رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ أبو سعدة: قانون الجمعيات الأهلية الجديد حقق ٧٥٪ من تطلعات المجتمع المدني

فيتو

  • أطالب بحوار مجتمعى حول اللائحة التنفيذية

  • أعاد لوزارة التضامن اختصاصاتها.. وأقر مبدأ التسجيل بالإخطار والغلق بحكم قضائي

  • نرفض اعتبار مال الجمعية مالا عاما وهو مرفوض بنص الدستور


القانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧.. المعروف بـ«قانون القصبي».. نسبة للدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن بمجلس النواب، ومقدم القانون، انتفضت ضده ٥٧ ألف جمعية ومنظمة واعترضت عليه وزارة التضامن، ودعم موقفها رئيس الجمهورية بعدما رفض التصديق عليه، وطالب بإعادة النظر فيه، تلبية لمطالب الجمعيات الأهلية، وبتشكيل لجنة حكومية لإعداد قانون تشريعي جديد توافقي بمشاركة منظمات المجتمع المدني، يدعم مطالبهم وتطلعاتهم.
حاليا جاءت المحطة الأخيرة مكللة لجهود المجتمع المدني، بقانون قال عنه حافظ أبو سعدة، رئيس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إنه لبى ٧٥٪ من مطالب المجتمع المدني.

«أبو سعدة» تحدث في حوار لـ«فيتو» حول أهم الإيجابيات التي تضمنها القانون، والتي لم تكن موجودة في القوانين السابقة، كما ألقى الضوء على ما يطالب به المجتمع الأهلي الحكومة عند إقرارها للائحة التنفيذية للقانون.. وكان الحوار التالي:

*بداية.. ما تقييمك لمواد قانون الجمعيات الأهلية الجديد والذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا؟
قانون الجمعيات الأهلية الجديد، جاء مرضيا من حيث المبدأ، وملبيًا لما يقرب من ٧٥٪ من مطالب المجتمع المدني، لا سيما أنه القانون الوحيد الذي أدير حوله حوار مجتمعي موسع، ضم كافة أنشطة المجتمع المدني (الخيرية والتنموية والحقوقية والمجتمعية، وغيرها) مع الحكومة، الذي استمر نحو ٦ سنوات، بداية من ٢٠١٣ في ولاية الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الأسبق، مرورًا بوزارة الدكتورة غادة والي في ٢٠١٦، التي شكلت لجنة الخمسة وخرجت بقانون توافقي نال رضاء المجتمع المدني والحكومة وتجاهله البرلمان، ولم ينقطع الحوار حتى ٢٠١٩ بعد الرفض العام لقانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧، الذي عُرف بقانون «القصبي» والذي مرره البرلمان بين عشية وضحاها، وبشكل فاجأ الجميع، بعيدًا عن أصحاب الشأن سواء وزارة التضامن أو الجمعيات الأهلية، وادعوا أنهم أجروا حوارا مع ١٠٠ جمعية ومنظمة.

*لمن كانت الغلبة في جلسات الحوار المجتمعي المشترك بين الجمعيات الأهلية والحكومة؟
كان المجتمع المدني الضاغط والأكثر تأثيرًا، لا سيما وأن الحوار قُسم على ٧ جلسات، شارك فيها مختلف الجمعيات على مستوى الجمهورية بمختلف أنشطتها، وبخاصة أن الوزارة قسمت المحافظات إلى قطاعات لتحاور الجميع.

*من وجهة نظرك.. ما أبرز الإيجابيات في قانون الجمعيات الأهلية الأخير؟
مواد القانون الجديد تضمنت العديد من الإيجابيات، أهمها تسجيل الجمعية بالإخطار، كما نص الدستور، من خلال إثبات الشخصية المعنوية للجمعية، والتعريف بنشاطها، ومن حق وزارة التضامن خلال ٦٠ يومًا من تقديم أوراق تسجيل الجمعية، رفض طلب المنظمة إذا كانت نشاطها يخالف النظام الأساسي، كونها ستمارس نشاطًا عسكريًا على سبيل المثال، ومن أهم إيجابيات القانون الجديد أيضًا،أن وقف نشاط الجمعية أو المنظمة، أو حل مجلس إدارتها وفقًا لحكم قضائي وليس بقرار إداري من وزارة التضامن كما نص عليه القانون السابق ٧٠ لسنة ٢٠١٧، وأصبح من حق الوزارة تجميد نشاط الجمعية أو المؤسسة لمدة أسبوع، ويتجه الطرفان إلى القضاء، حتى يكون استمرار نشاط الجمعية أو إغلاقها بحكم قضائي ولأسباب قانونية، كما أعطى القانون الحق للمؤسسات في تأسيس شركات يذهب دخلها إلى المؤسسة، وكذلك حدد مدة ٦٠ يومًا لرد الوزارة على الموافقة أو رفض التمويل الأجنبي للجمعية وإن لم ترد يعتبر هذا موافقة.

