رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يخشى الألمان من الاستثمار في أفريقيا؟

فيتو

العديد من رجال الأعمال الألمان يحجمون عن الاستثمار في أفريقيا لأسباب لا تقتصر على الصراعات والفساد، لكن مؤشر أعمال أفريقي جديد للشركات الصغيرة والمتوسطة ربما يساعد في بناء الثقة ويشجع على علاقات تجارية أفضل.

يعد فانويل وونو رجل مرغوب فيه كلما جاء إلى ألمانيا للمشاركة في ورش عمل ولقاء رجال أعمال. يمتلك وونو "مجموعة ابتكارات الساحل" وهي شركة لوجستية تقدم الخدمات لقطاع السياحة في غانا، لكنه أصبح وسيطا هاما للشركات الألمانية الباحثة عن العمل في الدولة الواقعة في غرب القارة الأفريقية، حيث يساعد شبكة الوفود الألمانية العاملة في غانا ويعرف احتياجاتهم وأهدافهم.

التفاهم بين الثقافات
يقول وونو: "أرى شركاء الأعمال الألمان متشككين للغاية ومباشرين وصارمين"، مضيفا أنه يشعر أن لديهم فكرة واضحة عما يريدون منه. لكنه رأى أن ذلك ربما يكون مخادعا لأن الأنظمة الاقتصادية في غانا ليست واضحة المعالم دائما، وهو أمر يمكن أن يسبب الإحباط. لهذا يريد وونو مساعدة الألمان لفهم عالم الأعمال في أفريقيا بشكل أفضل.

يضيف وونو، وهو يضحك، أنه كان يجب عليه أولا أن يعتاد على تقاليد الألمان أيضا، مثلا على صعيد إدارة الوقت والتقيد بالمواعيد كانت لديه دائما مشكلة تواجهه: "عندما يقول الألمان الواحدة ظهرا، فإنهم يعنون حقًا الساعة الواحدة ظهرا" يقول وونو.

أبدى وونو اقتناعه بأنه إذا تعلم الطرفان الألماني والغاني فهم ثقافة ولغة بعضهما البعض وتبادلا الشعور بالثقة ستزدهر الأعمال بين الشركات الألمانية والغانية.

وبات هناك شيئا واحدا واضحا للجميع الآن: الأسواق الديناميكية في أفريقيا ومعدلات نموها تمثل فرصة مربحة للمستثمرين والشركات. ورغم ذلك، الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة مترددة في الدخول للسوق الأفريقية بسبب عدم الثقة. وحتى الآن لم تنجح المبادرات السياسية في طمأنتهم.

مؤشر أعمال أفريقي لتحسين الوضع
ويرى خبير الأسواق الأفريقية بالمعهد الدولي للدراسات في جامعة بون راين سيغ- للعلوم التطبيقية (BRSU)، جان كوتسير، أن العديد من رواد الأعمال الألمان يرون أن أفريقيا مليئة بالفساد والصراعات. ولتوفير المزيد من المعلومات الدقيقة ونظرة عامة أفضل على السوق الأفريقية، نشر معهد دراسات جامعة بون والعديد من الشركاء مؤشر أعمال أفريقي للشركات الصغيرة والمتوسطة الألمانية. وقد صُمم المؤشر خصيصًا لتلبية احتياجات الشركات الألمانية منها حيث يصنف 34 دولة أفريقية من حيث جاذبيتها للمستثمرين الأجانب، كما يوفر للشركات فهما أفضل لمدى شعبية سلعهم وخدماتهم في الأسواق الأفريقية المختلفة، ومدى ضخامة هذه الأسواق والعقبات التجارية، إضافة إلى ماهية البنية التحتية اللوجستية، وكيفية العثور على الشركاء والتخطيط لرحلات الأعمال.

ووفق المؤشر، تعد كل من المغرب ومصر وجنوب أفريقيا وكينيا من الأسواق الواعدة للمستثمرين الأجانب. ويقول كوتسير إن الشركات الألمانية تميل لأن تكون أكثر تجنبا للمخاطرة من الشركات الأوروبية الأخرى، موضحا أنه على سبيل المثال رجال الأعمال الفرنسيين والبريطانيين يستثمرون في الدول الأفريقية منذ وقت طويل. "

ويعود ذلك بشكل جزئي إلى جذور الروابط التي تعود لعهد الحقبة الاستعمارية الفرنسية والبريطانية في أفريقيا"، بحسب الخبير الاقتصادي. كما أن كل من البلدين يشجعان أيضا على العمل مع القارة الأفريقية، بعكس "ألمانيا التي بدأت فقط من الآن التركيز على تعزيز الأعمال في أفريقيا"، يقول كوتسير.

العلاقات الأوطد تساعد على بناء الثقة
ويرى الخبير الاقتصادي الكيني جيمس شيكواتي أن تشجيع رواد الأعمال الألمان والأفارقة على التواصل المباشر هو مفتاح النجاح، مضيفا أن نقص البيانات [الاقتصادية] يمثل مشكلة وأن بيئة الأعمال تلعب دورًا أيضًا.

ويقول شييكواتي، إن الألمان يسمعون الكثير عن الاقتصاد غير الرسمي لأفريقيا، وهو الأمر الذي يبعدهم عن القارة السمراء. لكنه يضيف أنه "إذا عرفوا (رجال الأعمال الألمان) مقدار الربح الذي حققه هذا القطاع فمن المؤكد أنهم يرغبون بالمشاركة".

ولفت إلى أنه حتى الآن الحكومات الأفريقية هي التي تزود المستثمرين ببيانات السوق الداخلية، لكنه يقول إنه ينبغي عليهم بدلا من ذلك تكثيف الزيارات والاتصالات بين الشركات الألمانية والأفريقية. ويوضح الخبير أن الشركات الألمانية حريصة على الحصول على بيانات اقتصادية موثوقة لاتخاذ القرارات، لكن هذه البيانات غالبًا ما يصعب الحصول عليها في أفريقيا. ولهذا السبب حث شييكواتي، الشركات الأفريقية على أداء دورها أيضًا. ويضيف: "يتعين على الشركات الأفريقية الصغيرة أن تحدد احتياجاتها وبعدها يتم التواصل مع الشركات الألمانية للاتفاق على صفقات مفصلة."

في الوقت نفسه، يقوم وونو بهذا الدور بالفعل حيث يلتقي هذه المرة المشرعين من شمال الراين وستفاليا الراغبين في تشجيع الشركات الألمانية المحلية للعمل مع الشركات الغانية. وتجربته تجعله الآن الشخص المرغوب فيه للقيام بدور الوسيط.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية