رئيس التحرير
عصام كامل

هل اغتصبت وزيرة السياحة اختصاص السلطة التشريعية؟


القرار التنظيمي الصادر عن وزيرة السياحة باعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة، صدر استنادا للفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1977، بتنظيم الشركات السياحية بما أجازته لوزير السياحة من وضع شروط معينة لمباشرة بعض الأنشطة المرخص بها، دون أي ذكر أو تحديد أو تنظيم لفرض أي مبالغ مالية أيا كان وصفها أو مسماها أو الغرض منها على متكرري العمرة خلال ثلاث سنوات وذلك التزاما منها.


وجاء قرار الوزيرة رغم اختصاص السلطة التشريعية وحدها بفرض الضرائب العامة، وبما أجازه الدستور للسلطة التشريعية بالنسبة لأي فرائض أو أعباء مالية أخرى - ومن بينها الرسوم التي تستأدي جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضا عن تكلفتها- بأن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها دون أن يكون هذا التفويض مطلقا، وانما مقيدا بالقيود التي حددها الدستور ذاته، وأخصها أن تكون في حدود القانون أي أن يحدد القانون حدودها وتخومها ويشي بملامحها مبينا العريض من شئونها.

وذلك يؤكد أن استحداث– وزيرة السياحة– بالقرار التنظيمي لهذا الفرض المالي المنقطع الصلة بأي دلالة لعبارة الفقرة الأخيرة من المادة الثانية أو أي من مواد القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية على أي تفويض تشريعي لأي فرض مالي مهدرا لحكم المادة 38 من الدستور، وما أوجبته المادتين 33 و35 من الدستور الحالي من صون الملكية الخاصة وحماية الدولة لها والذي يمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية، الأمر الذي يكون معه قرار وزيرة السياحة - مغتصبًا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية.

ويضاف إلى ذلك أن مذكرة الإدارة العامة للتفتيش السياحي بأن عدد المعتمرين يتم تحديده من قبل جمهورية مصر العربية ممثلة في وزيرة السياحة - منها عدد 400 ألف تأشيرة بنسبة 80 في المائة من بداية الموسم وحتى نهاية شهر شعبان وعدد 100 ألف تأشيرة نسبة 20 في المائة خلال شهر رمضان، وعدم السماح بترحيل التأشيرات غير المنفذة من حصة كل شركة إلى شهر رمضان، استنادا إلى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية..

مضافة بالقانون رقم 125 لسنة 2008 بما أجازته لوزير السياحة من وضع شروط معينة لمباشرة بعض الأنشطة المرخص بها، وقصر تطبيق هذا التحديد للحد الأقصى لعدد التأشيرات المستهدف تنفيذها على السياحة الدينية لأداء العمرة دون غيرها من صور السياحة الأخرى كالسياحة الترفيهية أو غيرها، يمثل إخلالًا جسيما بمبدأ المساواة أمام القانون الذي كفلته دساتير مصر المتعاقبة، وآخرها المادة 53 من الدستور الحالي، ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص، وينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما يمثل تمييزا تحكميا منهيا عنه دستوريًا.

وقرار وزيرة السياحة التنظيمي متعلق بالحق في الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وأن المشرع الدستوري بالمادة 64 من الدستور، وإذ أقر في إفصاح جهير بأن حرية ممارسة الشعائر الدينية حق وقصر تنظيم هذا الحق على القانون وحده، ولم يترك تنظيمه لأي أداة تشريعية أدنى كما لم يجز الدستور للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاع هذا الحق، ومن ثم فإن ذلك القرار يكون مغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية.

كما أن الحق في ممارسة شعيرة العمرة وما يرتبط به من حرية التنقل والحرية الشخصية يعد من الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن، والتي أوردها الدستور الحالي في باب الحقوق والحريات العامة بأنها لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية