية وطنية، وفي النكسة والهزيمة غنى 10 أغنيات جسدت حالة الحزن والانكسار التي انتابت الشعب وقتها..

 

اقرأ ايضا: صمت المجتمع الدولي.. لغز كبير!

 

يقول الراحل عبدالرحمن الأبنودي: بعد حدوث النكسة أقمنا في الإذاعة أنا وحليم والطويل 3 أشهر متصلة، أنا أكتب الأغاني ويقوم الطويل بتلحينها فوراً، وكنا في ذلك الوقت مشفقين على الشعب من هول الصدمة، فجاءت الأغاني معبرة عن تلك الحالة، وحاولنا أن نرفع من معنويات الشعب ومنها "ابنك يقولك يا بطل"، و"أحلف بسماها وبترابها"..

 

كما كانت "عدّى النهار" من أهم الأغاني التي صورت حالة الحزن التي ألمت ب"حليم" بعد وقوع النكسة، فقد كان العندليب ذا وطنية عالية، مهموماً بآمال الأمة العربية بل إنه لفرط إحساسه شعر وقتها أنه المسئول ومعه صلاح جاهين عن حالة الانكسار التي أصابت الشعب؛ فهو من هيأه ووعده بالنصر المظفر على يد القائد والزعيم، فكان قراره أن يغني "أحلف بسماها وبترابها" فى كل حفلة إلى أن ترجع سيناء مصرية. وفي نصر أكتوبر وعودة القناة غنى "المركبة عدّت" في احتفال مهيب أقيم بالإسماعيلية على ضفاف القناة.

 

الجريدة الرسمية