رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

من شمائل الرسول الكريم


لم تفارق الإنسانية، بكل ما لها وما فيها من معانٍ، ومن قيم إنسانية نبيلة ومكارم وفضائل ومحاسن ومبادئ ثابتة، رسولنا الكريم، صاحب الخلق العظيم، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله، طيلة حياته.. نعم هذه هي الحقيقة التي لا مراء ولا مبالغة فيها، فسيرته الكريمة الطيبة العطرة خير شاهد ودليل..


ولمَ لا، وهو الذي أدبه ورباه مولاه، جل في علاه.. وفي الحديث عنه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله، أنه قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".. ولقد كان من تمام كمال خلقه أن جعله الله تعالى موطنا للاقتداء والتأسي، حيث يقول سبحانه وتعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا"..

هذا، وإذا ما طالعنا سيرته الطيبة العطرة لوجدنا أن الإنسانية لم تفارقه في جميع معاملاته، مع كل من تعامل معه.. في بيته مع نسائه وأبنائه وأحفاده إنسان.. مع ذوي أرحامه وقرابته إنسان.. مع أصحابه وجيرانه، إنسان.. مع خدمه وأمائه ومواليه، إنسان.. مع اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين، إنسان.. مع المسلمين وغير المسلمين من أهل الكتاب والمشركين وغيرهم.. إنسان.. مع الأعداء والخصوم، إنسان.. مع الأرض والحيوان وكل مظاهر الحياة، إنسان..

وهكذا مع الكائنات كلها، إنسان، بكل ما تعنيه كلمة إنسان، وماتحمله من معاني الإنسانية الكاملة.. ولعل وصيته الشهيرة لجيش المسلمين قبل خروجهم للقتال أكبر دليل على ذلك، وهي التي قال فيها: "أوصيكم بتقوى الله، وبمن معكم من المسلمين خيرًا.. اغزوا في سبيل الله من كفر بالله.. لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ولا كبيرًا فانيًا ولا منعزلًا بصومعة، ولا تقربوا نخلًا، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تهدموا بناءً، ولا تفسدوا أرضًا"..

هذا، ويوم أن كُسِرَت رباعيتُه، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُدٍ، وشق ذلك على صحابته، فقالوا: "يارسول الله؛ لو دعوت عليهم؟.. فقال.. إني لم أبعث لعَّانًا، ولكن بُعِثْتُ داعيةً ورحمةً". 
ويشهد يوم فتح مكة المكرمة، وما كان من إنسانيته ورحمته بمشركي قريش الذين آذوه شر الإيذاء، وعادوه شر العداء، هو وأصحابه، وكم قتلوا من الصحابة، من الرجال والناس، وتآمروا على قتله ليلة الهجرة، ثم يأتي يوم الفتح، وتستسلم قريش، ويقف أهلها في موقف المذلة والعجز والهوان، فيقول لهم، صلى الله عليه وسلم: "ماذا تظنون أني فاعل بكم؟!".. فيقولون: "أخ كريم وابن أخ كريم".. فيقول مقولته التي فرضت نفسها على جبين التاريخ البشري والإنساني: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"..

وما عرفت الإنسانية عفوًا مثل هذا العفو، ولا رحمة مثل هذه الرحمة.

ولقد كان من شمائله وفضائله، صلى الله عليه وسلم، أنه كان أحلم الناس، وأشجع الناس، وأعدل الناس، وأعفَّ الناس.. لم تمس يده الشريفة يدَ امرأة لا يملك رِقَّها أو عصمةَ نكاحِها، وكان أسخى الناس وأجودهم، لا يبيت عنده دينار ولا درهمٌ، وكان لا يرد مسألة سائل قط، وكان سيد المتواضعين، فكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، وينظف فرسه بيده الشريفة، ويخدم في مهنة أهل بيته، وكان أشد الناس حياءً، لا يثبت وجهه الكريم في وجه أحد، وكان يجيب دعوة العبد والحر والأمة، ويقبل الهدية، ويكافئ عليها بأحسن منها.

وكان من حلمه أنه لا يغضب لنفسه قط، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمةٌ من حرمات الله، وكان يعود المرضى ويدعو لهم، ويشهد الجنائز، ويمشي وحده في الأسواق بين أعدائه، بلا حارس، وكان شديد الحب لليتامى والأرامل والفقراء والمساكين، فكان يعطف عليهم ويجالسهم ويأكل معهم، ويُدخلُ السرورَ على قلوبهم. 

وكان يكرم كريم القوم، وصاحب الشيبة، وأهل الفضل، ويُنزل الناس منازلهم، وكان لا يجفو ولا يخاصم أحدًا، ويقبل معذرة المعتذر، وكان يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويعطي من منعه.

وكان يدعو إلى ربه، عز وجل، بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادل بالتي هي أحسن.. عزيزي القارئ؛ هذا قليل من كثير وكثير من شمائل الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وفي الختام؛ ما أشد حاجتنا إلى العودة إلى هذه الشمائل والفضائل وإلى هديه القويم وسنته الرشيدة، عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى آله.

Advertisements
الجريدة الرسمية