*ما الامتيازات التي يقدمها القانون الجديد للمنظمات الأجنبية؟
القانون أعطى الحق للمنظمات الأجنبية في إنشاء منظمات إقليمية ودولية داخل مصر، وهو ما لم يكن متاحا من قبل، بينما كانت تتعامل هذه المنظمات بما يعرف بـ«اتفاقية المقر»، وسمح أيضًا أن يكون ٢٥٪ من أعضاء الجمعية أو المنظمة غير مصريين، بل ولها الحق في فتح فروع أخرى في الخارج، وبالتالي من حق المنظمات والجمعيات الأجنبية المقامة حالا بالفعل توفيق أوضاعها وفقًا لمواد القانون الجديد.

*كانت هناك ثمة اعتراضات كبيرة على تشكيل الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية والمعني بالنظر في التمويل الأجنبي.. ماذا عنه في القانون الجديد؟
ألغي الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، والذي كان يتشكل من ٧ جهات، وكان يتبع رئيس مجلس الوزراء وفقًا لقانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧، حيث يتولى الجهاز البت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر، وكافة صور تعاونها مع المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية داخل البلاد، والتمويل الأجنبي للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية، والآن أصبحت الوحدة المركزية التابعة لوزارة التضامن هي المعنية بالموافقات بدرجتيها وفي بعض الأحيان وفقًا لنشاط الجمعية تكون الموافقات أيضًا إلى جانب التضامن من خلال الوزير المختص سواء كان وزير التعليم أو الصحة وخالفه.

*ماذا عن العقوبات السالبة للحريات في القانون الجديد؟
التشريع الحالي ألغي العقوبات السالبة للحريات -عقوبة الحبس- التي أقرها قانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧ المثير للجدل، واستبدلت بغرامة، فكيف لعمل تطوعي في الأساس أن يعاقب القائمون عليه بالحبس، إلا أن الغرامة تصل إلى نصف مليون جنيه، وهو ما يعد مغالاة في معاقبة الجمعية أو المنظمة.

*قلص قانون «القصبي» صلاحيات وزارة التضامن..هل أعاد التشريع الجديدة للوزارة اختصاصاتها التي أقرتها القوانين السابقة؟
بالفعل.. أعاد القانون الجديد لوزارة التضامن، اختصاصاتها بعدما قلص قانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧ حقها الأصيل في الموافقة على نشاط المنظمات الأجنبية والتمويل الأجنبية، فالتشريع الحالي ألغى الجهاز القومي، الذي كان يتكون من ٧ جهات للنظر في التمويل الأجنبي للمنظمات المصرية، أو السماح للمنظمات الأجنبية للعمل في مصر، وأصبحت هناك وحدة مركزية تابعة لوزارة التضامن فقط، هي المعنية بالموافقات، كما أعطى القانون حق الضبطية القضائية.

*ذكرت أن ٧٥٪ من مواد القانون لبت مطالب المنظمات، فما المتبقي في القانون وتحتاجه الجمعيات أو تعترض عليه؟
صحيح، هناك اعتراضات على قيمة الرسوم الخاصة بالتسجيل، أو توفيق أوضاع المنظمات القائمة، على أن تكون ٥٠ ألف جنيه كحد أقصى للمنظمات الأجنبية، و٢٠ ألف جنيه للمؤسسة، و٥ آلاف جنيه للجمعية المحلية، وكذلك اعتبار مال الجمعيات مالا عاما، وهذه مادة مخالفة لنص دستوري صريح، ويسهل إسقاطها أمام المحكمة الدستورية، وكذلك قيمة الغرامات الموقعة كما ذكرت سلفًا.

*أشرت إلى أن ما ينقص القانون من الممكن تداركه في اللائحة التنفيذية.. ما مدى إمكانية تحقيق هذا الأمر؟
نطالب أن يدار حوار مجتمعي آخر قبل إقرار اللائحة، فالشيطان يكمن في التفاصيل، فنحن بحاجة إلى تحديد إجراءات التسجيل والإخطار، وقبول الأوراق من قبل الوزارة وبعدها من الممكن التعاون مع المسئول القانوني للجمعية لاستكمال الإجراءات، كما نأمل أن تتضمن اللائحة تسهيلات لتوفيق أوضاع الجمعيات القائمة، وإجراءات الانتخابات، ولاسيما أن هناك ٥٧ ألف جمعية أهلية في مصر.

*ماذا عن موقف المنظمات الحقوقية التي رفضت الإشهار بموجب القوانين السابقة وقررت أن تعمل تحت مظلة «مكاتب محاماة»؟
أظن أن غالبية هذه المنظمات حقق لها القانون الكثير من المطالب، ولا مانع في أن تظل كمكاتب محاماة، ولكن لا بد أن تخصص مكانًا داخل المكتب تشهر عليه المنظمة، إذا أرادت أن تستمر في نشاطها المجتمعي المدني، وإلا تعرضت للمساءلة القانونية.

*برأيك.. هل إصدار القانون سيمثل بندًا أساسيًا تعتمد عليه الحكومة المقر أثناء عرض تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة نوفمبر المقبل؟
بالطبع، سيكون بندًا إيجابيًا عند عرض الحكومة المصرية لتقريرها ولاسيما أن قانون «القصبي» كان له صدى أممي سلبي، لكنني أرى أنه آن الأوان لإغلاق القضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١، المعروفة إعلاميًا بقضية «التمويل الأجنبي» من خلال توفيق أوضاع المنظمات المتهمة في القضية، من يقبل يغلق ملفه، وكذلك من يعلن أنه أنهى علاقته بالعمل الأهلي.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية